قدر الجنرال ميشال عون ان يقاتل بشكل دائري، فهو لا يستطيع ان يدير ظهره لاحد خشية طعنه من الخلف سوى «لحزب الله» المتحالف معه حتى يوم القيامة وفق اوساط «التيار الوطني الحر»، واكثر ما يزعج عون ان يتعرض «لنيران صديقة» في الوقت الذي يتفرغ فيه لقصف «تيار المستقبل» على خلفية عدم التزام رئيسه سعد الحريري بالعهود والاتفاقات التي ابرمت معه في السابق في ملف التعيينات وفق القاعدة المعروفة: مدير عام اصيل لقوى الامن الداخلي مقابل تعيين قائد للجيش اي اللواء عماد عثمان مقابل العيد شامل روكز. فهذا الاتفاق الذي لم ير النور اثر تنصل الحريري من التزامه ادى الى التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، ووسع الهوة بين التيارين البرتقالي والازرق وحلفائهما، ما ادى ان الشلل العاصف بمؤسسات الدولة من شغور الكرسي الاولى مروراً بالحكومة وصولاً الى المجلس النيابي الذي يجهد الرئيس نبيه بري الى بناء جسور توفيقية بالحد الادنى من خلال طاولة الحوار لادارة عجلات الدولة التي بات يعلوها الصدأ بعدما طال توقفها. واذا كان بري قد سعى الى تزخيم الحوار من خلال تعيينه 3 جلسات متتالية في 6 و7 و8 من الجاري، فان مجريات يوم امس دفعت عون الى التهديد بالخروج من الحوار وقلب الطاولة على الجميع، وتمثلت المجريات بتسريب بنود مشروع التسوية التي اضيف اليها بند اطار صواب الجنرال ويتعلق بتعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي، الامر الذي جعله يرسم معادلته القديمة – الجديدة «لا مدير عام لقوى الامن قبل تعيين قائد الجيش».
وتضيف الاوساط البرتقالية انه بالاضافة الى ذلك يسعى «تيار المستقبل» الى ابتزاز عون وآخر طروحاته انه يوافق على ترقية روكز الى رتبة لواء مقابل موافقة الجنرال على تعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي، وقد رفض ذلك جملة وتفصيلاً لان ترقية روكز الى رتبة لواء تسمح له بالخدمة العسكرية لمدة عام فقط كونه سيحال على التقاعد وفق السن القانوني لرتبة لواء اي 59 سنة، اضافة الى انه يرفض المقايضات على قاعدة انه يطالب بحق وليس بحاجة الى منة من احد وعلى خلفية ان الاطراف الاخرى لا زالت تتصرف على خفية «ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم» كما هو حاصل في مشروع التسوية وكذلك في موضوع انجاز الاستحقاق الرئاسي.
وتشير الاوساط نفسها الى ان اعتصام حملة «بدنا نحاسب» امام وزارة الطاقة تقف وراءه جهات هدفها النيل من الجنرال وتشويه الحقائق من خلال تحميل احدى الحقائب المحسوبة عليه بالفساد والتقصير وهذا ما دفعه الى اتهام وزير المالية علي حسن خليل بتطبيق «خطة لافلاس المتعهدين اللبنانيين» فرد خليل بقسوة على عون معتبرا ان «المشكلة الحقيقية في ملف تلزيم انتاج الكهرباء ومن لزم فيها تجاوز الاصول القانونية وخالف قرارات هيئة الرقابة متحديا عون ان يعلن ما هي الشبهات ليبنى على الامر مقتضاه، واصفا اياه بانه «تعود التحديات الخاسرة» في وقت يتحدى فيه البرتقاليون وزير المالية ان يحيل اي مخالفات مالية في العقود الى المراجع المختصة اي «ديوان المحاسبة» والنائب العام الحالي كونهما الجهة المختصة وليس الامر من اختصاص وزير المالية، فلماذا لم يحصل ذلك طالما لديه كما يقول «وثائق».
وتقول الاوساط ان عون جاد حتى الان بمقاطعة جلسات الحوار كون موقف «المستقبل» الابتزازي من جهة وهجوم «عين التينة» من جهة اخرى عليه كفيلان بدفعه الى اعادة ترتيب اوراقه فيما يتعلق بالمقاطعة الفعلية للطاولة، فعن اي حوار يتحدثون طالما «المكتوب يقرأ من عنوانه». الا ان المراقبين لخطوط التوتر العالي بين «الرابية» و«عين التينة» يرون ان بري يرفض اي ازعاج للجنرال وقد اكد ذلك بالقول: «السجال مع عون لن يأخذ ابعادا، اتهمنا ورددنا عليه في مسألة وانتهينا، اضافة الى ان رئيس مجلس النواب والنائب وليد جنبلاط هما الرجلان الاكثر حماسة وصدقية في هذه المرحلة في دعم مطالب عون وخصوصا في مسألة الترقيات فهل يبقى السجال في خانة «النيران الصديقة» ام يتحول الى اشتباك قد يدخل «حزب الله» على خطوط الحلحلة، وهو امر وارد، ولكن هل ينسحب الامر ايضا على الخلاف بين عون والحريري ام ان وراء الاكمة ما وراءها؟