Site icon IMLebanon

معنى توجّه العراق نحو الخليج

 

بينما يتم اقتراح العراق سوقاً للمنتجات اللبنانية في مشروع الاقتصاد الجديد المتجه شرقاً، تجهد حكومة بغداد في البحث عن مصادر لتأمين رواتب موظفيها من بلدان الخليج العربي. فالعراق، هذا البلد الغني بشعبه وثرواته النفطية والزراعية، جرى تدمير مؤسساته على يد الغزو الأميركي لتتسلم أشلاءها ايران ثم لتنقض عليها مشاريع “داعش” التخريبية، ليجد نفسه الآن عاجزاً عن دفع رواتب الموظفين.

 

وبعد معاناة طويلة استمرت سنوات، أمعنت ايران خلالها في مصادرة ثروات بلاد الرافدين، وجعلتها منفذاً وسوق صرافة للإلتفاف على العقوبات الدولية، وتحكّم انصارها بالثروات نهباً وفساداً، عاد العراق في ظل حكومة الكاظمي للبحث عن مخارج في المكان الطبيعي: العمق العربي.

 

وكان غريباً الّا تتوجه حكومة بغداد شرقاً حسب النظرية الممانعة التي ينشط أنصار “الإقتصاد المشرقي” في الترويج لها عبر المنابر البيروتية. فهي لم تقصد ايران لطلب الدعم، كما انها لم تقصد غرب آسيا “الإيراني” سعياً للإنقاذ، بل توجهت الى امتداد العراق التاريخي الطبيعي في دول الخليج العربية، وجال وزير المالية علي علاوي الاستاذ السابق في جامعة برنستون الاميركية المرموقة على السعودية والكويت والإمارات طالباً دعماً مالياً عاجلاً لتمكين حكومته من الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها في ظروف انهيار سعر النفط وضغوط وباء كورونا وبعد سنوات الهدر والسرقة على أعلى المستويات.

 

ليس الدعم المالي العاجل وحده هدف الجولة الوزارية العراقية. فالعراق بعد تجاربه القاسية السابقة يسعى الى إعادة وصل ما انقطع في علاقاته العربية وهو يأمل بعودة مكثفة للاستثمارات الخليجية وبإعادة جدولة ديونه للكويت، ويرى في ذلك مدخلاً للخروج من الأوضاع التي يتخبط فيها وأدت الى انتفاضة تشرين المستمرة والتي سعت ايران وأنصارها بكل عزم لإنهائها وضربها.

 

بين لبنان والعراق الكثير من أوجه الشبه في ما يتعلق بالضغوط السياسية ومحاولات الشد والجذب. والغريب الّا يجرؤ مدّعو الإنقاذ في لبنان على ولوج أبواب الخلاص مباشرة، فيختفون وراء نظريات أسقطها اصحاب الأسبقية في الالتحاق والرضوخ. ولعل تجربة العراق المفتوحة أمامنا توضح لمن يبحث عن حلول، حقيقة أوضاع السوق العراقية، وأين يبحث العراقيون عن أسواقهم.