كتبنا البارحة عن الزيارة التي قام بها دولة الرئيس نبيه بري الى العراق تحت شعار «استعادة العراق الى الحضن العربي»، وكما قلنا فإنّ الشيعة العراقيين هم عربٌ أقحاح، والمرجعية الشيعية الأكبر في العراق هو آية الله السيستاني ثم الحكيم والصدر قالوا إنه لا يجوز أن تتدخل إيران في شؤون العراق لا سياسياً ولا أمنياً، وتمتنع عن دعم الميليشيات الشيعية مالياً وعسكرياً… فالعراق هو عربي ويبقى عربياً… وقد كرروا هذا القول أمام الرئيس الايراني روحاني خلال زيارته الأخيرة الى العراق.
ويشار الى أنّ المملكة العربية السعودية فتحت حدودها مع العراق أيام حكومة حيدر العبادي وزارها وزير الداخلية العراقي محمد الغبّان، وهي الزيارة الأولى منذ سنوات طويلة.
وفي سياق مواز يشار الى القمّة الثلاثية التي عقدت في القاهرة قبل أيام وضمت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الاردن عبدالله الثاني ورئيس وزراء العراق عادل عبدالمهدي… علماً أنّ مشاركة عبدالمهدي في القمة ذات أهمية كونها أول زيارة له الى خارج العراق بعد توليه رئاسة الحكومة مما يعكس «الاهتمام البالغ الذي توليه مصر لعلاقتها مع العراق» كما قال الرئيس السيسي مستعيداً «العلاقات التاريخية والأخوية التي تربط بين البلدين منذ قديم الأزل»… وهو تعبير أبعد مدى من أي تعبير آخر، خصوصاً أنّ السيسي شرحه وأرجع هذه الخصوصية الى «حقائق الجغرافيا والتاريخ المشترك بحكم الإنتماء الواحد لأمتنا العربية والمساندة المتبادلة (بين البلدين) في الشدائد»، إقتناعاً من الرئيس المصري بأهمية لم الشمل والتضامن العربي والخلاصة التي توصل إليها الرئيس المصري هي أنه لمس «إرادة سياسية عراقية وحزماً حقيقياً(…) تجاه تعزيز العلاقات مع مصر وكل الأشقاء العرب وتطوير التعاون والتكامل…».
وبدا واضحاً أنّ ثلاثي مصر – الأردن – العراق حريص على إجراء اتصالات استراتيجية ذات صلة بتعزيز التعاون الثلاثي وتبادل المعلومات الامنية والبدء بمشروع ثلاثي لمواجهة التطرّف والارهاب».
واللافت أنه فيما القمة منعقدة كان يعقد على هامشها إجتماع خاص بين وزراء خارجية الدول الثلاث بحضور مدراء المخابرات…
ويبدو أنّ القمة تطرّقت الى مختلف القضايا على المستوى الثلاثي وأيضاً على مستوى ثنائي بدا بين كل ضلعين من أضلاعها الثلاث… إذ انّ العراق سيعيد النظر في دراسة الجدوى لمشروع خط النفط مع الاردن بشكل كامل، بهدف التأكد من تحقيقه أعلى منفعة إقتصادية، وأنّ بغداد تدرس حالياً تطوير المشروع بحيث يتم إيصال الخط الى مصر، بدلاً من انتهائه في العقبة، ما يجعل جدواه أكبر بالنسبة للعراق، وتفوق تلك المتوقع تحقيقها إذا ما توقف الخط في العقبة، ويتواصل الجانب العراقي مع مصر في هذا الخصوص…
وفيما تبدو واضحة رغبة كل من عمان وبغداد في الاستفادة من الثقل المصري يرى مراقبون كثر أهمية قصوى للوجود المصري في العراق لمساعدته على الانفتاح على محيطه العربي.
والاردن، بدوره، بحاجة الى دعم من مصر، وأيضاً من الشقيق – الجار العراق للتنسيق في مواجهة التسويات السياسية لقضية الشرق الأوسط فلا تأتي (إذا أتت) على حساب الاردن أو أي بلد عربي آخر.
والجدير ذكره أنّ الرابط الاقتصادي هو من أهم الروابط التي تمتّـن العلاقات بين الدول بالإضافة الى أن المصالح الاقتصادية إذا وجدت تزيد من تحسين العلاقات بين الدول.
إنها مرحلة عربية وإقليمية دقيقة جداً يجدر العمل عليها بهدوء وروية وحكمة، وهي مزايا معروف بها الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يملك من قدرات مصر وما يختزنه في شخصه الكثير مما يخوّله أن يؤدّي دوراً مهماً في مجال استعادة العراق الى محيطه وأهله وجذوره… وهي عودة الى الحضن الذي يجب أن يحتضن العائد!