والآن… ماذا تنتظرون بعد؟
لقد دقّت كل نواقيس الخطر من كل اتجاه، والنواقيس تنذر بقرع أجراس المآتم.
هل تنتظرون ورقة النعي باكتمال حالة الإحتضار وأنتم تتنازعون على الخلافة، كأنما باحتراق روما ينتصر نيرون؟
أيُّ مرشح رئاسي يعتلي سدَّة الرئاسة وقد تسبّب بهذه المسيرة المخضَّبة بالآلام، ستلاحقه اللعنة من القصر الى القبر.
وأي مرشح رئاسي يمتطي مركب العظمة على أكتافٍ تنِزُّ جروحها، ويتسلّق جبال المزابل الى قمة السلطة، يرميه التاريخ في مزابل التاريخ.
هل من المواصفات التي يتمتع بها الأقوياء أن يحتجزوا الوطن رهينة كرمى لانفجاع عيونهم، ولم تبقَ عين مواطن إلا مفجوعة بالحزن والذلّ والهمّ والفقر واليأس والهجرة والجوع… ولم تنجُ نفسٌ من هلع الخوف على مستقبل محفوف بالخطر وعلى وطن ينزلق في غياهب القدر؟
لا دولة عندنا ولا رئيس…
لا مجلس نواب ولا نواب…
لا شرعية، لا سلطة، لا دستور…
وليس لنا والله إلّا ما قيل إِنها حكومة، بل شتات حكومات متواجهة خلف أكياس الرمل، ومجسّمات وثنية في أطلال الهيكل الوطني.
ويقولون: إنكم محكومون بهذه الحكومة، هي وحدها ولي أمركم ولا شريك لها، «إنها ربّكم فاعبدون»، فإنْ هي سقطتْ، سقطتِ السماء على الأرض، في غياب رئيس تقدِّمُ إليه استقالتها ويؤمن بديلاً منها، وما دام الرئيس المطروح غير مرغوب والرئيس المرغوب غير مطروح.
ولكن… ألا يحق لنا نحن أن نقول: إِنَّ هناك مسؤولاً واحداً وحيداً لا شريك له، إن هو استمر بالتخلّف عن تأدية دوره الدستوري يتحمل مسؤولية الإنهيار الكامل لهذه التي كان إسمها الدولة؟
هل يدرك المجلس النيابي أنه في ظل هذا الإنقسام الوطني والمذهبي وتعطيل سلطات الدولة والفلتان الدستوري والأمني، قد تنكفئ الطوائف على نفسها بارتعاشة قلق، لتلجأ الى تحصين نفسها بقواها الذاتية، فينبعث من جديد العصر الميليشياوي الذي باتَ يُذْكَرُ وقد يُعاد؟
إنها الفرصة الأخيرة أمام السادة النواب:
فإما أن يلتزموا القيام بتأدية واجبهم الدستوري فوراً عملاً بالمادة (73) من كتاب إسمه الدستور.
وإما أن يضعوا أرجلهم في الركاب رحيلاً قبل اشتداد عقوبة المحاسبة عملاً بكتاب إسمه التاريخ.
ومباركة لهم كل التعويضات التي نالوها باسم نيابتهم الكاذبة، ومسؤوليتهم الخائبة.
وليكن الله في عون هذا الشعب الذي آن له أن يتعلم من الشاعر القائل:
لا تُجلسوا فوق الأرائكِ نائبا
سيَّانِ إنْ يكُ حاضراً أوْ غائبا.