المخطّط الإيراني لم يبدأ اليوم، ولم يبدأ بالتأكيد مع إعلان الخميني قراره بتصدير الثورة لاحتلال الدول العربيّة، ولم يبدأ مع تصريحات عدائية نسمعها من هنا وهناك أو كتلك التي نقلتها الأخبار عن علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني لشؤون القوميات والأقليات الدينية في كلمة ألقاها يوم السبت الماضي إذ قال:»عندما قتل الإيرانيون شقيق المأمون (الخليفة العباسي) الأمين (الخليفة العباسي) شقيق المأمون سحبوا السلطة من العرب إلى الأبد»!!
وسبق ليونسي أن أطلق في آذار الماضي تصريحاً مدوياً أعلن فيه أنّ»إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»!!
في مقالات لاحقة، سنتوقّف عن كل ما سمعناه يتردّد من هنا وهناك على لسان مسؤولين إيرانيين أو قادة في الحرس الثوري الإيراني ولكن؛ وفي ظلّ أنوار شهر ميلاد نبيّ العالمين ، نبيّ الرحمة، سيدنا محمد صلوات الله عليه، من واجبنا ودورنا أن نتوقف قليلاً لنلقي الضوء على هذا المخطط الإيراني والكراهية للعرب والإسلام، منذ ولادة سيدنا محمّدٌ رسول الله، صلوات ربّي عليه، بل منذ علامات مولده الشريف، ومن هنا سأبدأ..
قال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب ?»?هواتف الجان?»??:? حدثنا علي بن حرب، حدثنا أبو أيوب يعلى بن عمران – من آل جرير بن عبد الله البجلي – حدثني مخزوم بن هاني المخزومي، عن أبيه – وأتت عليه خمسون ومائة سنة – قال?: ?لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام?.? ?(?ج2 ص?: 232?)? .
وغاضت بحيرة ساوة، ورأى الموبذان إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادهم، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك، فتصبّر عليه تشجعاً، ثم رأى أنه لا يدّخر ذلك عن مرازبته، فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره، ثم بعث إليهم، فلما اجتمعوا عنده قال?:? أتدرون فيمَ بعثت إليكم?؟? قالوا?:? لا، إلا أن يخبرنا الملك ذلك?.
فبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب خمود النيران، فازداد غمّاً إلى غمّه، ثم أخبرهم بما رأى وما هاله، فقال الموبذان – وأنا أصلح الله الملك – قد رأيت في هذه الليلة رؤيا، ثم قصَّ عليه رؤياه في الإبل?.? فقال?:? أي شيء يكون هذا يا موبذان?؟ ?قال?:? حدثٌ يكون في ناحية العرب – وكان أعلمهم من أنفسهم – فكتب عند ذلك?:? من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أمّا بعد?:? فوجّه إليّ برجلٍ عالم بما أريد أن أسأله عنه، فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن نفيلة الغساني?.?
فلما ورد عليه قال له?:? ألك علم بما أريد أن أسألك عنه?؟? فقال?:? لتخبرني، أو ليسألني الملك عما أحبّ، فإن كان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلم?.? فأخبره بالذي وجّه به إليه فيه?.? قال?:? عِلْمُ ذلك عند خالٍ لي يسكن مشارف الشام، يقال له?:? سطيح، قال فاسأله عما سألتك عنه ثم ائتني بتفسيره?.?
فخرج عبد المسيح حتى انتهى إلى سطيح، وقد أشفى على الضريح، فسلّم عليه وكلّمه فلم يردّ إليه سطيح جواباً، فأنشأ ينشده أبياتاً مطلعها?:? «أصم أم يسمع غطريف اليمن/ أم فاد فاز لم به شأو العنن/ يا فاصل الخطة أعيت من ومن/ أتاك شيخ الحي من آل سنن» فلمّا سمع سطيح شعره، رفع رأسه يقول?: عبد المسيح على جمل مشيح، أتى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاسِ الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلاً صعاباً، تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلادها?.? يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاماً، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات، وكلما هو آتٍ آتٍ، ثم قضى سطيح مكانه.
فلمّا قدم عبد المسيح على كسرى أخبره بما قال له سطيح، فقال كسرى?:? إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكاً، كانت أمور وأمور، فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى خلافة عثمان رضي الله عنه?.??[ج/ 2ص 329?]? ورواه البيهقي من حديث عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، عن علي بن حرب الموصلي بنحوه?.? وكان آخر ملوكهم الذي سلب منه الملك يزدجرد بن شهريار بن أبرويز بن هرمز بن أنوشروان، وهو الذي انشق الإيوان في زمانه.