أزمة الكهرباء التي يعيشها لبنان منذ بداية الحرب الأهلية عام 1975، التي بدأت كما ذكرنا مع بداية الحرب… وصلت عام 1989 الى ذروتها وذلك بعد تدمير معامل إنتاج الطاقة.. الى أن جاء المغفور له شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري حيث بنى معملاً في دير عمار يعمل على الغاز والفيول.. كما بنى معملاً آخر في الزهراني لزيادة الإنتاج.. ومعملاً ثالثاً في صور ومعملاً رابعاً في بعلبك.. وهكذا وفي عهد الرئيس رفيق الحريري بقيادة أهم مدير عام للكهرباء مهيب عيتاني الذي كافأه الرئيس اميل لحود بطل الرياضة وعرض الأجسام الجميلة وبطل السباحة الشتوية وملك المايوهات ذات الألوان الجميلة بالسجن. فلا أحد يريد أن يتذكر ذلك خاصة وأنّ الرئيس رفيق الحريري حلّ مشكة الكهرباء، هذا من جهة. ومن ناحية ثانية كان الشهيد يرغب بأن يحصل على الغاز من مصر، ومن أجل هذا عقد أكثر من اجتماع مع القيادة المصرية، ولكن للأسف عطلت سوريا المشروع لأنها لا تريد أن تسمح بحل مشكلة الكهرباء، ولأنها تريد أن تبيع الفيول «المغشوش» الذي تستخرجه وهو الأسوأ في العالم الى لبنان لأنه غير قابل للبيع ولا تقبل به أية جهة أخرى… وقد عقد اتفاق بين لبنان وسوريا ينص على أن يشتري لبنان الغاز من سوريا.. ومن أجل ذلك مدّ لبنان خطاً من دير عمار الى الحدود السورية، على أساس أنّ تمد سوريا خطاً من حمص الى الحدود… نفّذ لبنان ما عليه ومدّ الخط الذي كلفه 70 مليون دولار. لكن سوريا توقفت بحجة أنّ سوريا لم تستطع أن تستخرج كميات كافية للتصدير.
الزيارة التي قام بها اللواء عباس ابراهيم، مع الرئيس المستقيل حسان دياب الى العراق أثمرت كما يقولون اتفاقاً على إرسال مليون طن من النفط العراقي لمساعدة لبنان لتخفيف أزمة الكهرباء، وهذا عمل بطولي، يضاف الى الأعمال المفيدة الناجحة التي قام بها اللواء عباس ابراهيم وأهمها موضوع العمل على إطلاق سراح معتقلين وإنقاذ عدد كبير من المخطوفين، وملفات إنسانية شائكة..
من ناحية ثانية، نذكّر بتصريح أدلى به السيد حسن نصرالله يقول فيه: لماذا لا نشتري النفط من إيران وبالليرة اللبنانية؟
هنا لا بد من أن نسأل السيد: لماذا لا يكلّف جماعته بالاتصال بالإيرانيين والاتفاق معهم على شراء الكميّات التي يحتاجها السوق في لبنان وبالعملة اللبنانية، كما وعد سماحته والقضية سهلة، خاصة أنّ هناك بواخر تأتي وتفرّغ في سوريا ويمكن أن ترسل صهاريج لنقل البنزين والفيول من سوريا الى لبنان وتحل المشكلة.
وللعلم، يكفي أن نقول للسيد إنّ ملف الكهرباء ممسوك منذ إقالة الوزير جورج افرام عام 1993 من جماعة 8 آذار، أي من جماعته وحلفائه، أليْس هناك واجب وطني أن يساعد السيّد لبنان واللبنانيين على حل هذه المعضلة، علماً ان فاتورة الكهرباء منذ 15 سنة كلفت لبنان 56 مليار دولار.
فعلاً إيران من أكبر بلدان العالم تصديراً للنفط، وإيران تعاني من حصار اقتصادي حيث ان هناك عقوبات على بيعها للنفط… فالسؤال: لماذا لا ترسل البواخر الايرانية المحملة بالنفط الى سوريا، وأميركا لا تستطيع أن تفعل شيئاً بوجود روسيا وتفرغ البواخر الايرانية حمولتها في سوريا ويتم نقلها الى لبنان.
كذلك توجد في لبنان محطتان لتكرير النفط: الأولى في الزهراني وكانت مخصصة لتكرير النفط السعودي عبر لبنان ولكن سوريا وإسرائيل ضربتا الخط… ومنذ زمن بعيد هناك محطة لتكرير النفط في الزهراني تعطلت وأصبحت غير صالحة ولكن يمكن أن يُعاد تشغيلها، ما يوفّر المال الكثير على الخزينة.
وكذلك الحال في الشمال حيث كان العراق يضخ نفطه من خلال محطة التابلاين في طرابلس، وكانت هناك محطة لتكرير النفط يمكن أيضاً إعادتها..
باختصار، هناك سؤال يطرح نفسه: من يريد القضاء على لبنان؟ وهل صحيح اننا وصلنا الى مكان يمكن أن يؤدي الى زوال البلد؟
ملاحظة: بالنسبة للنفط العراقي هناك مشكلتان: الأولى ان «السّلْفر» عالٍ جداً ولا يمكن استعماله في لبنان لذلك فإنّ هناك اقتراحاً من وفد رجال أعمال لبنانيين يقضي بأن يباع هذا النفط الى دبي ونشتري بدلاً منه نفطاً وفيولاً صالحاً يُفرّغ في لبنان.
المشكلة الثانية هي مع سوريا.. إذ إنّ سوريا فرضت ضرائب عالية على البضائع التي تمر عبر أراضيها.. لذلك لو أردنا أن نستورد من غير سوريا فإنّ الكلفة ستكون باهظة جداً، وهذا يفرض على لبنان أن يُبْرم اتفاقاً خاصاً مع سوريا لحل هذه المشكلة.