احتفالاً بالتسلم والتسليم الجديد في قيادة اليونيفيل، رفرفت فوق الساحة الخضراء في المقر العام للقوات الدولية في الناقورة، أعلام أربعين دولة تشارك في قوات حفظ السلام في بحر الجنوب وبره وجوه. سارية العلم التركي انتصبت عند الطرف. تتمدد الراية الحمراء على أجنحة الريح بافتخار، حتى نكاد ننسى أن تركيا سحبت قوتها وهجرت قاعدتها في الشعيتية واكتفت بابقاء 36 جندياً في المقر العام، خوفاً من استهداف جنودها في إطار تداعيات الأزمة السورية. بجانبها، أعلام دول أخرى سحبت قواتها أو خففت عديدها إما خوفاً أو توفيراً للنفقات. تتوالى عمليات التسلم والتسليم بين قائد لليونيفيل وخلفه، وهدوء الجنوب ثابت لا يتأثر وسط جحيم المحيط. هدوء لا يرتبط بوجود القوات الدولية في الأساس. الذكرى العاشرة لعدوان تموز 2006 خير دليل. مع ذلك، وجد قائد اليونيفيل المنتهية ولايته اللواء الإيطالي لوتشيانو بورتولانو في خطبة الوداع أمس بعد انتهاء ولايته لعامين متتاليين، أن «السلام الدائم بين لبنان واسرائيل هو الحل»، معرباً عن أسفه «لعدم التوصل لوقف دائم لإطلاق النار كما نص القرار 1701». ودعا «الطرفين» إلى التفاهم على السلام ومنع حدوث مشكلات «يسببها سوء فهم عند الحدود».
لم يحدد بورتولانو ما هو سوء الفهم؟. هل احتلال مزارع شبعا وكفر شوبا والخرق الإسرائيلي اليومي للبحر والبر والجو والإعتداء على الرعاة من دون رد فعل من اليونيفيل؟ أم القيام بعمليات جرف وتدشيم عسكري على الحدود بما يعني تغيير معالم الأراضي المحتلة بما يخالف القرار 1701؟ أو استمرار إغلاق الطريق بين الغجر والعباسية؟ لم يذكر بورتولانو أياً من هذا. اكتفى بذكر تفجير المقاومة لعبوة ناسفة بدورية معادية في مزارع شبعا المحتلة، ما يرجّح أن هذه العملية هي «سوء الفهم» الذي يتحدّث عنه الجنرال الإيطالي.
ولاية بورتولانو مرت من دون إنجاز مهم لمصلحة لبنان على غرار من سبقه. أمس انتقلت القيادة إلى الجنرال الإيرلندي مايكل بيري. للمرة الثانية منذ عام 1982، حين تولى الجنرال الإيرلندي وليم كالاهان القيادة. في عهده، وصل الإجتياح الإسرائيلي وطلائع قوات المارينز إلى بيروت. كأسلافه، يأتي بيري إلى الجنوب متسلحاً بتجربة طويلة في قوات حلف شمال الأطلسي، فضلاً عن مهمات في الجنوب إبان الإحتلال الإسرائيلي. شارك في عمليات الحلف في البوسنة والهرسك والعراق والصومال وأفغانستان وأوغندا. في خطابه الأول أمس في الناقورة، تنبه بيري لمرور «عشر سنوات على حرب 2006، دعونا نعمل معاً لضمان نشأة الأطفال في بيئة آمنة وسليمة».
للمرة الأولى منذ تعزيز اليونيفيل، تخرج قيادتها من نادي الدول الكبرى المساهمة بقواتها. الجنرال الفرنسي آلان بيلليغريني كان قائداً للطوارئ خلال عدوان تموز، خلفه ثلاثة جنرالات إيطاليين ورابع إسباني. وكان من المرجح أن يعين بان كي مون الجنرال الإسباني مانويل روميرو كاريل الذي شغل في وقت سابق، قيادة الوحدة الإسبانية والقطاع الشرقي في اليونيفيل. وكانت السفيرة الإسبانية ميلاغروس هيرناندو إيتشيفاريا قد عرضت على وزير الدفاع الوطني سمير مقبل دعم وصول روميرو. إذ إن الأمم المتحدة تستشير الدولة المضيفة بهذا الشأن.
احتفال أمس تقدمه مقبل وقائد الجيش جان قهوجي والنواب علي بزي وعبد المجيد صالح وأيوب حميد وتحدث فيه ممثل المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني ونائب وزير الدفاع الإيطالي جواكينو ألفانو ووزير الدفاع الإيرلندي بول كيهو وقائد أركانه الإيرلندي المساعد مارك ميلليت.