IMLebanon

هل تأخَّر باسيل للتبرّؤ من مواقف عون ونصرالله من دول الخليج؟

يعتقد بعض اللبنانيين أنّ التوضيحات الحكومية التي صدرَت قد تُغيّر من توجّهات الدوَل الأميرية والملكية الخليجية من بقاء بعض اللبنانيين فيها أو استمرار العمل بعقودهم. فيما يؤكّد العائدون أخيراً من بعض هذه الدوَل أنّ الفرز بدأ وارتفعَت نسبته في ضوء مواقف الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله. فهل تأخَّر وزير الخارجية جبران باسيل ليتبرّأ وحكومته من مواقف عمِّه والسيّد؟

يقول عائدون من بعض الدول الخليجية إنّ على مجموعة من اللبنانيين من أنصار بعض التيارات والأحزاب اللبنانية تصفية أعمالهم فيها والعودة إلى لبنان أو التوجّه إلى أفريقيا، مثلما فعلَ البعض قبل أشهر. فلِسَيلِ المواقف التي يعبّر عنها بعض القادة اللبنانيين ما ينعكس سَلباً على مصير أعمال آلاف من العائلات ورجال الأعمال في الدوَل الخليجية في تنسيق غير مسبوق.

كان ذلك قبل أن يُطلق السيّد نصرالله مواقفَه الأخيرة في شأن الوضع في البحرين. لكنّها زادت الطين بلّة، فردّات الفعل السلبية التي عكسَتها على المقيمين هناك وفي بعض الإمارات الصديقة لها ترجمتها الاستعدادات لترحيل فئة من اللبنانيين بغَضّ النظر عن كونِهم مسلمين سُنّة أو شيعة أو مسيحيين.

فالفرز السياسي الموجود في بيروت وعلى رغم تراجع حدّته بفعل جولات الحوار لا يعني المكلّفين أمنَ الدوَل الخليجية. فمصالحها الحيوية فوق كلّ اعتبار حسبما تبَلّغَ أعضاء في لجان الصداقة وجمعياتها، خصوصاً أنّ هناك مَن توسَّعوا في نشاطاتهم السياسية ولا بدّ من خطوات استباقية وليس هناك ما سيغيّر القرار.

ونَقل العائدون من هذه الدوَل إلى المراجع اللبنانية كثيراً من التحذيرات التي لم يأخذ بعض المسؤولين مضمونَها على محمل الجد. فقد عبّر البعض عن إصراره على مواقفه التي باتت مرتبطة بالوضع في سوريا وأزمات المنطقة وفق منطق يتحدّث عن مواجهة كبرى وعلى كلّ مَن يؤمن بهذه المواقف وصوابيتها أن يساهم في «المجهود الحربي» وأن يكون مستعدّاً لكلّ قرار من هذا النوع «فالمعركة مصيرية» ولا يحول دونها مثل هذه الإجراءات والمواقف الحكومية الهشّة التي تعبّر عن هشاشة الوضع الحكومي غير الخافية على أيّ من أنظمة هذه الدوَل وحكّامها.

وإزاء هذا الاستخفاف بمصير مئات العائلات الذي عبّرَ عنه بعض المسؤولين اللبنانيين متجاهلين ما يمكن أن تدفعَه بعض العائلات من ثمنٍ بسرعةٍ تسبق مَن هم على لائحة الانتظار، فهناك فئة محدّدة من اللبنانيين وُضِعت تحت أقسى وأدقّ تدابير ومعايير المراقبة أمنياً ومالياً وصولاً إلى معاينة بريدهم الإلكتروني وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي من الـ«فايسبوك» والـ «أينستيغرام» وغيرها من الوسائل الإلكترونية، وقد تلقّى بعضهم نصائح بالغة الدقّة مفادُها «إمّا التراجع عن حملاتهم التي يقودونها عبر هذه المواقع إو إقفالها» وهو أمرٌ قاد عدداً كبيراً من اللبنانيين إلى التنبُّه لهذه التحذيرات فأقفِلت حسابات آلاف اللبنانيين.

وظهرَ البعض الآخر حريصاً على تغيير وجهة استعمالها في اتجاهات معاكسة أو اقتصارها على كلّ ما هو اجتماعيّ ضمن ضوابط دقيقة خشية تفسيرها في هذا الاتّجاه أوذاك. عدا عن المعضلة التي واجهَت اللبنانيين في الكويت والذين تعرّضوا لأقسى التدابير المتصلة برسوم الإقامة فيها، وهو ما دفعَ كثيرين إلى رفع الصوت والصراخ قبل التزام كلّ ما طُلب منهم، فدفعوا أرقاماً بالغةً لقاءَ تسوية أوضاعهم.

وعلى هذه الخلفيات، يتطلع البعض إلى جدوى الحملة التي أطلقَها رئيس الحكومة وبعض الوزراء، ومنهم باسيل الذي ساوى برفع مسؤوليته في الأمس القريب عن مواقف عمّه رئيس تكتّل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون والسيّد نصرالله، وهو أمرٌ قد تتفهّمه بعض المرجعيات الخليجية.

لكنّ هناك غالبية ترى أنّ باسيل تأخّرَ في خطواته، فمضمون مواقفِه لم يتغيّر بين مداخلته أمام المؤتمر الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب في القاهرة وبين مضمون المذكّرة التي رفعَها إلى سلطات البحرين، لكنّ الجالية اللبنانية هناك سبقَته في تبَرُّئها من كلّ هذه المواقف، ما يؤشّر إلى أنّ خطواته قد جاءت متأخّرةً وما على لبنان الرسمي سوى أن يواجه تداعيات ما قام به مكوّنٌ منه وبذل مزيد من الجهود قبل أن يدفع لبنانيّون من أصدقائه ومحازبيه ومعهم حلفاء له في الداخل الثمن.