هل يعيد قرار العودة الى درس قانون جديد للانتخابات الدوران في الحلقة المفرغة اياها فيستمر التمديد لمجلس النواب حتى نهاية ولايته وتبقى الرئاسة الاولى شاغرة؟ واذا ما اقر هذا القانون، هل تتقدم الانتخابات النيابية على الانتخابات الرئاسية؟ وهو ما يدعو اليه العماد ميشال عون ظناً منه ان نتائج الانتخابات على اساس قانون جديد تأتي بأكثرية تضمن فوزه برئاسة الجمهورية، ام ان الانتخابات الرئاسية هي التي ستتقدم على الانتخابات النيابية لأن لها الاولوية بموجب الدستور على اي امر آخر؟
يبدو ان الرئيس نبيه بري عازم هذه المرة على حسم الخلاف حول قانون الانتخابات النيابية، فإما أن تتوصل اللجنة النيابية الخاصة الى اتفاق عليه فيعرض المشروع على الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشته واقراره، وإذا لم يتم التوصل الى هذا الاتفاق داخل اللجنة، فانه سيطرح عندئذ المشاريع المحالة على المجلس لتوافق الاكثرية على ما تراه الافضل منها. وقد لا ينتظر الرئيس بري مرور الوقت الذي يستغرقه بت مشروع قانون الانتخاب ليدعو الى انتخاب رئيس للجمهورية، انما سوف يكثف اتصالاته ومشاوراته مع مختلف الاحزاب والكتل توصلاً الى اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية لأن انتخابه له الاولوية على كل مشروع. وما أن يتم هذا الانتخاب حتى يكون مشروع قانون الانتخاب الجديد قد أقر وصار في امكان رئيس الجمهورية المنتخب تشكيل حكومة للاشراف على انتخابات نيابية او الاتفاق على ان تبقى الحكومة الحالية لتتولى ذلك، حتى اذا ما صار تأليف حكومة جديدة فان تأليفها يتم في ضوء تركيبة المجلس النيابي الجديد بحيث تنطلق عندها عجلة الدولة بكل مؤسساتها مطلع صيف 2015.
لكن التوصل الى ذلك يتطلب وضعاً عربياً واقليمياً ودولياً مساعداً، أو تفصل الأزمة اللبنانية عن أزمات دول المنطقة ولا يربط حلها بحل هذه الأزمات التي قد تطول ولا يقوى لبنان نظراً الى دقة وضعه على الانتظار، ذلك ان من اسباب تعثر الاتفاق على قانون جديد للانتخاب وعلى مرشح للرئاسة الأولى ارتباط الأزمة في لبنان بأزمات دول المنطقة ولاسيما في سوريا، فصراع المحاور هو وراء كل الخلافات الداخلية في لبنان، إذ إن كل محور يحرص من خلال قانون الانتخاب على أن يضمن الفوز بأكثرية المقاعد النيابية لمؤيدي محوره ليحكم لبنان بكل مؤسساته.
لذلك،ً فإن عدم التوصل إلى اتفاق على قانون جديد للانتخابات وعلى انتخاب رئيس للجمهورية يدخل في إطار الصراع الدائر في المنطقة وخصوصاً بين السعودية وايران، فكلما حصل تقارب بين هاتين الدولتين، اقتربت الاحزاب والكتل النيابية في لبنان من التفاهم على قانون للانتخابات وعلى انتخاب رئيس للجمهورية، وكلما استمر التباعد والجفاء بينهما انعكس ذلك سلباً على الوضع في لبنان وعلى العلاقات بين القوى السياسية الاساسية وحول مشاريع الانتخابات المقترحة لتصبح أشبه ببرج بابل.
الواقع ان الخلاف على قانون الانتخاب كان دائماً جزءاً من الصراع على المقاعد النيابية، وكان تقسيم الدوائر المشكلة الاساسية فيه، فتكبّر حيناً وتصغّر حيناً بحسب مصالح مرشحين معينين ولمعرفة النتائج قبل الانتخابات…
والاسئلة التي تظل مطروحة ولا جواب عنها بعد هي:
اولاً: هل يقع خلاف بين القوى السياسية الاساسية في البلاد حول اجراء الانتخابات النيابية على أساس القانون الجديد قبل الانتخابات الرئاسية، أم أن تجرى الانتخابات الرئاسية قبل النيابية ويؤدي هذا الخلاف إلى استمرار الأزمة؟
ثانياً: هل سيتم التوصل إلى اشراك اللبنانيين غير المقيمين في الانتخابات النيابية المقبلة، وهي مشاركة قد تغير ربما كثيراً من نتائج الانتخابات، وقد يكون هذا من أسباب تعثر إزالة الصعوبات بالنسبة إلى آلية اقتراع غير المقيمين، ومن هذه الصعوبات عدم إقبال غير المقيمين على تسجيل اسمائهم في البعثات الديبلوماسية، وعدم تأمين الكلفة المالية التي تتطلبها الحاجات اللوجستية ووسائل الاتصال والمكننة وموقف الدول المضيفة للبنانيين، وهل يتطلب ذلك مذكرات تفاهم بينها وبين لبنان؟
ثمة من يتهم وزارة الخارجية في الحكومات السابقة بالاهمال المتعمد وتقاعس السفراء عن تنفيذ القانون الذي ينص على إشراك اللبنانيين غير المقيمين في الانتخابات النيابية والتزام ما ورد في البيانات الوزارية في هذا الشأن.
ثالثاً: هل ستجرى انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في وقت واحد تحقيقاً للمناصفة بين المسيحيين والمسلمين والوفاق الوطني مع العلم أن اتفاق الطائف يلحظ انتخاب مجلس الشيوخ بعد انتخاب اول مجلس نيابي خارج القيد الطائفي.
لا بد بعدما صار التمديد لمجلس النواب من انتظار المواقف من كل هذه الامور لمعرفة ما إذا كان لبنان سيخرج من أزمته أم انه سيظل غارقاً فيها ويبقى خطر الفراغ الشامل مفتوحاً؟