Site icon IMLebanon

“العراق أولاً”… متى لبنان؟

 

كيفما قلَّبنا نتائج انتخابات العراق لا فرار من واقعة ان ما جرى الأحد هو استفتاء شيعي على دور ايران يدفع الى الأمل في أن تُراجع سياساتها تجاه دول الجوار وبينها لبنان.

 

لا أوهام في أن العراق سيبقى حتى إشعار آخر في الفلك الايراني. فالرابحون الأساسيون أصدقاء تاريخيون لـ”الجمهورية الاسلامية”، لكن الفرق شاسع بين “التيار الصدري” الفائز الأكبر ممثلاً للوطنية الشيعية (74 مقعداً)، وبين “الفتح” المتراجع دراماتيكياً (14 مقعداً) الذي يجمع ميليشيات الجمهور الولائي لطهران.

 

يمكن للناطقين بلسان “حزب الله” في لبنان تفسير الهزيمة الايرانية في انتخابات العراق بعدة اتجاهات. بعضها مضحك كأن توضَع في إطار تفاهم مسبق لمواكبة الحوار السعودي – الايراني الآخذ في تحقيق بعض الانجازات، وبعضها متذاكٍ كأن يعتبر السلطة الايرانية والداً حانياً يسمح بالهوامش ليضم في آخر الأمر الجميع تحت سقف “البيت الشيعي” حتى ولو كان متعدد المنازل والنزعات.

 

لكن ما يغفله هؤلاء هو ان العراقيين الشيعة، حتى حين صوتوا لكتلة نوري المالكي (37 مقعداً) التابع بلا لبس لطهران، اختاروا الدولة وليس الميليشيات، وارتضوا رمز الفساد على فقدان الأمن والأمان.

 

تهمُّنا انتخابات العراق لأنها تُبلغ اصحاب النزعة الامبراطورية الايرانية المتباهين بالسيطرة على أربع عواصم وانشاء خمسة جيوش لخدمة “الحرس الثوري”، أن “لا شجرة وصلت الى خالقها”، وأن التمدد المبني على باطلِ إلغاء حدود وتطويع دساتير وفرض سياسة التدخل عبر اختراق نسيج المجتمعات والتلاعب بالتوازنات والخصوصيات، لن يصل الى مبتغاه، والدليل أن العراقيين الأكراد صوتوا لحزب بارزاني وليس للطالبانيين حلفاء طهران، وأن الاسلام السياسي السني الذي رعته ايران مني بخسارة مؤلمة فيما تتنازعه الولاءات التركية والقطرية ولم يعد حصاناً رابحاً في مواجهة أكثرية السنة المتمسكة بعروبتها وعلاقاتها مع محيطها العربي الخليجي.

 

لـ”حزب الله” في لبنان أن ينتبه الى ان نظيره العراقي لم يفز سوى بنائب واحد فيما فاز “تشرينيو” الثورة بأكثر من 30 مقعداً، منها خمسة مقاعد علمانية في النجف حظيت بمباركة مرجعية السيستاني. صحيح ان لبنان ليس العراق لكن ايران هي هي، وكذلك ايديولوجيتها والأحزاب التي تنشئها وتغذيها، وما انفكاك الأكثرية عنها عبر النتائج الصادمة والمقاطعة الكثيفة للانتخابات، حيث ذكر ان رقم 41 في المئة للمشاركين هو اكبر بكثير من الحقيقة، الا برهان على أن الشعب العراقي اكتفى من الهيمنة الايرانية بعدما انتهى من الاحتلال الأميركي، وأن شعار “العراق أولاً” هو البديل الفعلي عن الميليشيات والطريق الى خروج البلاد من بؤرة الانقسامات المذهبية والفساد.

 

الهيمنة ليست قدَراً في العراق، فمتى يأتي دور لبنان؟