Site icon IMLebanon

عرض المقايضة العراقي شيك بلا رصيد؟

 

إشكاليّات عدّة قد تطيح اقتراح مقايضة النفط العراقي بالصناعات اللبنانية في حال كانت زيارة الوفد العراقي الى لبنان جدّية في هذا الاطار، وليست مجرّد مواساة معنوية للحكومة اللبنانية بـ«السياسة».

تمّ الترويج لزيارة الوفد الوزاري العراقي الى لبنان، على انها زيارة تهدف الى توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات، لا سيما تفعيل التبادل التجاري والزراعي من خلال مقايضة النفط العراقي بالمواد الغذائية اللبنانية.

 

وأعلن الوفد العراقي، بعد أن زار كلّاً من رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري، انه مستعدّ لتشجيع اللبنانيين على الاستثمار في العراق من خلال إقرار مشاريع قوانين تسهّل تلك العملية، كإعفاء لبنان من دفع رسوم جمركية على المواد الزراعية والصناعية والغذائية التي يُمكن أن يستوردها العراق، وغيرها من مشاريع قوانين للتحفيز على الاستثمار الزراعي والصناعي داخل العراق.

 

إلّا انّ النقطة الاهم التي سلّط الجانب اللبناني الضوء عليها هي تبادل المشتقات النفطية من العراق مقابل تصدير لبنان صناعات غذائية وزراعية، مُتجاهلاً احدى أبرز الاشكاليات المطروحة في هذا السياق والتي تؤكد على عدم جدّية هذا الطرح، وهي انّ الدولة اللبنانية لا تملك فعليّاً ما يمكن أن تُقايضه مع العراق مقابل المحروقات، فالقطاع الخاص والصناعات الغذائية او الزراعية اللبنانية ليست ملكاً للدولة اللبنانية، وبالتالي لا يمكن للحكومة ان تقرر كيف تتصرف بها والى من تبيعها وكيف تسدد ثمنها، علماً انّ الدولة العاجزة عن تسديد المستحقات المتراكمة للمستشفيات والمقاولين لا يمكنها اليوم إجبار القطاع الخاص على بيع منتجاته لها بالليرة اللبنانية من اجل مقايضتها مع النفط العراقي، كما انّ القطاع الخاص اللبناني ليس على استعداد للتخلّي عن دولارات التصدير الى الخارج لصالح أموال وهمية في حسابات مصرفية مجمّدة لا يمكن إعادة استخدامها.

 

بالاضافة الى ذلك، كيف تطرح الدولة التي ترفع شعار تحويل لبنان الى بلد منتج من أجل رفع حجم الصادرات واستقطاب المزيد من العملة الصعبة، إمكانية المقايضة وهي بحاجة ماسة لكلّ دولار تساهم الصناعات المحلية في إدخاله الى البلاد؟

 

إشكالية اخرى تدلّ على انّ زيارة الوفد العراقي الى لبنان هي مسرحية سياسية اكثر منها اقتصادية، تتمثّل بكون لبنان والعراق بلدين مفلسين لا يملكان حتى كلفة سداد نقل النفط أو المواد الغذائية، في حال تمّت فعلياً أي عملية مقايضة بينهما.

 

امّا الاشكالية الثالثة فهي معارضة بعض الاطراف في العراق للنهج الذي تتّبعه الحكومة، حيث صرّحت عضو البرلمان العراقي ندى شاكر انّ «الخطوات العراقية باتجاه دول الجوار غير مدروسة، وتنمّ عن قصور في فهم الوضع الداخلي في البلاد»، موضحة أنّ «لبنان بلد منهار اقتصادياً، ولا نعرف جدوى التَوجّه إليه ومحاولة عقد شراكات معه، خصوصاً أنّ ما أشيع حول الزيارة أنها تهدف إلى مقايضة النفط العراقي بالمواد الغذائية، وكأنّ العراق لا تتوفر فيه أي دعائم لتطوير الإنتاج المحلي من المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية»، مطالبة حكومة الكاظمي بتقديم شرح حول ذلك.

 

كذلك سيصطدم طرح مقايضة النفط بالغذاء، بقانون قيصر الذي قد يعيق تطبيقه عملية الاستيراد والتصدير عبر الأراضي السورية.

 

صراف

 

حول إشكالية تسديد الدولة اللبنانية ثمن البضائع للمصدر اللبناني، أوضح رئيس اتحاد المستثمرين اللبنانيين جاك صراف لـ«الجمهورية» انه يُصار الى خَلق غرفة مقاصّة لدى مصرف لبنان ويتم إنشاء حساب مقايضة بين الدولة اللبنانية والعراق. وبما انّ المستورد العراقي لن يقوم بتسديد ثمن البضائع الى التاجر اللبناني مباشرة، سيكون على الدولة اللبنانية تسديد قيمة تلك الصادرات للتاجر اللبناني وبالعملة الصعبة، من الاموال التي كانت تنفقها الدولة لشراء المحروقات والبالغة بين 2 الى 3 مليارات دولار سنوياً.

 

وفيما أشار الى انّ صادرات لبنان الى العراق لا تتعدى 500 مليار دولار سنوياً، اعتبر انّ المصدّرين اللبنانيين سيستفيدون من عملية مقايضة النفط بالصناعات اللبنانية، من ناحية رفع حجم صادراتهم الى السوق العراقية التي تستورد ما قيمته 7 الى 8 مليارات دولار من ايران وما بين 7 الى 9 مليارات دولار من تركيا. كما لفت الى انّ التسهيلات التي سيمنحها العراق من ناحية تأجيل الدفع 6 أو 9 أشهر بعد استلام المحروقات، يَصبّ في مصلحة المصدّرين لأنهم سيصدرون كميات أقلّ من الكميات المستوردة من العراق.

 

في المقابل، شدّد صراف على انّ الاشكالية التي تواجه المصدّرين اللبنانيين الى العراق هي إلغاء اتفاق التجارة البينية العربية مما بات يفرض دفع رسوم جمركية على الصادرات اللبنانية الى العراق، في حين انّ السلع المستوردة من العراق الى لبنان مُعفاة من ايّ رسم جمركي. كما اشار الى كلفة النقل المرتفعة بعد تعذّر التصدير بَرّاً عبر الاراضي السورية، ممّا بات يحتّم التصدير عبر مرسين التركية أو عبر البصرة، ما رفع كلفة الشحن الى 8 آلاف دولار للحاوية الواحدة.