مبدئياً، سيكون شهر أيلول مفصلياً في مسار الأزمة اللبنانية:
أولاً، نهاية هذا الشهر سيوقف مصرف لبنان الدعم المخصص للمشتقات النفطية نهائياً ليتحرر بذلك سعر المحروقات ويلهبها، ويخشى أن تكون هذه الخطوة مقدمة لفوضى شاملة قد تطيح بما تبقى من استقرار في البلد.
ثانياً، يفترض أن ينطلق التسجيل على المنصة الالكترونية الخاصة بالبطاقة التمويلية على أن تبدأ بعض القطاعات، ومنها قطاع موظفي الإدارة العامة والقوى الأمنية الاستفادة من دفعات شهرية، ولو أنّ وزارة المال ومصرف لبنان لم يحسما بعد عملة الدفع ولا كيفية تسييل حقوق السحب الخاصة بلبنان الآتية من صندوق النقد الدولي لتأمين تمويل البطاقة التمويلية.
ثالثاً، نهاية هذا الشهر ينتهي العقد الموقّع مع شركة “كارادينيز”، ما يعني حتمية مغادرة الباخرتين فاطمة غول واورهان بيه الشاطئ اللبناني بعد توقف معامل إنتاجها، مع العلم أنّ مستحقات الشركة التركية تجاوزت وفق بعض المعنيين الـ200 مليون دولار، من دون أن يتبيّن كيف ستسدد الدولة اللبنانية هذا الدين.
رابعاً، منتصف هذا الشهر يفترض أن تكون أولى شحنات الفيول العراقي قد بلغت لبنان لتغذية معامل انتاج الطاقة، وهي أربعة: معملا الزهراني ودير عمار القديمان ومعملا الذوق والجيّة الجديدان.
وقد أعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر أمس بعد اجتماع اللجان النيابية المشتركة التي أقرت اتفاقية شراء الفيول العراقي، التي تقضي بشراء مليون طن من النفط الاسود واستبداله بما يتناسب مع معامل الكهرباء اللبنانية: “وقّعنا عقداً مع العراق لشراء مليون طن من النفط الأسود واستبداله بكميات ملائمة لمعامل الكهرباء لدينا، ويمكننا شراء فيول Grade A للمعامل القديمة مثل الذوق وفيول Grade B مثل الباخرة ومعمل الجية”. وأضاف: “حضّرنا المناقصة وشركة إماراتية ستسلمنا شحنتين من الفيول تحتوي الأولى على 30 ألف طن ولا يمكننا تحديد موعد تسلّمنا إلا أنّها بين 5 و10 أيلول والشحنة الثانية تصل بين 10 و20 أيلول، وكميّة الفيول العراقي التي يمكن أن نحصل عليها ممكن أن تعطينا بين 4 ساعات و6 ساعات تغذية كهربائية يومياً إضافة إلى ساعتين إلى 3 ساعات من الفيول المتوفّر لدينا والذي ينفد في أيلول”.
ولكن هل يكفي تأمين الفيول لتأمين أربع إلى ست ساعات يومياً؟
في الواقع، إنّ معمليّ الذوق والجية متوقفان حالياً بسبب شكوى الشركة المشغلة لحاجتها إلى صيانتهما وتأمين قطع غيار وزيوت، حيث كان مصرف لبنان يرفض تأمين الدولارات الطازجة لتحالف شركات MEP/OEG/ARKAY الذي يؤمن عقد تشغيل وصيانة معملي المحركات العكسية في الذوق والجية، فيما انخفضت القدرة الانتاجية في معملي الزهراني ودير عمار حتى حدودها الدنيا، وتشغلهما شركة Primesouth، للسبب ذاته.
وقد أظهرت المشاورات مع هاتين الشركتين أنّ الأولى كانت تصرّ على حاجتها إلى خمسة ملايين دولار لإعادة تشغيل معمليّ الذوق والجية، وذلك لتأمين الزيوت وقطع الغيار والصيانة، فيما كانت الثانية تطالب بداية العام بحوالى 60 مليون دولار.
ويفيد المعنيون أنّ الاجتماع الذي عقد يوم السبت في 21 الشهر الماضي، في بعبدا لمعالجة أزمة المحروقات والذي أفضى إلى فتح حساب موقت لتغطية دعم عاجل للمحروقات من بنزين ومازوت وغاز بقيمة 225 مليون دولار، شمل مقدمي الخدمات (أربع شركات) وصيانة معامل الكهرباء، ليكونوا من ضمن الشركات التي ستستفيد من آخر الدولارات الطازجة التي يقدمها مصرف لبنان، مع العلم أنّ توقف المعامل العائمة التي تؤمنها شركة كارادينيز، يمكن تعويضه اذا ما تمّ تشغيل المعامل الأربعة (دير عمار والزهراني والذوق والجية)، وذلك لتأمين حوالى 1300 ميغاواط.
وفق المعنيين، إنّ وزير الطاقة لا يزال في طور التفاوض مع الشركات التي ستستفيد من الدولارات الطازجة شرط التزامها استمرارية العمل في المرحلة المقبلة، ولم يصَر إلى اتخاذ أي خطوة بعد، إلا أنّ السقف الموضوع من جانب الوزير يصل إلى حدود 25 مليون دولار، وذلك ربطاً بكلفة عقود المازوت والبنزين التي يتم تأمينها للسوق حتى نهاية شهر أيلول، كما ينصّ الاتفاق.