Site icon IMLebanon

درس العراق معلق فوق رأس لبنان

 

ليس من الصعب على مجلس الوزراء والمجلس النيابي سلق موازنة ٢٠١٨ بعد موعدها الدستوري تحت ضغط الحاجة. لكن من الصعب التصرّف كأن هذا مجرد استثناء من القاعدة في مسار السلطة الطويل. فنحن أسرى سياسة مستمرة على مدى سنين، ولو تغيّرت الوجوه: التأخر في معالجة القضايا الحيوية الملحّة وتسوية الأزمات، بحيث نصل الى خيار وحيد لا مهرب منه في النهاية. ولا فرق سواء كان الأمر ضمن خطة لفرض خيار وحيد له من يرعاه وينتفع منه أو مجرّد تراكم خلافات وأخطاء. أليس هذا مختصر مسلسل الكهرباء ومسلسل النفايات ومسلسل اللاموازنات بين العام ٢٠٠٥ والعام ٢٠١٧؟

لا بأس في ان نفترض ان وزارة الطاقة، بكل تاريخها، هي امرأة القيصر فوق الشبهات. ولا بأس في أن نتجاهل النقاشات التي دارت في مجلس الوزراء وملاحظات ادارة المناقصات ونعترف بالجهل حيال الحقيقة في السجال بين الذين يتحدثون عن صفقات مالية وفضائح والذين يتحدثون عن الشفافية في موضوع البواخر التركية. لكن قصة الكهرباء هي، في حدّ ذاتها، سواء كانت هناك صفقات أو لا، فضيحة كبيرة جدا. فماذا نسمّي عجز مؤسسة الكهرباء على مدى ثلث قرن بحيث وصل سنويا الى ٢١٠٠ مليار ليرة أي ٣٣% من أرقام الموازنة ومجموعه يساوي نحو ثلث الدين العام من دون أن نحلّ أزمة الكهرباء؟ وماذا نسمّي الاستهتار بأخطار النفايات والتهافت على المحاصصة واستمرار الخلافات حول الحلول العلمية السليمة؟

مفهوم ان السلطة حققت خطوة الى أمام بعد ١١ خطوة الى الوراء في مسألة الموازنة، ولو جاءت موازنة ٢٠١٧ بعد انتهاء العام وخالية من الاصلاحات. وها هي تتأخر في درس موازنة العام ٢٠١٨ ثم تهرول حاليا لانجاز الموازنة قبل مؤتمر سيدر – ١ للاستثمار. لكن الدرس العراقي معلّق فوق رؤوسنا.

ذلك ان العراق، بموارده المتعددة، أهمّ للمستثمرين من لبنان. وهو ذهب الى مؤتمر الكويت للمانحين والمستثمرين يطلب ٨٨ مليار دولار لاعادة اعمار المناطق التي تحررت من داعش، فحصل على وعود ب ٣٠ مليار دولار. والسبب ان رئيس الوزراء حيدر العبادي ذهب الى المؤتمر من دون موازنة، ولكن مع حمل ثقيل جدا: أحاديث ومعلومات في بغداد عن حجم هائل للفساد والصفقات وسرقة المال العام تصل تقديراته الى ٥٠٠ مليار دولار منذ الغزو الأميركي.

وليس قليلا حجم الفساد والصفقات وسرقة المال العام في لبنان منذ الطائف. وليس هذا مناخا جاذبا للاستثمارات التي تساهم في تنمية الاقتصاد المنتج، لا في لعبة إضرب واهرب في اقتصاد ريعي.