Site icon IMLebanon

موقف إيران من إسرائيل في قلب مفاوضات فيينا!

نظام الولي الفقيه في إيران، متردد وقلق وحذر الى درجة الخوف من الانتقال من حالة الثورة الى حالة الدولة. في الواقع، الأمر ليس سهلاً ولا بسيطاً. لكل حالة مساراتها وشروطها ووسائلها وخطابها. بعد 38 عاماً من الثورة، تصبح حتى العادة في التعامل طبيعة ثانية، خصوصاً أن النظام صَعَدَ ونما وانتشر باستثماره الواسع والدقيق للخطاب الثوري داخلياً وخارجياً في وقت واحد.

المرشد آية الله علي خامنئي يقول: «القضية الفلسطينية هي الأولى بالنسبة الى العالم الإسلامي». هذا واقع وحقيقة. لذا لا يمكن تغيير نهج وممارسة من هذه القضية بين ليلة وضحاها«. «إيران الثورية«، بذلت الكثير واستثمرته في «الخطاب الجهادي» ضد إسرائيل خصوصاً في لبنان وغزة. هدفها كان دائماً «تحرير فلسطين من النهر الى البحر« على قاعدة أن «الثورة في إيران ثورة إسلامية لا شيعية ولا سنية«. في الواقع إيران – خامنئي دعمت من سار في نهجها وخطها وقاطعت المختلفين معها باسم الدفاع عن فلسطين. لذلك دعمت حركة «حماس» وقاطعت منظمة التحرير الفلسطينية بحجة توقيعها اتفاق أوسلو مع إسرائيل.

الاتفاق النووي فعل تغيير، وليس فقط «تصحير» النشاط النووي الموضوع في الخانة العسكرية لمدة تزيد على عقد كامل. المفاعيل السياسية لهذا التغيير بدأت تظهر. ليس صحيحاً أن المفاوضات بين الوزيرين جون كيري ومحمد جواد ظريف كانت فقط حول الملف النووي. هذا الملف متروك للخبراء والمختصين حكماً. بعض التفاصيل عما دار في عشرين جلسة من المفاوضات في فيينا وربما في مسقط، بدأت تظهر.

حسين شيخ الاسلام مستشار علي لاريجاني والسفير السابق في دمشق والمتشدّد «الثوري» قال: «تعرضت طهران خلال المفاوضات الى مطالب سياسية منها قطع العلاقة مع المقاومة وملفات مرتبطة بسوريا واليمن». أضاف: «صارحتنا القوى في مجموعة خمسة+واحد. أن سبب ضغطها علينا هو موقفنا من إسرائيل».

سؤال طبيعي ومنطقي وواقعي: هل أن استقبال طهران أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية في المنظمة، ولقاءه مع الرئيس حسن روحاني وتسليمه رسالة من الرئيس محمود عباس تمهيداً لزيارته طهران في الخريف القادم، جزء من الانفتاح على مسار التغيير؟ منذ استقبال طهران للرئيس الشهيد ياسر عرفات حتى هذا اللقاء، رفضت طهران دائماً استقبال أي عضو من حركة «فتح» أو من السلطة الفلسطينية، فما الذي تغيّر حتى تغيرت المواقف وسقطت الحواجز؟

طهران ردت على هذه التساؤلات بالقول: «لا فرق بالنسبة لإيران في هوية الفلسطيني سواء كان فتحاوياً أو حمساوياً أو جهادياً.. إن بوصلة إيران هي مبادئ المقاومة وليس الفصيل». فإذا كانت هذه هي البوصلة الإيرانية فلماذا لم تتحاور وتستقبل وتتعاون مع حركة «فتح» حتى اليوم؟ ولماذا عاقبت «حماس» وقطعت عنها المساعدات بعد أن وقفت ضد الرئيس الأسد مع أنها لم تغير موقفها حتى الآن من إسرائيل والمقاومة؟

حسين شيخ الاسلام برر قطع المساعدات عن «حماس» بـ»الضائقة المالية نتيجة للمقاطعة التي أدت الى تقليص الدعم«. وهنا من الواجب السؤال، لماذا لم تؤثر الضائقة المالية على دعم إيران لـ«حزب الله» والأسد؟

الأهم من ذلك، أن شيخ الإسلام يعبّر في العمق عن إحراج «خط الثورة»، من التحول الذي من أولى خطواته، التعامل مع حركة «فتح» والرئيس محمود عباس فيقول «إن الإعلان عن زيارة محمود عباس لطهران كذب». في حين أن «الدولة» الإيرانية رحبت بزيارة مجدلاني وتسلم روحاني «الرسالة» تمهيداً لزيارة أبو مازن الذي لن يتخلى حكماً عن اتفاق أوسلو، في وقت تكاد تنتهي فيه المفاوضات بين إسرائيل وحركة «حماس» تحت رعاية الرئيس التركي الطيب رجب اردوغان.

لا شك أن التبديلات في المنطقة مهمة وسريعة لكنها لم تستقر بعد. المؤكد أن إيران والمنطقة ما بعد الاتفاق النووي غير ما قبله…