عن سؤال: ما هي الأعمال المهمة التي قام بها رئيس حكومة العراق حيدر العبادي؟ أجاب المسؤول نفسه في “إدارة” مهمة داخل الإدارة الأميركية الذي يتابع شؤون العراق بانتظام، قال: “أنجزت حكومته مشروع قانون الموازنة العامة وأحالته إلى مجلس النواب. مشروع قانون “الحرس الوطني” أنجزته الحكومة أيضاً وأحالته إلى مجلس النواب. اتفقت مع الأكراد على حلّ المشكلات معهم المتعلقة بالنفط والموازنة. وهو يحاول تنفيذ التزاماته وتعهداته. وفي الداخل خلق مناخاً وطنياً أي غير مذهبي. الوزراء السنّة في الحكومة عادوا عن مقاطعتهم لها. والمرجع الديني الشيعي آية الله السيستاني يقوم بدور جيِّد وكان قام بأكثر من دور جيد في السابق. وعندما قال البعض إنه أفتى بإنشاء الميليشيات التي هي مصدر شكوى أساساً قال: أنا دعوتُ العراقيين من كل الفئات إلى القتال مع الجيش أي إلى الانضمام إليه. ولم أفتِ بإنشاء ميليشيات طائفية ومذهبية (كان ذلك بعد اجتياح “داعش” قسماً مهماً من مناطق السنّة في العراق)”. علّقتُ: أنا معك في أن الدكتور حيدر العبادي رئيس الحكومة إنسان جيد. لكن هل هو قادر على فعل كل ما يريد؟ الجميع يعرفون أنه عضو في “حزب الدعوة” وشيعي طبعاً، لكنه ليس من الذين ذهبوا إلى إيران هرباً من صدام حسين ونظامه بل إلى بريطانيا. ولم تكن إيران متحمسة لترئيسه حكومة العراق لأنه لم “يتدرّب” على يديها ولم يصبح جزءاً من فريق عملها كالكثيرين داخل “حزب الدعوة” وخارجه. وقد بقيت إلى آخر لحظة متمسِّكة بعودة نوري المالكي إلى رئاسة الحكومة. لكن إصرار السيستاني وتهديده بمواجهة “المرجعية” للمالكي علانية في حال عودته جعلا إيران تعدل عن هذه العودة. لكن هل يستطيع العبادي ورغم ذلك كله مواجهة ما تريده إيران أو المالكي أو غيره؟ معلوماتي أن مشروع قانون “الحرس الوطني” الذي وافق عليه مجلس الوزراء بعد مناقشته لم يُحَل إلى مجلس النواب إلاّ بعد تعديل بنود فيه على نحو يقلق السنّة بل يخيفهم. وهذا التعديل حصل “على الطريق” إلى مجلس النواب ولم يعرف به العبادي على الأرجح. وقد دفع الوزراء السنّة إلى مقاطعة الحكومة أسابيع عدة. ردّ: “من جهة أنت محقّ. لكن العبادي مستمر في خطِّه الجيد. طبعاً هو لا يستطيع إعادة مشروع قانون “الحرس الوطني” إلى مجلس الوزراء لتصحيحه. لذلك شُكِّلت لجنة نيابية مهمتها إجراء التصحيح وإعادة المشروع كما كان. طبعاً سيكون العمل أكثر صعوبة وقد يأخذ وقتاً أطول، لكن السعي مستمر. وفي موضوع تهديدات أكراد العراق (البرازاني) بسبب الخلاف على النفط مع الحكومة المركزية أقول إن هؤلاء لا يصدِّرون إلا كميات قليلة منه”.
بعد ذلك، جرى حديث عن شيعة العراق وآخر عن عراقية العراقيين سنّة وشيعة وأكراد وغيرهم وعن إعادة العراق دولة واحدة. وبدا لي أن المسؤول الأميركي الذي أحاوره مقتنع بذلك، فعلّقت: شيعة العراق عرب مثل سنّته، ولم يكونوا مغرمين بإيران. وعندما لجأوا إليها هرباً من صدام حسين وظلمه “تبهدلوا” فيها وشعروا بالإذلال، وذلك استناداً إلى أقوالهم. لكنها آوتهم وحمتهم ودرَّبتهم وسلَّحتهم وموَّلتهم ومكَّنتهم من العودة إلى بلادهم “أسياداً” إذا جاز التعبير على هذا النحو. إلى ذلك، الصراع الذي يدور الآن في العراق وسوريا ولبنان بل في العالم العربي والإسلامي هو مذهبي. ولم تعد العروبة عاملاً مهماً فيه. ولذلك فإن شيعة العراق، ورغم رغبتهم الصادقة في عودة العرب (السنّة) إلى العراق (تمثيلاً ديبلوماسياً واهتماماً واستثمارات ومساعدات) والسعودية في مقدمهم، يخافون ولن يضعوا مصيرهم في يد هؤلاء، أي لن يتخلوا عن إيران التي ستبقى في اقتناعهم عمقهم الإستراتيجي. ولن يطعنوها في ظهرها. علماً أنهم سيحاولون استحقاق استقلالهم عنها. ولا يعني ذلك أن العراق سيتقسَّم، علماً أن ذلك احتمال لا يجوز إهماله. لكن الصيغة قد تكون الفيديرالية رغم أنها في العالم الثالث تقسيم مقنَّع. بعد ذلك، وجّهت السؤال الآتي: سمعت في واشنطن أن إيران تمنع الميليشيات من التعدّي عليكم في العراق، هل هذا صحيح؟ علماً أنها كلها وخصوصاً العسكرية منها نشأت بدعم وحماية إيرانيّيْن. أجاب: “ما سمعته غير صحيح. علماً أنني أوافقك الرأي في أن الميليشيات العراقية هي تحت تأثير إيران. ودور الأخيرة في العراق مُحيِّر فعلاً”. علّقتُ: تقول إيران أن الجيش العراقي الذي انهار في الموصل “أميركي”. علماً أنها هي مَن يشرف أو يسيطر عليه. بماذا ردَّ؟