IMLebanon

هل تنطلق شرارة تفكك الحكومة من معراب؟

 

 

على وقع «قطع حساب» السنة الاولى من العهد التي اجراها رئيس الجمهورية امام الرأي العام، ينتظر ان تتمحور الحركة السياسية خلال الايام المقبلة، بين مؤيد وداعم وبين معارض معرقل، وبينهما «خصوم حلفاء» تترنح الاتفاقات معهم وفقا لبورصة المواقف، في الوقت الذي تستكمل فيه لجنة قانون الانتخاب نقاشاتها لبلوغ نقاط تقارب تمكنها من وضع قطار الانجاز الدستوري على السكة للمرة الاولى وفق القانون النسبي، باعتباره الاساس لانطلاقة العهد الحقيقية بحسب ما يفهم من بين سطور كلام رئيس الجمهورية.

واذا كان ملف النزوح السوري وتداعياته على لبنان والاعباء التي يتكبدها والتصور الرئاسي للحل، قد احتل حيزا مهما من النقاش، وارتباط ذلك بالاوضاع الامنية في لبنان والارهاب ووضع المؤسسات الامنية والعسكرية، فان قانون الانتخاب والمراحل التي قطعتها المفاوضات الشاقة وافضت الى الاتفاق على الصيغة التي اقرت، تبقى بيت قصيد «العهد العوني» المراهن على انقلاب الموازين لتحقيق طموحات «الجنرال» ومشاريعه للفترة المتبقية من حكمه، على ما تشير مصادر مقربة من بعبدا.

فخارطة طريق الرئيس التي رسم ملامحها خطاب القسم باتت امرا واقعا في ظل ما تحقق من انجازات بالرغم، قد يعتبرها البعض غير ذي اهمية خلافا للواقع، حيث تشير المصادر الى ان ايا مما تحقق لم يكن بالسهل والمعارك التي خيضت خير دليل، معترفة بان وقوف التيار الوطني بالدعم الشعبي الذي يملكه خلف رئيس الجمهورية كان له دوراً اساساً في تحقيق الانجازات.

فالموازنة التي اقرت، رغم قبول الرئيس بمخالفة الدستور مؤقتا،لتسهيل انتظام عمل مالية الدولة، فضلا عن اعطاء موظفي الدولة وفي مقدمتهم العسكريين حقوقهم ،سيكون له دور اساسي غير مباشر في ضبط عملية الفساد المستشري تمهيدا للقضاء عليها، كما انه شكل بداية تحول في المشروع الاقتصادي الذي قاد البلاد لاكثر من 25 سنة. اما قانون الانتخابات فبدوره اعاد خلط اوراق كل الاطراف وكسر مبدأ المحادل الذي حكم البلاد والعباد واكل الحقوق لفترة طويلة من الزمن، حيث اعتبرت المصادر ان تلك الخطوتين لن تستكملا الا مع انجاز اول انتخابات نيابية لتكون الانطلاقة الجدية للعهد.

غير ان كل ذلك لا يسقط الهدف الاساس للعهد وهو اعادة التوازن الى البلاد واعادة المسيحيين الى قلب اللعبة السياسية والى موقعهم في مؤسسات الدولة بعدما خرجوا منها بخروجهم السياسي من المعادلة، فالرئيس المسيحي القوي هو حكم بين الجميع وحام للدستور الذي لن يتسقيم قبل عودة الحقوق للمسيحيين، حيث يمكن ان يشكل البرلمان المنتظر اساسا على هذا الصعيد.

وكشفت المصادر ان رئاسة الجمهورية تملك عشرات الملفات الموثقة عن قضايا فساد في الوزارات والمؤسسات اعدتها اكثر من جهة رقابية بناء لتعليمات من الرئيس عون، وهي تخضع حاليا لدراسة متانية ودقيقة من قبل فريق رئاسي خاص، مستدركة بان الامور تحتاج الى بعض الوقت نظرا لبعض الحساسيات والتوازنات القائمة في البلاد،ولان لا رغبة لاي كان باظهار الاصلاح على انه انتقام من طائفة معينة او حقبة سياسية ما.

وحول ملف العلاقات الخارجية اكدت المصادر ان الرئيس عون يسير بين الالغام في ظل الاوضاع الاقليمية المعقدة، وهو لا يبدي مصلحة اي فريق لبناني في هذا المجال، بدليل ان زيارته الاولى كانت للمملكة العربية السعودية، جازمة بان المصلحة اللبنانية هي فوق كل اعتبار وان لبنان سيد نفسه في رسم سياسته الخارجية وفقا لمصالحه، دون ان يتسبب باي ضرر لمصالح الدول الصديقة والحليفة، وهو ما كان واضحا في ما ادلى به الرئيس خلال زيارة الدولة التي قام بها الى فرنسا.

رؤية العهد الزهرية تعارضها اوساط سياسية مراقبة لاداء العهد، والتي رأت ان شيئا لم يتغير باستثناء وقف الهجمات المباشرة التي كانت تطال العماد عون شخصيا، من منطلق الاحترام لموقعه الرئاسي، خصوصا من قبل الخصوم المسيحيين الذين يعمدون لتحييد بعبدا مصوبين على التيار الوطني الحر، مشيرة الى ان التسوية التي اوصلت رئيس تكتل الاصلاح والتغيير الى قصر بعبدا بنيت اساسا على قواعد غير صلبة، فاللقاء مع الرئيس بري محكوم بضابط ايقاع اقليمي، اما التحالف مع بيت الوسط ففرضته التوازنات والحاجات، وان كان انتج ثنائية تنفيذية متجانسة حتى الساعة، الا ان الاصوات والضغوط من السعودية ومن داخل تكتل المستقبل بدأت تدفع باتجاه اتخاذ مواقف متمايزة عن بعبدا، محكومة بنقمة شعبية مستجدة و«غضب» سعودي انفجر «تحريضا» من الوزير سبهان لم تعرف دوافعه بعد،وهو ما سرع في انتقال الشيخ سعد الى الرياض للوقوف على آخر قراراتها.

وعليه رأت الاوساط ان كل ما يحكى عنه من انجازات قابل للانهيار عند اتخاذ قرار المواجهة وفك ربط النزاع القائم في الحكومة، والتي يبدو ان شرارته ستنطلق من معراب التي هددت بالانسحاب من الحكومة، ما يعني عمليا من التسوية ككل.

في المحصلة ووفقا للموجود تعتبر انجازات السنة الاولى للعهد جيدة اذا ما قيست بادواتها وعدتها التي لم تتغير منذ اكثر من 25 سنة. وقد يكون من العدل انتظار انجاز الانتخابات واعطاء فترة سماح لاشهر قبل تحديد مسار العهد النهائي «بعدة شغله» التي يراهن على وصولها الى المجلس النيابي والحكومة لينجز معها الاصلاح والتغيير.