IMLebanon

الرد الإيراني على عملية «عاصفة الحزم» مستبعد في لبنان لإعتبارات عديدة

الرد الإيراني على عملية «عاصفة الحزم» مستبعد في لبنان لإعتبارات عديدة

يضرّ بوضعية الحزب ولا يؤثر على مجرى العملية العسكرية ضد حلفاء إيران باليمن

توقعت المصادر السياسية أن تقتصر ردّات فعل اللبنانيين على العملية العسكرية في اليمن على استمرار تباين مواقف الأطراف السياسيّين منها

استبعدت مصادر سياسية بارزة أن تعمد إيران للرد على عملية «عاصفة الحزم» داخل لبنان من خلال ذراعها «حزب الله» إن كان بتحريك وتوتير الوضع الأمني الهش أساساً بفعل الانقسام السياسي وتداعيات مشاركة الحزب بالحرب الى جانب نظام بشار الأسد، أو بتأجيج المناخ السياسي الراكد نسبياً في الوقت الحاضر، إو إعادة إشعال جبهة الجنوب مع اسرائيل من جديد لتوجيه الانظار باتجاه الصراع العربي – الاسرائيلي كما كانت تفعل من وقت لآخر حسبما كانت تتطلب مصالحها وخططها الاقليمية والدولية، لأن أياً من هذه الخيارات قد لا تكون متاحة في الوقت الحاضر، أو لا تحقق الغاية منها وتتعارض مع وضعية الحزب ومصالحه.

وفي اعتقاد المصادر السياسية أن «حزب الله» لا مصلحة له بتوتير الأوضاع الأمنية في الداخل اللبناني كما كان يفعل في مرات عديدة من قبل، لأنه ببساطة يشل الوضع السياسي ويعطل انتخابات رئاسة الجمهورية بقوة سلاحه غير الشرعي ويستغل هيمنته على مفاصل الدولة ومقدراتها لينصرف لعبور الحدود اللبنانية – السورية مخالفاً الدستور والقوانين ليقاتل إلى جانب نظام الرئيس بشار الاسد ضد الشعب السوري بلا حسيب أو رقيب أو أي مساءلة من أي نوع كانت.

ولذلك، فإن الوضع الأمني المستتب نسبياً في الوقت الراهن يريح الحزب في حين أن تجربة اللعب بالوضع الأمني كما كان سائداً أيام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي كادت تفلت الأمور من عقالها وخصوصاً بعدما استطاعت التنظيمات الارهابية اختراق الساحة اللبنانية ونفذت العديد من التفجيرات الارهابية وصلت إلى عقر دار نفوذ وهيمنة الحزب في الضاحية الجنوبية والعديد من القرى والبلدات البقاعية المحاذية للحدود اللبنانية – السورية.

وتعتبر المصادر السياسية أن تأجيج الوضع السياسي أو اتباع أساليب التوتير والهيمنة المعهودة لتحقيق مكاسب سياسية أساسية، إن كان في مسألة فرض رئيس للجمهورية بالقوة وخلافاً لموازين القوى السياسية ولرغبة أكثرية الأطراف السياسيين كما أشار بذلك الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في إطلالته الإعلامية المستجدة مؤخراً، أو ممارسة أي نوع من الضغوطات لتغيير دستور الطائف الذي تم التوصل إليه برعاية سعودية كما تطرق الى ذلك أكثر من سياسي يدور في فلك الحزب، هو صعب المنال، أما الاصرار على الخوض فيه في هذا الظرف لم يعد ممكناً على الاطلاق بعد تبدل موازين القوى السياسية والعسكرية بفعل العملية العسكرية السعودية ضد مواقع الحوثيين الموالين لإيران في اليمن ومروحة التأييد العربي والاسلامي الواسعة للمملكة وأي إثارة لهذه المسألة الخلافية لن تحقق مبتغاه، والأجدى الابتعاد عن إثارة هذه المسألة، لا من قريب ولا من بعيد، إلا إذا كان الهدف من ذلك تسديد فواتير للقيادة الايرانية وإظهار مدى تأثير ونفوذ أدواتها في لبنان وإبقاء الوضع السياسي متأرجحاً وغير مستقر.

أما مسألة استعمال الجنوب وإعادة تحريك الجبهة الهامدة حالياً من جديد باتجاه الصراع العربي -الاسرائيلي وتعريض لبنان للاعتداءات الاسرائيلية لإرباك التحالف العربي والإسلامي مع السعودية حالياً، فدونه عقبات عديدة حسب اعتقاد المصادر المذكورة على اعتبار أن إشعال جبهة الجنوب يخضع لمعادلات محلية وإقليمية ودولية وأي تخطي لهذه المعادلات أو المحاذير من أي طرف كان، يبدو صعباً مع اقتراب التوصّل لاتفاق بين الدول العظمى وإيران حول الملف النووي، لأنه ليس من مصلحة إيران تعريض التوصّل إلى مثل الاتفاق المرتقب لأي مخاطر، الا إذا تعثر الوصول إلى هذا الاتفاق بفعل الانقسام السياسي الأميركي بخصوصه واستمرار المعارضة الشرسة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ضده.

وتوقعت المصادر السياسية البارزة ان تنعكس تطورات الأوضاع العسكرية في اليمن مزيداً من الجمود على الواقع السياسي الداخلي واستمرار الدوران في حلقة مفرغة بالنسبة لانتخابات رئاسة الجمهورية وإطالة أمد الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية بانتظار انقشاع آفاق الحرب الدائرة هناك ونتائجها السياسية، لأن ردود الفعل الأوّلية لإيران وحليفها «حزب الله» بالداخل اللبناني لا تبشر بإمكانية إعادة النظر بنهج تعطيل الانتخابات الرئاسية قسراً، بل بالامعان في السير قدماً بهذا النهج من خلال ما أعلنه الأمين العام للحزب بهذا الخصوص، وهو ما يعني ان امام اللبنانيين مرحلة جديدة من الانتظار لا يمكن معرفة مداها وهي مرتبطة حتماً بما ستسفر عنه حرب اليمن ونتائجها وانعكاساتها على مواقف الدول المعنية وتحديداً منها إيران.

وتوقعت المصادر السياسية ان تقتصر ردّات فعل اللبنانيين على العملية العسكرية في اليمن على استمرار تباين مواقف الأطراف السياسيين منها، بين مؤيد لها وداعم وأطراف معارضة ورافضة وهو ما حصل منذ انطلاق العملية قبل عدّة أيام، واستبعدت ان تتطور إلى اشتباكات سياسية محمومة مع اصرار كل الأطراف سراً وعلانية على مواصلة الحوار القائم بينهم مهما تباينت مواقفهم بشأن ما حصل باليمن وغيرها، ولوجود إرادة محلية ومظلة إقليمية ودولية تدعم الاستقرار واستتباب الأمن في لبنان وابقائه محيداً عن حروب المنطقة والحرب السورية تحديداً، الأمر الذي يطمئن اللبنانيين بعدم حصول أي ردّات فعل مأساوية للعملية العسكرية الجارية ضد اليمن حالياً، وإبقاء الخلافات محصورة بالجانب السياسي فقط، مهما تفاعلت المواقف بخصوصها لأن مصلحة الجميع بالحفاظ على الهدوء والاستقرار الأمني.