IMLebanon

هل يكشف الاسير مشغليه ولماذا على السنيورة ان يقلق؟

لو كان ثمة «نقابة» للارهابيين لكانت اتخذت قرارا بفصل «الشيخ» احمد الاسير منذ زمن بعيد، باعتبار انه يجلب العار «بحماقته» المنقطعة النظير التي «شرشحت» مهنة الارهاب. «الرجل» سقط مرة جديدة ضحية حساباته الخاطئة و«غروره» او ربما رهاناته على حماية مشغلين خرجت الامور عن «سيطرتهم». اما «الرواية» الكاملة لسقوطه في «فخ» مديرية الامن العام فستبقى طي الكتمان، ولن يسمح بالكشف عنها او نشرها لاسباب امنية تتعلق اولا واخيرا بحماية المنظومة البشرية العاملة على الارض والتي استطاعت اختراق المجموعات الارهابية وكان لها الفضل الاول في الايقاع بهذا «الصيد الثمين»، ولذلك فاي «قصة» ستبقى ناقصة، والكثير منها مجرد ثرثرات اعلامية لاشباع «نهم» جمهور «متعطش» لهكذا انواع من الاخبار. لكن ثمة حقائق ثابتة لا يمكن اغفالها، وخسائر فادحة واقعة لا محالة على مشغلي الاسير المحليين وخارج الحدود.

اوساط سياسية بارزة في 8آذارتشير الى ان الجهات المحلية والخارجية المشغلة او المستفيدة من الحالة «الاسيرية» لم يكن لها مساهمة فعلية في توقيفه، اي بمعنى آخر لم يتم «بيعه» عبر تسريب معلومات تفيد بتحركاته، فـ «ورقته» احترقت منذ انهاء تلك «الظاهرة»، وهو لم يعد قادرا على القيام بـ «وظيفته» الاساسية انطلاقا من «بوابة الجنوب»، فبعد «فراره الملتبس» من عبرا انتهت عمليا مرحلة الاستثمار السياسي لهذه الحالة التي تمت حمايتها سياسيا من قبل «تيار المستقبل» لمواجهة حزب الله، وفقا لاستراتيجية كانت تقوم على مواجهة «التطرف» بـ«التطرف» وتحميل الحزب مسؤولية اضعاف تيار «الاعتدال «السني الذي يدعي «التيار الازرق» تمثيله، طبعا «حماقة» الاسير و«حنكة» خصومه قصرت عمره المفترض، وبعدها اصبحت مصلحة هؤلاء ان يبقى الاسير فارا خوفا من كشف اسرار كثيرة حول هوية المتورطين بدعمه، لكنه ارتكب مجددا سلسلة من الاخطاء ادت الى سقوطه، ومرة جديدة خذلهم ووقع، ومن هنا لا مصلحة في «بيعه».

في الشق الامني المهم بتوقيفه يرتبط بما يملكه من معلومات عن «الشبكة» التي امنت له الدعم اللوجستي طوال فترة تواريه عن الانظار، والاماكن التي تنقل فيها والتجأ اليها، والاهم معرفة مصير عدد من مريديه الذي كانوا معه في مسجد بلال بن رباح واختفوا بعد المواجهات مع الجيش في عبرا، ومعرفة حقيقة نشاطه خلال الفترة الماضية وما اذا كان مشغلوه قد استمروا بالتواصل معه، وطبيعة المهمات الموكلة اليه، وعلاقاته مع «ارهابيي» المجموعات التكفيرية في سوريا، والشبكات المرتبطة بها على الساحة اللبنانية. وفي هذا السياق يأمل المحققون ان يكون الاسير «نسخة منقحة» عن الارهابي نعيم عباس الذي تبرع بتقديم المعلومات مجانا ودون عناء، واذا حصل ذلك من المتوقع ان يتوالى في الايام القليلة المقبلة سقوط الكثير من المطلوبين الذين سيسهل «اصطيادهم».

اما في الجانب السياسي فقد تكون التحقيقات مع الاسير اكثر «اثارة»، ومحاكمته قد تشهد اكثر من فضيحة مدوية اذا ما قرر الرجل الافشاء بكل ما في جعبته من معلومات «للانتقام» من كل الجهات الداخلية والخارجية التي استثمرت فيه ثم تخلت عنه و«غسلت يديها» منه، وابرز المتضررين برأي تلك الاوساط، سيكون تيار المستقبل رغم تنافس قياداته اليوم على الاشادة بدور جهاز الامن العام ومناقبيته. اما تورط «التيار الازرق» في «الحالة الاسيرية» فهو لا يقبل الجدل والدور الفاضح لنائبي صيدا بهية الحريري وفؤاد السنيورة ما يزال في الذاكرة، فـ «المستقبل» كان يأمل بان يكون الاسير موظفا لديه لا منافسا له على الساحة السنية لكن «غروره» دفع به الى الظن بانه يمكن ان يكون زعيما بديلا للحريري الموجود خارج البلاد. كما ان دخول الاستخبارات القطرية على الخط جعله يخرج مبكرا من «مظلة» الحريرية السياسية و«عباءة» الاستخبارات السعودية، لكن الحاجة اليه لمواجهة حزب الله كانت امرا حاكما لاستمرار تأمين الغطاء السياسي له، ولولا استعجاله فتح المعركة مع الجيش، لما كان بمقدور احد ان «يلغيه» في ظل «المعادلة» التي ارسى قواعدها الرئيس فؤاد السنيورة الذي توهم يوما انه يستطيع المقايضة على الاسير بـ «سرايا المقاومة».

وهذا الامر ليس تجنيا على الرجل ومن يعود بالذاكرة الى العام 2013 يمكنه ان يستحضر سريعا الخطاب الشهير للسنيورة في مجدليون امام وفد قوى 14 آذار بعد معركة عبرا حين قال صراحة ان «مطالب أحمد الاسير كانت مطالب نصف الشعب اللبناني»، لكن الخطأ الذي وقع فيه ينحصر بتصرفه غير المقبول، ما سمح بإستدراجه والوقوع بالفخ الذي نصب له وللمدينة، وشكك يومها بدور الجيش قائلا «لا نقبل ان تشارك ميليشيات حزب الله بالقتال الى جانب الجيش» في مواجهة «الأبرياء» من اهل المدينة، اي براياء؟ متسائلا هل كان حزب الله على علم بعملية عسكرية فتحضر لها؟! كيف جرى ما جرى؟ لماذا كان انتشار «ميليشيات» حزب الله التي لم تكتف بتوسيع نشاطها في القصير وحمص بل انتقلت الى الانتشار في عبرا ومجدليون؟ كيف سمح الجيش بذلك؟ ولماذا ومن هو المسؤول؟»… طبعا لا يحتاج كلام السنيورة يومها الى اي تفسير او تأويل، الرجل كان غاضبا جدا لان الاسير بتهوره افشل المشروع وضيّع كل الجهود سدى باستهدافه المؤسسة العسكرية التي ما يزال السنيورة مقتنعا حتى يومنا هذا انها استدرجت كما الاسير الى معركة لا يريدانها؟؟ وكلامه يتماهى مع بيان هيئة «العلماء المسلمين» التي طالبت بالامس بتحقيقات عادلة لمعرفة ما اذا كان الشيخ الأسير قد أخطأ، او تم الإيقاع به، كي يظهر بصورة الخارج عن منطق الدولة،… فهل من دليل اكبر على تماهي خطابي «السلفية» السنية مع «الاعتدال»، انها «خلطة» جديدة من ابتكار رئيس الحكومة الاسبق الذي يجب ان يقلق كثيرا!

وفي انتظار ان تتوضح صورة ارتباطات الاسير الاستخباراتية، يمكن القول ان السيرة الذاتية «النضالية» التي حرصت صحيفة القدس العربي الممولة من قطر على نشرها في معرض الحديث عن خبر توقيفه، كافية لفضح المستور، فالصحيفة كما تقول تلك الاوساط، عادت الى «نبش» اصل عائلته، وقالت انه لقب بالاسير بعد ان «أسرت» قوات الاستعمار الفرنسي أحد أجداده في فترة الانتداب. واضافت انه اشتهر بمناهضة «المشروع الإيراني» عبر إطلاقه «ثورة الكرامة» لمعالجة السلاح خارج الدولة لا سيما سلاح حزب الله. ولم تنس انخراطه في صفوف الجماعة الإسلامية عام 1985، ومشاركته في مقاومة الاحتلال الصهيوني. كما يبدو من خلال الصحيفة انه كان من بين الأوائل في لبنان الذين ناصروا الثورة السورية، اما تمويله فحرصت على القول انه منذ البداية كان على نهج الكتاب والسنة، يعتمد في تمويل نشاطاته على تبرعات المصلين والمحبين، وغير مرتبط بأي جهة». سيرة «ملائكية» لرجل كان يجب على الصحيفة ومن وراءها ان يطالبوا بتكريمه لا ان يتم اعتقاله؟

هذا غيض من فيض التباسات تحيط بماضي رجل اصبح من «الماضي»، وما ستكشفه التحقيقات معه ربما سيكون فضيحة، لكن لا تعويل على تداعيات قد تطال الشخصيات او الجهات الاقليمية والدولية المتورطة، فما سيقوله سيجد من يكذبه ويشكك به، وسينقسم الرأي العام وفقا لاهوائه السياسية والطائفية، وفي المحصلة انتهى دور الاسير وتخلى عنه مشغلوه، وحده مع عدد من مناصريه سيدفعون ثمن تورطهم «بلعبة» تتجاوز قدراتهم، الا اذا اختار «ابو مالك التلي» وضعه ضمن قائمة «المقايضة» على العسكريين اللبنانيين المختطفين، والى ان تتضح «الصورة» الكاملة المطلوب الان العدالة ليس فقط لشهداء الجيش، بل ايضا لشهداء المقاومة الذي سقطوا في عبرا وهم يحاولون حماية جنود وضباط المؤسسة العسكرية من غدر مجموعة من القتلة ما يزال السنيورة يبحث لهم عن «اعذار»…