IMLebanon

هل العودة إلى خيار المرشح التوافقي ممكنة أم أن الكلمة ستبقى للتعطيل؟

للمرة الـ «36» توالياً لن يحصل انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الجلسة المقررة اليوم، مع تمسك «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بعدم تأمين نصاب جلسة الانتخاب، إلا بالتوافق على انتخاب النائب ميشال عون رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» رئيساً للجمهورية، ما يعني أن الأمور لا تزال تدور في الحلقة المفرغة، باعتبار أنه ليس هناك توافق على انتخاب عون، لأن «تيار المستقبل» وعددا من حلفائه أعلنوا دعمهم انتخاب رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة، في الوقت الذي يحجم المرشحان البارزان للرئاسة عون وفرنجية عن حضور جلسات الانتخاب، طالما أن «حزب الله» لا يحضر، في واحدة من أغرب المفارقات التي تشهدها الجلسات الانتخابية، وهو ما بدأ يثير تساؤلات عديدة عن جدوى الاستمرار في دعم عون وفرنجية للرئاسة، طالما أنهما لا يشاركان ونوابهما في هذه الجلسات، وبالتالي فلماذا لا يُصار إلى تبني غيرهما، أو العودة مجدداً إلى خيار المرشح الوسطي الذي قد يحظى بموافقة المعترضين ويستطيع تأمين النصاب لانتخابه رئيساً وطي صفحة الفراغ نهائياً؟

وتشير أوساط بارزة في قوى «14 آذار»، إلى أنه منذ البداية كانت هناك شبه استحالة إذا صحّ التعبير في توقع وصول رئيس طرف إلى الرئاسة الأولى، لأنه لا يمكن تأمين الأصوات الـ86 النيابية المطلوبة لانتخابه، وهذا ما انطبق جدياً على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والنائب عون، الأمر الذي كان يفترض بالأطراف المؤثرة في عملية الانتخاب داخلياً، أي الكتل النيابية صاحبة التمثيل الأكبر في مجلس النواب، أن تتوافق على اسم ثالث وسطي قادر على استمالة العدد الأكبر من النواب، لكن سياسة التحدي والإمعان في ارتكاب الأخطاء، دفعت إلى إطالة أمد الشغور كل هذه المدة، إلى أن حصل ما لم يكن في الحسبان، عندما تبنى رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري النائب فرنجية للرئاسة، فردّ عليه حليفه جعجع بدعم عون، ما أظهر «14 آذار» مُشرذَمة ومُفَتَتة، بدلاً من أن تبقى صامدة على موقفها بالتوافق على رئيس وسطي، بإمكانه إنقاذ لبنان من الأزمة التي يتخبط فيها، منذ ما يقارب السنة وعشرة أشهر.

وترى الأوساط أن لب المشكلة، هو أن «حزب الله» الذي يحمل دون غيره مفتاح الرئاسة الأولى، لا يريد رئيساً للجمهورية في الظروف الراهنة، وما يؤكد هذا الكلام رفضه تأمين نصاب جلسة الانتخاب، لانتخاب أحد حليفيه، عون أو فرنجية اللذين يحظيا بأكبر عدد من أصوات النواب، وبالتالي فإن الفريق الذي يرفض المجيء برئيس للبلد من حلفائه، كيف له أن يسهّل عملية الانتخاب، أو القبول برئيس توافقي؟ ولذلك، وكما تلفت الأوساط، فإنه وبحسب قراءتها لمسار التطورات المتصلة بالرئاسة الأولى، لن يكون للبنان رئيس في الوقت الحاضر ولا حتى في وقت قريب وسيبقى الشغور قائماً، طالما أن النيران لا زالت مشتعلة في الإقليم، بانتظار اتضاح الصورة أكثر فأكثر وبروز معطيات تسمح لـ«حزب الله» باتخاذ الموقف الذي يتناسب مع مصالحه في لبنان والمنطقة، لكي يقرر بعدها مصير الرئاسة الأولى، فإما أن يُفرج عنها وإما تبقى أسيرة لديه ويقرر المجيء بالرئيس الذي يريده فعلاً.

ولا ترى مصادر نيابية في «تيار المستقبل» حالياً، أن هناك توجهاً لدعم مرشح آخر غير النائب فرنجية الذي لا زال يحظى بدعم الرئيس الحريري وفريق وازن من النواب لانتخابه رئيساً إذا حضر نواب «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» جلسة الانتخاب غداً (اليوم) وتأمن النصاب، مشيرة إلى أن الرئيس الحريري اختار فرنجية، لأنه يريد إنقاذ البلد وإخراجه من أزمته، لكن يبدو أن «حزب الله» له رأي آخر، وقد اختار طريق استمرار الشغور وإبقاء البلد على حاله من التفكك والانهيار على صعيد عمل المؤسسات، إلا إذا اقتنع فعلاً أنه في خياراته السلبية هذه، سيقضي على آخر معالم ما تبقى من دولة في لبنان، وبالتالي يعود إلى صوابه ويفسح في المجال أمام التئام مجلس النواب، لاختيار رئيس من بين المرشحين الثلاثة أو غيرهم، استناداً إلى اللعبة الديموقراطية.