Site icon IMLebanon

“الفيول” العراقي: ماذا طرأ على الملف؟ 

 

 

يقول المثل الشمعوني “اذا اردت ان تعرف ماذا في يجري في بيروت عليك ان تعرف ماذا يجري في بغداد”. امر ليس ببعيد عن الواقع وفقا للمسار التاريخي للاحداث في البلدين. وقد يكون من آخر الامثلة ملف الكهرباء، الذي فرضت عملية مكافحة الفساد في العراق ايقاعها على الملف في بيروت، من باب المصلحة اللبنانية في المحافظة على اتفاق الفيول مع بغداد.

 

واضح وفقا للمعطيات والدراسات التي اجريت سواء على الصعيد الداخلي او من قبل الجهات الخارجية، من ان المعامل الحرارية الموجودة قادرة على تأمين جزء اساسي من حاجة لبنان للطاقة الكهربائية، على ان تستخدم مصادر الطاقة النظيفة لتامين الجزء الاخر،(سجل لبنان رقما قياسيا عالميا في سرعة انتشار الطاقة الشمسية)، في حال اديرت بطريقة رشيدة وتم وقف السرقات والسمسرات، خصوصا في مجال صفقات المازوت والفيول اويل، التي كلفت الخزينة مبالغ طائلة وكان لها دور اساسي في الانهيار الحاصل.

 

في هذا الاطار بدا البحث عن آليات جديدة لتامين المحروقات اللازمة لتشغيل معامل الكهرباء بعد ان باتت تعمل بادنى طاقتها، بسبب عدم توافر الاعتمادات لتامين الفيول والمازوت اللازمين، وعجز شركة كهرباء عن تمويل مصاريفها، خصوصا ان العقود التي وقعت مع الشركة الجزائرية التي رست عليها المناقصات، اثارت الكثير من التساؤلات القضائية، ما ادى الى ازمة مع الجزائر، التي رفضت التعاون من جديد، قبل تراجع مدعي عام جبل لبنان عن اجراءاتها، ما دفع ببيروت الى التفتيش عن مصدر بديل حيث وجدت ضالتها في بغداد، التي لم تتجاوب الا بعد ان حصلت على ضوء اخضر اميركي وخليجي، بحسب مصادر واسعة الاطلاع.

 

غير ان التغيير الحاصل في العراق بعد وصول سوداني الى رئاسة الحكومة وحملة التطهير القائمة في اطار محاربة الفساد، والتحقيقات المفتوحة مع رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، قد فتحت العين على اتفاق الفيول الموقع بين العراق ولبنان.

 

ازاء هذا الواقع، وحرصا من لبنان في الحفاظ على ساعات التغذية المؤمنة ورفعها، بادرت الحكومة اللبنانية تجاه نظيرتها العراقية، املا في ازالة اي شوائب قد تؤدي الى الغاء اتفاقية الفيول بين البلدين، فبادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي طالبا الى نائب مدير عام امن الدولة العميد حسن شقير، اثارة هذا الملف، فضلا عن ملف اعفاء بعض البضائع اللبنانية من الرسوم الجمركية، مع المسؤولين العراقيين، على هامش “زيارته الامنية” الى العراق، وهو ما حصل بالفعل حيث نجح الاخير في احداث خرق كبير، اثمر زيارة ثانية برفقة وزير الطاقة، نتج منه سلسلة من التفاهمات والاتفاقات، ابرزها وضع آلية شفافة لادارة العملية بكاملها.

 

وتكشف المصادر ان بيروت كانت قد طلبت من الجانب العراقي ان يقوم بعملية “السواب”، الا ان الرئيس سوداني رفض الامر، معتبرا انه موضوع سيادي لبناني، متمنيا ان تجري تلك العملية وفقا للمعايير القانونية وبطريقة شفافة، وهو ما تعهد به الجانب اللبناني. كما علم انه من ضمن الآلية التي تم الاتفاق عليها، وضع نظام يسمح بتحديد مسار السفن التي ستنقل تلك الحمولات، ومعايير دقيقة لجهة تحديد دقيق للكميات التي سيتسلمها لبنان.

 

واشارت المصادر الى ان لبنان طلب زيادة كميات الفيول المسلمة، فكانت الموافقة العراقية برفع الكمية الى مليوني طن، على ان يسلم المليون الثاني كنفط خام، مقابل خدمات طبية وتعليمية وتجارية، ما سيسمح بزيادة ساعات التغذية الى خمس ساعات، اربع ساعات مؤمنة من الفيول العراقي، وساعة اضافية من تحسن الجباية.

 

ورات المصادر ان الدولة العراقية مستعدة لكل انواع التعاون والمساعدة في اطار الشفافية ومحاسبة الفساد التي اقرتها، وقد ابدت ارتياحها الى الاليات الجديدة التي ستتبع، ومنها على سبيل المثال،انشاء منصة الكترونية لعرض المنتجات اللبنانية من صناعية وزراعية ما يسهل عمليات التبادل والتعارف بين التجار في البلدين، فضلا عن بعض الاجراءات التي هي قيد البحث بين الطرفين.

 

وختمت المصادر، بان الكرة الان باتت في الملعب اللبناني، للاستفادة من الدعم العراقي المقدم وتطويره بما يتلاءم مع حاجات لبنان، الذي عليه ان يستفيد من تجاربه الماضية، خصوصا ان فريقه المفاوض قد حاز ثقة واعجاب الفريق العراقي، وفي مقدمته رئيس الوزراء.