هل ينفذ رئيس مجلس النواب نبيه بري تهديده بالطلب من رئيس الجمهورية الجديد حل مجلس النواب في حال لم ينعقد المجلس في دورته التشريعية؟ سؤال متداول بقوة في الاوساط السياسية والوزارية في ظل استمرار السجال بين الكتل النيابية حول «تشريع الضرورة» وذلك بعدما باتت المواجهة مقتصرة على الكتل المسيحية بشكل خاص من جهة وكافة الكتل الطائفية من جهة اخرى. وبحسب الدستور فان انقضاء العقد التشريعي العادي في 31 ايار الجاري من دون حصول جلسة تشريعية، سيعرض المجلس النيابي لاحتمال الحل، كما اكد مصدر نيابي بارز في كتلة تيار «المستقبل» النيابية، مما يعني ان الجلسة التشريعية باتت اكثر من «ضرورة» ان لم يكن اولوية في الوقت الراهن انطلاقاً من هذا الواقع، بالاضافة الى اسبابها الموجبة السياسية والاقتصادية والمالية الاخرى. واوضح المصدر ان الرفض المسيحي لموضوع «تشريع الضرورة» بدعوى ان الضرورة القصوى هي لانتخاب رئيس للجمهورية قبل اي امر آخر، وبالتالي فان الموافقة عليها يجعل من استمرار الشغور الرئاسي امراً عادياً، يرتدي طابعاً سياسياً يحظى بالتفهم والقبول من جانب رئيس المجلس اولاً والكتل النيابية الاخرى ثانياً، لكنه اعتبر في المقابل ان هذا الموقف دونه محاذير ونتائج عكسية سلبية تطال المسيحيين بالدرجة الاولى، اذ انها ستؤدي الى امتداد الشلل والتعطيل من رئاسة الجمهورية الى المجلس النيابي، وذلك من دون ان تدفع المقاطعين لجلسة انتخاب الرئيس الى العودة عن هذه المقاطعة او تحقيق اي خرق في جدار الاستحقاق الرئاسي المجمد منذ نحو عام.
وفي معرض تعليقه على حديث الرئيس بري عن حل المجلس النيابي قال المصدر النيابي ان كل الاحتمالات واردة لافتاً الى ان رئيس المجلس حريص على استمرارية عمل المؤسسة كما ان من اول الداعين الى انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد لوقف مسلسل الشغور الرئاسي. واضاف ان الجلسة التشريعية المرتقبة تحولت الى محطة بالغة الاهمية انطلاقاً من مضمون جدول اعمالها، وبالتالي من الواجب على الكتل تسهيل عمل التشريع لان تعطيل هذه الجلسة سيحرم لبنان من مشاريع ضرورية ابرزها منح قروض ومساعدات من الاتحاد الاوروبي بقيمة 600 مليون دولار لصرفها في مشاريع انمائية في كل المناطق. ولفت المصدر النيابي المستقبلي والمسيحي ايضاً الى ان عدم التصويت على هذه المشاريع سيدفع البنك الدولي والاتحاد الاوروبي الى تحويلها الى بلدان اخرى هي بحاجة ايضاً الى هذه الهبات. واكد ان مقاطعة الجلسة التشريعية ستؤدي الى تفويت فرصة كبيرة امام لبنان للافادة من دعم البنك الدولي.
وفي سياق متصل كشف المصدر نفسه، ان اطرافا عدة داخل فريق 14 آذار تؤيد حضور جلسات مجلس النواب وخاصة هذه الجلسة لأنها تبحث في مشاريع ضرورية مثل المستحقات المالية اولاً ولعدم تعطيل المجلس ثانيا. واضافت ان اطرافا اخرى تشترط ادراج مشروع قانون الانتخابات، فيما كتل نيابية مسيحية تشترط ادارة مشروع الموازنة والذي ما زال في اولى مراحل النقاش داخل الحكومة وامامه مسيرة طويلة من البحث في مجلس الوزراء ثم اللجان النيابية قبل الاحالة الى الهيئة العامة. واكد انه ما بين الموقفين، تبرز تناقضات ومزايدات سياسية يبدو من الصعب معها الوصول الى نتيجة ايجابية حتى الساعة.
وخلص المصدر النيابي الى ان المزايدة السياسية في الاستحقاق الرئاسي لتعطيل «تشريع الضرورة» ليست في مكانها، بل على العكس فان هذا التعطيل سيقود الى الفراغ الشامل، لانه اذا لم ينعقد المجلس في خلال ما تبقى من عقده العادي، فان عليه ان ينتظر بداية عقده التشريعي الثاني في تشرين الاول المقبل.