IMLebanon

هل يتحالف بري والحريري في صيدا – جزين… وضد ّ من؟

 

كل التعقيدات السياسية والانتخابية التي يمكن ان تبرز في الانتخابات النيابية المقبلة، ستكون موجودة في انتخابات دائرة صيدا ـ جزين، لما تتسم هذه الدائرة بالخصوصية والحساسية في آن، وان فكيف ان كان الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة يشكلون فيها لاعبين اساسيين، ولهم فيها حسابات وثوابت تتوافق تارة وتتصادم تارة اخرى، لكن المؤكد ان المسار العام فيها لن تكون محدودة بل مفتوحة على كل الخيارات..فكيف اذا كانت خارطة التحالفات الانتخابية «مطَّاطة» وتتجاوز حدود الثوابت والمواقف والنهج، لتلامس حد الانقلاب على الثوابت، وهو امر غالبا ما يحدث في مواسم الانتخابات، والتقارب الانتخابي بين «تيار المردة» و«القوات اللبنانية» شمالا، يشكل واحدا من هذه الانقلابات.

من كسح مقاعد انتخابات الـ 2009. عاجز عن الاحتفاظ بها

ما هو محسوم في انتخابات دائرة صيدا ـ جزين، ان اي تحالف انتخابي يقوم بين اي من القوى السياسية، لن ينجح في الفوز بكامل مقاعد الدائرة، فقانون النسبية مع الصوت التفضيلي سيطيح بكل طموح انتخابي كامل يتحدث عنه اليوم هذا الفريق او ذاك، وبالتالي، فان دائرة صيدا ـ جزين ستكون دائرة «الخيار المتاح».. وليس الخيار الذي سيحقق الامال والامنيات، لكون الحسابات السياسية والانتخابية معقدة، وان احدا من الاطراف لم يختبر شعبيته منذ الانتخابات النيابية الاخيرة التي جرت وفق قانون الـ 60 الاكثري، اما في قانون النسبية والصوت التفضيلي فلا بد من خسارة ستلحق بالفريق الجزيني الذي «كسح» انتخابات قانون الـ 60 في دائرته،  وهو التيار الوطني الحر، الحال نفسها في صيدا، فان تيار المستقبل في صيدا عاجز في الانتخابات المقبلة عن  «كسح» المقعدين كما جرى في الانتخابات الماضية.. في انتخات «النسبي» كل شيء سيكون متاحا امام المرشحين من خارج الاحزاب المشاركة في السلطة.

في صيدا.. كما في جزين، الصراع الانتخابي الآخذ الى التبلور اكثر، مع الاقتراب من الموعد المفترض لاجراء الانتخابات النيابية، لم يخرج بعد من دائرة الاخذ والرد واستكشاف المواقف والتوجهات الانتخابية، في «عاصمة الجنوب» و«عروس الشلال»، ووفق ما تقرأ اوساط متابعة للشأن الانتخابي، فان القوى والتيارات السياسية والحزبية والعائلية بكَّرت بالانخراط في تحضيراتها الانتخابية  وسط ضبابية في نوايا توجه القوى السياسية المؤثرة في مسار الانتخابات، بالرغم من ارتسام بعض المؤشرات التي تتحدث عن توفر الظروف المناسبة لاقامة تحالفات صيداوية ـ جزينية قابلة للتعديل في اي وقت.

«حزب الله» لا يرغب بتمثيل نيابي لـ «القوات» في الجنوب..

واذا كانت الخارطة السياسية تشير الى امكانية قيام تحالف بين ابراهيم عازار نجل النائب الراحل سمير عازر عن احد المقعدين المارونيين في جزين، مع امين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد عن احد المقعدين السنيين في صيدا، وهو تحالف سيحظى بدعم وتأييد من الرئيس نبيه بري، فيما «حزب الله»، وكما تؤكد الاوساط، سيُلزم نفسه من حيث المبدأ بدعم سعد في القرى والبلدات الجزينية ذات الاغلبية الشيعية، قد تكون حسابات «حزب الله» الذي يحظى بوزن انتخابي في قرى وبلدات قضاء جزين وداخل مدينة صيدا من الناخبين الشيعة وبعض الحلفاء في الطوائف الاخرى، واضحة اكثر من حسابات القوى الاخرى التي تخوض الانتخابات، فهو رسم خطا بيانيا يجعله يبتعد انتخابيا عن «القوات اللبنانية» و»تيار المستقبل»، وتأثيره الانتخابي داخل مدينة صيدا وفي قرى منطقة جزين ذات الاغلبية الشيعية، سيؤثر في سياق  الانتخابات، وقادر على ان يسهم في ترجيح كفة تحالف انتخابي يتوافق معه سياسيا، سيما وانه لا يرغب في ان تتمثل «القوات» جنوبا، ولا هو في موقع يجعله يترك حلفاءه الطبيعيين، وفي مقدمهم التنظيم الشعبي الناصري وامينه العام اسامة سعد، المنافس الحقيقي لـ «تيار المستقبل» والحالة الحريرية في عاصمة الجنوب..  في مواسم الانتخابات وفي غيرها.

حسابات بري الحساسة لن تدفعه للحفاظ على التمثيل النيابي القائم في صيدا

في جزين ثمة من يسأل، هل «يُفرِّط» التيار الوطني الحر بمقعد من حصته «الطبيعية» التي تكونت في الانتخابات السابقة، لصالح لـ «القوات»، ليكون ضمن تحالف يجمعه مع «تيار المستقبل»؟، ما لم يكن له طموح بمقعد سني في صيدا؟، مقابل التحالف مع «المستقبل»؟، بالمقابل،.. هل يستجيب «تيار المستقبل» للطموح العوني، فيما يبقى السؤال الجوهري الذي طُرح في بعض الصالونات السياسية يتعلق بموقف الرئيس نبيه بري من انتخابات دائرة صيدا ـ جزين، سيما وان الرئيس بري يشكل لاعبا بارزا فيها، بالرغم من عدم وجود مقعد للطائفة الشيعية فيها، ..فهل ينجح بري في تكرار التجربة التي خاضها في اول انتخابات نيابية جرت بعد اتفاق الطائف، على رأس كتلة حصدت كل مقاعد محافظتي الجنوب والنبطية، بجمع النائب بهية الحريري وامين عام التنظيم الشعبي الناصري النائب السابق اسامة سعد، في لائحة واحدة مع مرشحه الجزيني المنافس للتيار الوطني الحر ابراهيم سمير عازار، في حال لم تثمر الاتصالات توافقا موحدا مع التيار الوطني الحر، وبذلك يقطع الطريق امام الثنائي الماروني في جزين، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، للوصول الى تحالف مع مرشح صيداوي قوي، هو تساؤل مشروع قد ترسم الاجابة عليه  مسار الانتخابات ووجهتها.

ثمة من يعتقد ان للرئيس بري معاناته المريرة مع التمثيل النيابي لصيدا، وهي لا تقتصر على «الحرب» التي اشعلتها الحالة المتطرفة التي قادها احمد الاسير من منطلقات مذهبية وتحريضية، ضد الجنوبيين وطاولته شخصيا، علما ان شعورا عاما  في العديد من الاوساط السياسية، تلمس ان الاسير وجد «ريق حلو» من داخل التمثيل النيابي في المدينة، وبخاصة من الرئيس فؤاد السنيورة الذي ادى صلاة جمعة بامامة الاسير نفسه، في مسجد بلال بن رباح الذي كان مربعا منه تنطلق كل حملات التحريض المذهبية، قبل معركة عبرا والحسم العسكري الذي لجأ اليه الجيش اللبناني، وطالما ان «الكبار» يخوضون حرب التحجيم في معركة رسم الاحجام والاوزان، فلا مصلحة لبري بالابقاء على الستاتيكو النيابي في صيدا، على حساب حلفاء مباشرين له، يمثلهم اليوم امين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد و ابراهيم عازار نجل عضو كتلته الراحل سمير عازار..فان لا يكون في دائرة صيدا ـ جزين  مقعد شيعي، فان ذلك لا يعني ان ينأى الرئيس بري عن نفسه، بل سيكون لاعبا من اللاعبين الاساسيين.

هل يُفاجىء التيار الوطني الحر.. ارباك في  بيته الداخلي ؟

على جبهة العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، تلفت اوساط متابعة، الى ان «القوات»، وبعدما اعلنت عن مرشح وحيد عن المقعد الكاثوليكي في جزين تنتظر موقفا حاسما لجهة تبني التيار لمرشحها المهندس عجاج جرجي الحداد الذي خصصت له «عرسا اعلاميا» في معراب كرسالة الى «حليفها» التيار الوطني الحر، في محاولة لفرض مرشح امر واقع قبل اي بحث معه لصياغة تحالف انتخابي، وهو مرهون بمدى امكانية ان يقدم التيار «تضحية» تتمثل بالتخلي عن احد مقاعد جزين الثلاثة لصالح القوات، فيما تبقى الازمة التنظيمية التي يعاني منها التيار الوطني الحر في جزين، وهي ازمة برزت مع الانتخابات الفرعية التي اوصلت النائب امل ابو زيد، حيث عانى التيار من ظاهرة انشقاقية محدودة التأثير، تمثلت بدعم «تياريين» للمرشح المنافس لابو زيد، والمشكلة ستكون اكبر عند التيار في الانتخابات المقبلة، فيما لو  تخلى عن ترشيح النائب زياد اسود الذي يعتبره فريق واسع من العونيين الجزينيين، انه اعطى الهوية الجزينية للتيار الوطني الحر،  يشعر مع كل استحقاق انتخابي انه مستهدف من داخل التيار ومن خارجه، وهو سمَّى هؤلاء بـ «ألفرقة المشبوهة»، وبلغ الاستهداف اوجه بعد طرح التيار لمرشحين من خارج جزين المدينة، ووفق ما يرى المتابعون، فان اسود متحمس لقيام تحالف  يجمع التيار الوطني الحر في جزين مع التنظيم الشعبي الناصري ومرشحه الدكتور اسامة سعد ،  لكونه يحاكي الطبيعة السياسية للتيار، وينسجم مع تطلعاته وبدا ترشيح التيار لمستشار رئيس الجمهورية جان عزيز عن احد المقعدين المارونيين، حتى ولو بقي اسود مرشحا، وفق ترتيب الصوت التفضيلي لمرشحيه،  انه سيثير اشكالية داخل التيار، من شأنها ان تُحدث ارباكا في معركة يعتبرها «التيار» مفصلية، لكونها الساحة الجنوبية الوحيدة التي تُشعره بالارتياح السياسي والشعبي.