IMLebanon

هل يستطيع حشدٌ شعبي فرض التغيير؟

عون يدقّ جرس التصعيد.. في الشارع

ماذا بعدما عرض العماد ميشال عون عضلاته الشعبية على طريق القصر الجمهوري في بعبدا؟

قرر عون فتح مرحلة جديدة من التصعيد السياسي تحت عنوان «التغيير أولاً.. ومن ثم الإصلاح»، وهذا يفترض، بالمنطق العوني، الذهاب الى مواجهة شاملة مع اولئك الذين أسقطوا الطموحات العونية، وساهموا في إخفاق كل محاولات الجنرال في السنوات الاخيرة تحسين مواقعه في السلطة، سواء في التعيينات، او في قيادة الجيش، او في رئاسة الجمهورية، او في المشاريع والخطط التي رفع لواءها، وعلى وجه الخصوص الكهرباء والنفط.

المعركة فُرضت على عون، يقول العونيون، وأملاها «رفض الآخرين الشراكة.. ومصادرة حقوق المسيحيين»، لكن المنطق المقابل يقول إنه لم يعُد لدى عون ما يخسره. خسر التعيينات وقيادة الجيش وتأخير تسريح صهره العميد شامل روكز… وأما رئاسة الجمهورية فغير مضمونة. ولذلك قرّر «معركة التغيير»، وهي معركة لن تكون سهلة، معتمداً فيها على الخيارات التالية:

ـ عبر قرار التعطيل الشامل. حكومة تمام سلام صارت معطلة بالكامل، وكذلك المجلس النيابي الممنوع أن يفتح أبوابه لا لتشريع الضرورة ولا لغير ذلك، واما الحوار الوطني فيبدو أن عون قد أخرجه من حسابه، لأنه «حوار طرشان»، ولأنه بات من الصعب على عون ان يجلس على طاولة واحدة مع من ينصبون له الأفخاح والكمائن.

ـ عبر قرار نقل المعركة من معركة رئاسة جمهورية الى معركة جمهورية، مع ما يعني ذلك من إمكان التوجه في فترة لاحقة إلى مؤتمر تأسيسي ونظام سياسي جديد.

ـ عبر قرار العودة، مع الحريرية السياسية، الى خطاب ما قبل الانفتاح عليها. وإدراكه أن تيار «المستقبل» وقيادته، في وضع محزن سياسياً وتجتاحه الأزمات.

ـ عبر قرار الاندماج الكلي بالخيارات الروسية ـ الإيرانية ـ السورية، وتأكيد الرهان مجدداً على الرئيس السوري بشار الاسد، بدليل الاتصالات الأسبوعية مع الأسد.. وتجذير علاقته مع المقاومة إلى المدى الأقصى.

ـ عبر الرهان النهائي على الزلزال الروسي الذي يضرب المنطقة، على أمل أن يُطاح بالواقع اللبناني الحالي، وعبر شعوره أنه سيربح ربطاً بانتصار «محور الحلفاء» بعد «عاصفة السوخوي» التي جعلت إمكانية التغيير كبيرة جداً في المنطقة.

هي معركة كبرى أرادها عون، ولكن، هل سيستطيع حسمها لمصلحته، خاصة أنه فشل في ربح المعارك الأخرى التي تعتبر، على أهميتها، جانبية وبسيطة أمام هذه المعركة الكبرى؟

بالتأكيد، لن تحسم هذه المعركة بين ليلة وضحاها، بل إنها قد تمر بمنعطفات ومنحدرات وتنازلات والتفافات كثيرة، ما يجعل مداها الزمني مفتوحاً بلا سقف، والى ما شاء الله. فضلاً عن أن خوض معركة تغيير من هذا النوع، وكذلك الربح فيها، يتطلبان ما يلي:

أولاً، توفر الأدوات المناسبة والقادرة على الحسم. فهل هي موجودة، واين؟

ثانياً، الا يكمل عون بالطريقة التي حكمت أداءه (وتياره) أقله في السنوات الثلاث الاخيرة، والتي سببت له مسلسلاً من الخسارات والإحباطات التي رافقت انفتاحه، فهل يستطيع عون ذلك؟

ثالثاً، الاستفادة من التجربة السابقة، بما يفرض تصحيح، او إعادة النظر في الإدارة السياسية البرتقالية التي أدت الى الخسائر المتتالية، والتي دفعت عون الى الارتماء في حضن سعد الحريري والتعرض لخديعة كبرى. فهل سيتم ذلك، وكيف؟

رابعاً، التحصين الداخلي في التيار البرتقالي، قبل كل شيء، بما يعطي زخماً اكبر للمعركة البرتقالية المقبلة، فهذا التيار يلتقي على العناوين والشعارات الكبرى. لكن عمق التيار ليس متماسكاً. فهل سيبادر عون الى هذا التحصين؟

خامساً، ألا يكون عون وحيداً في ساحة المعركة، بل إن معركة مصيرية من هذا النوع تتطلّب رفده بدعم نوعي. وهنا ينبري السؤال عن «حزب الله»، فهل سينصر حليفه البرتقالي ويكون معه جنباً الى جنب في الميدان، ام ان المحاذير السنية ـ الشيعية، التي لطالما راعاها «حزب الله»، ستمنعه من النزول الى الميدان الى جانب حليفه والاكتفاء برفده بمواقف داعمة؟ وهل سيصل عون إلى نتيجة إذا بقي وحده في الميدان؟

تبعاً لما تقدم، يقول أحد السياسيين إن لا أفق للغة الجماهيرية التي بدأها عون على طريق القصر الجمهوري، فلكل طرف لبناني جمهوره وشارعه، ولا إمكانية لشارع أن يلغي شارعاً آخر، وبالتالي فإن من شأن الحشد الشعبي أن يُحدث ضجيجاً لكنه لا يستطيع ان يفرض التغيير، حتى ولو كان معه كل الحلفاء في الميدان، فمسألة من هذا النوع فيها الكثير من المخاطر والمنزلقات. وأما الرهان على انتصار المقاومة في ظل الزلزال الروسي، فليس بالضرورة أن يترجم هذا الانتصار إن حصل، على مستوى الرئاسة، لأنه في أحسن الأحوال سيوصل الى تسوية في لبنان وليس الى فرض صيغة غالب ومغلوب.