IMLebanon

هل يستطيع عون إيقاع الخسارة بجنبلاط والمستقبل؟

يضغط «التيّار الوطني الحُرّ» بكل ثقله لإجراء إنتخابات نيابيّة جديدة، وفق قانون «النسبيّة» علّها تُعيد خلط الأوراق السياسيّة في البلاد، وتُبدّل في التوازنات السياسيّة القائمة حالياً، وذلك بعد أن فشل العماد ميشال عون، الرئيس الفخري للتيّار المذكور، في تأمين دعم ما لا يقلّ عن 65 نائباً من المجلس النيابي الحالي المُمدّد له للمرّة الثانية على التوالي حتى تاريخ 20 حزيران 2017. فهل تُوجد فرصة حقيقية لإقرار قانون إنتخابي جديد يعتمد مبدأ النسبيّة، ومن هي الجهات المُرشّحة للفوز أو للخسارة وفق هذا القانون؟

بحسب أوساط قانونيّة وسياسيّة مُطلعة إنّ من شأن إجراء إنتخابات نيابيّة اليوم وفق قانون جديد يعتمد مبدأ النسبيّة أن يُبدّل الخريطة السياسيّة القائمة حالياً، وأن يُغيّر في حجم القوى السياسيّة التي تُسيطر على المجلس النيابي الحالي. وأوضحت أنّ في إنتخابات العام 2009 جرى تقسيم لبنان إلى 26 دائرة إنتخابيّة، وبلغ عدد الناخبين المُسجّلين ثلاثة ملايين و266 ألف و74 ناخباً، بأغلبيّة واضحة للمُسلمين بنسبة 60,3 % في مقابل 39,7 % للمسيحيّين. وتابعت هذه الأوساط أنّ القانون المُقترح حالياً للإنتخابات النيابيّة يقسم لبنان إلى 15 دائرة بدلاً من 26، مع كل ما يعنيه هذا الأمر من تبدّل للتوازنات الطائفية والمذهبية وحتى السياسيّة التي كانت قائمة في الدوائر السابقة. وإذ قلّلت هذه المصادر من أهمّية زيادة العدد الإجمالي للمُقترعين بعد مرور نحو ست سنوات على آخر إحصاء، فإنّها أعطت أهمّية كبرى لمبدأ النسبيّة الذي يُغيّر الكثير من المُعادلات التي كان فرضها القانون الأكثري، حتى لو بقيت الدوائر كما كانت في السابق، ولم يتم تقليل عددها كما هو مُقترح اليوم.

ولفتت الأوساط إلى أنّ التبديلات الكبرى المُرشّحة للحصول هي في دائرة مثل طرابلس في الشمال مثلاً، حيث في إنتخابات العام 2009 كان 33,5 % ضدّ «تيّار المُستقبل» والقوى التي تحالفت معه، ما يعني خسارة حتميّة لعدد كبير من المقاعد في أيّ إنتخابات جديدة وفق قانون النسبيّة. وأضافت أنّه في الجنوب مثلاً، إنّ دمج دائرة صيدا مع الزهراني يُبدّل تلقائياً الأغلبيّة المذهبيّة وبالتالي الأغلبيّة السياسيّة، بينما باقي الدوائر أي تلك التي تضم صور وبنت جبيل وكذك النبطيّة ومرجعيون وحاصبيا فالنتيجة فيها محسومة سلفاً لصالح قوى «8 آذار».

وتابعت الأوساط القانونية والسياسية المطلعة أنّه في البقاع إنّ دائرة بعلبك ـ الهرمل محسومة كلّياً لقوى «8 آذار» بينما تقاسم المقاعد مُرشّح في الدائرتين الأخريين بحسب التقسيمات الجديدة للدوائر. وأوضحت الأوساط القانونيّة والسياسيّة المُطلعة أنّه في جبل لبنان، إنّ دمج دائرة بعبدا مع عاليه، وجبيل مع كسروان، يُعطي أرجحيّة لقوى «8 آذار»، بسبب الصوت الشيعي المُؤثّر، ما يجعل معركة «14 آذار» محصورة على الإستحواذ على بعض المقاعد التي يمنحها قانون النسبيّة. وفي دائرة الشوف التي ستصبح مُستقلّة في حال السير بالقانون المُقترح، تُصبح المعركة محصورة بثمانية نواب سيتقاسمهم رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» مع خُصومه الدروز والمسيحيّين! وفي بيروت ومع إقتراح ضمّ كلاً من الأشرفية ورميل والمدوّر والمرفأ والصيفي ضمن دائرة واحدة، تُصبح المعركة بين المسيحيّين بشكل أساسي، لتقاسم المقاعد، مع تسجيل ثقل أرمني مُرجّح لصالح حزب الطاشناق، وبالتالي لصالح قوى «8 آذار» أيضاً.

وبالنسبة إلى باقي الدوائر التي تعطي الترجيح لصالح قوى «14 آذار» رأت الأوساط القانونيّة والسياسيّة المُطلعة أنّ هذا الأمر يشمل مثلاً دائرة عكار المنية الضنّية المُستحدثة، لكنّ قانون النسبيّة وتقاسم الأصوات السنّية التي تُشكّل ما نسبته 70,3 % في هذه الدائرة من شأنه تمرير مقاعد لقوى مُناهضة أو على الأقلّ غير مؤيّدة بالمطلق لتيّار المُستقبل. أمّا في دائرة الشمال الثالثة والتي تضمّ بحسب ما هو مُقترح كلاً من زغرتا وبشرّي والكورة والبترون (10 نوّاب) فالمعركة المسيحيّة المسيحيّة لن تُغيّر الكثير في التوازنات المفروضة حالياً، حيث أنّ الفوز بمقعد نيابي إضافي هنا سيُقابله خسارة مقعد نيابي هناك، وذلك بين قوى «8 و14 آذار». والأمر أكثر سوءاً على قوى «14 آذار» في دائرة زحلة في البقاع ودائرة البقاع الغربي ـ راشيا حيث أنّ النسبيّة ستُفقد هذه القوى عدداً من نوّابها. والأمر نفسه في المتن لكن بشكل معكوس، حيث أنّ النسبيّة هي لصالح قوى «14 آذار»، في حال لم يُفرّقها التنافس بين البيت الواحد.

وأكّدت الأوساط القانونيّة والسياسيّة المُطلعة أنّ المتُضرّر الأكبر من قانون النسبيّة وفق تقسيم 15 دائرة كما هو متداول حالياً، أو حتى وفق تقسيم 13 دائرة الذي كان طُرح في السابق، هو «تيّار المُستقبل» و«الحزب التقدمي الإشتراكي» حيث أنّهما سيخسران حتماً الكثير من إمتداداتهما النيابيّة خارج مذهبيهما، مع ترجيح فوز «القوّات اللبنانيّة» التي تملك قاعدة شعبيّة على إمتداد المناطق ذات الأغلبيّة السُكّانية المسيحيّة ولو بأحجام متفاوتة، بمزيد من المقاعد، ومع ترجيح إستعادتها للكثير من مقاعدها النيابيّة الحاليّة من دون منّة من أحد. هذا من جهة قوى «14 آذار»، بينما بالنسبة إلى قوى «8 آذار» بتحالفها العريض، تابعت الأوساط نفسها أنّ الفائز الأكبر سيكون القوى الحزبيّة الصغيرة المدعومة من «حزب الله» والتي كانت تعجز عن تسجيل أيّ إختراقات مهمّة بحسب القانون الأكثري والتقسيمات السابقة، والتي ستتمكّن بفعل القانون النسبي والتقسيمات الجديدة المُقترحة من إنتزاع العديد من المقاعد النيابيّة. كما أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» الذي سيخسر بعض المقاعد في المتن وفي كسروان وربّما في غيرهما من الدوائر، سيتمكّن من الدخول إلى مناطق كان خارجها بفعل القانون الأكثري، ومنها مثلاً الشوف وبيروت على سبيل المثال لا الحصر.

وختمت الأوساط القانونيّة والسياسيّة المُطلعة كلامها بالتشديد على أنّه وعلى الرغم من أنّ لا تجربة سابقة للنسبيّة على مستوى الإنتخابات النيابيّة في لبنان، فإنّ الإنقسام المذهبي الحاد والذي بلغ في الدورة الإنتخابية الماضية حدود 70 وحتى 80 % لهذه الجهة أو تلك، جعل إمكان إجراء حسابات بشأن الفائزين والخاسرين المحتملين سلفاً، أمراً مُمكناً، خاصة وأنّ التموضع المذهبي يُضاف إلى التموضع المناطقي حول هذه الشخصيّة أو تلك، والتموضع السياسي حول هذا الحزب أو ذاك. وأضافت: «بما أنّ كلاً من تيّار المُستقبل والحزب التقدّمي الإشتراكي يُدركان سلفاً أنّ عدد نوّابهما سيتقلّص في حال إجراء إنتخابات نيابيّة وفق قانون النسبيّة ووفق التوزيع المُقترح حالياً للتقسيمات الإداريّة، فإنّهما سيقفان بالمرصاد لمحاولات «التيّار الوطني الحُرّ» تقديم موعد الإنتخابات وفق قانون حديث، أيّا تكن النتائج».