بعيدا عن التحليلات عما ستؤول اليه اتصالات الرئيس سعد الحريري «الرئاسية»، التي تخطت الداخلية منها الى الاقليمية والدولية بحثا عن مخرج يضع حدا لأزمة الشغور الرئاسي، فاتحة الباب على كل الخيارات المطروحة، غاسلا يديه من تهمة العرقلة، تحت ذريعة رفض انتخاب العماد عون بطلب سعودي، بات من شبه المؤكد ان حظوظ العماد ميشال عون بالوصول الى الرابية تلامس الصفر، اذا ما ركن الحريري لنتائج مشاوراته، التي بينت رفضا داخليا «للعونية الرئاسية» وبرودة دولية تجاهها.
فما قرئ بين سطور موقف وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بعيد استقباله الحريري دل الى ان لبنان ليس على قائمة اولويات موسكو التي يتصدرها الملف السوري، حيث قوبلت دعوة الشيخ سعد موسكو للضغط على طهران ببرودة روسية لافتة، بحسب مصادر مطلعة على اجواء اللقاء، والتي تميل بحسب ما استنتج الى مرشح حيادي، نتيجة عدة اعتبارات، اولها عدم «ارتياحها» لشخص العماد عون، رغم كل المحاولات والخطوط التي حاول فتحها مع ادارة الكرملين، التي ابدت اكثر من مرة انزعاجها من اداء وزير الطاقة اللبناني السابق جبران باسيل زمن قبول عروض الشركات النفطية واسقاطه الروسية منها، رغم المراجعات في هذا الشان.
غير ان تفاؤل الثامن من آذار باقتراب الفرج العوني ، الذي سيسبقه لقاء بين السيد حسن نصر الله والشيخ سعد في مهلة لن تتعدى الايام، بحسب مصادر تلك القوى، لاستكمال التفاهم معه حول «سلة الرابية»، بعدما وافق العماد عون بشروط على سلة عين التينة، التي تغيرت اسما وشكلا وتحولت بنودها الى «تفاهمات ضرورية»، تحمي العهد الجديد من العراقيل السياسية والمطبات والمناكفات السياسية، يقابله تمسك «ازرق» بالموقف التقليدي «طالما ان عون لم يراجع اداءه السياسي وخطابه من السنة، حيث تؤكد مصادر المستقبل ان لا تأييد لعون او ترشيح له الا تحت سقف الثوابت التي قام عليها التيار وثورة الرابع عشر من آذار، وفي مقدمتها الوظيفة الاقليمية لحزب الله ورهنه القرار اللبناني لجهة اقليمية تستخدم ورقته في حساباتها وخدمة لمصالحها. مصادر التيار الوطني الحر ،التي تعيد الجواب عن اي سؤال الى «كلام العماد الرئاسي» التلفزيوني، بوصفه الموقف الرسمي الحالي للتيار بانتظار الحصول على رد بيت الوسط النهائي خلال الساعات القادمة ليبنى على الشيء مقتضاه، رافضة التعليق عما اذا كان كلام مساعد وزير الخارجية الايرانية اللهيان قد حرق حظوظ العماد عون، سألت عما اذا كانت بنود السلة قد طرحت على المرشح الخصم وماذا كان جوابه، مستبعدة حصول ذلك ، اذ بينت احداث الساعات الماضية ان المقصود والتصويب يستهدف العماد عون، محددة تاريخ السادس عشر من الحالي ساعة الصفر لتحركات لن تهدأ في معركة لاعودة نتيجتها «قاتل او مقتول».
من هنا، تشير اوساط مطلعة، ان الرئيسين عون وبري باتا قاب قوسين او ادنى من الاقتناع بضرورة الانتقال الى مربع جديد يلعبا فيه دور الناخبين الاساسيين تكون لهما الكلمة الفصل في هوية الرئيس العتيد ، الذي حددت الدول المؤثرة في الاستحقاق مواصفاته بحدود والتي اعاد التأكيد عليها اليوم نداء المطارنة الموارنة، «ان يكون حياديا وليس رئيسا طرفاً، متبصراً ورؤيته ثاقبة، ليتمكن من مواكبة التطورات الاقليمية، والتعاطي بحنكة مع ملفات الارهاب والتطرف، غامزة في هذا المجال من انتقاد الرئيس بري «لسلة الاشخاص»، ما يعزز الاعتقاد بأن ثمة مرشحا في قعر سلته لن يكشف عنه الا حينما يحين الظرف، وهو أكثر من يستشرف آفاق المرحلة ويلتمس اتجاهات الرياح الخارجية التي تبدو ناشطة جدا في هذه المرحلة بالذات وباتت تتطلب نسج اطار تفاهمات تحصّن عهد الرئيس الحيادي، يتولى بري بالذات تنسيقها، كاشفة في هذا الاطار عن اتصالات يجريها «حزب الله» مع اكثر من شخصية مارونية، بعيدا من الاضواء، مستفسرا عن برنامجها للحكم في المرحلة المقبلة.
مع سقوط سلة بري، باتت المهمة الرئاسية شاقة وتحتاج الى صفقة سياسية قد تكون اكبر من الجهود الداخلية المبذولة. فهل من قرار اقليمي حقيقي باجراء الانتخابات الرئاسية؟ وهل حصلت ايران على الثمن مقابل افراجها عن الورقة التي توظفها لتحصيل مكاسب في التسويات الكبرى؟ وهل قضى موقف حلفاء «الجنرال» المفترضين محليا واقليميا ودوليا، على فرص انتخاب الجنرال رئيسا؟
كل المعطيات تؤشر الى خلاف ذلك، وانهيار الهدنة في سوريا وما استتبعها من وقف المفاوضات الروسية -الاميركية خير دليل.