المبادرة الفرنسية الفعلية لانتخاب رئيس للجمهورية، كانت مستبعدة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، نظراً الى أن هناك دولاً أخرى فاعلة لا سيما تلك الاقليمية لها التأثير القوي أيضاً، في الموضوع الرئاسي، وكان يفترض أن تتضافر جهودها مع الجهود الفرنسية للوصول الى هذه الغاية.
ولا يُعدّ الأمر تراجعاً في الدور الفرنسي والأوروبي في حل النزاعات في المنطقة، لكن التعقيدات الدولية الاقليمية كبيرة، إنما تحاول فرنسا جاهدة كصديق تاريخي للبنان أن تساعد في إنجاز الاستحقاق، وفي الوقوف دائماً الى جانب لبنان. والتأثير أيضاً يبقى للأميركيين والروس الى جانب الدول الاقليمية، أي الخليج وإيران، وروسيا التي يختلف موقفها عن إيران في ما خص الملف اللبناني، فإنها لم تعمد الى الضغط في علاقاتها مع الأميركيين لإنجاز هذا الملف وعدم الركون الى الموقف الإيراني في ربطه مع ملفات المنطقة. إذ ليس هناك من استعداد روسي للضغط على الأميركيين لتحريك الملف قبل انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما، وذلك في إطار التفاهم الحاصل بين واشنطن وموسكو حول الوضع السوري وبعض التفاصيل في ملفات المنطقة الأخرى. فلبنان للأميركيين كما للروس ليس حالياً أولوية.
وتؤكد المصادر، ان الحل لسوريا لم ينضج بعد، وكل الملفات لا تزال مربوطة بذلك، وطالما انه لم يحصل اختراق معين في سوريا فإنه يبدو صعباً حصول اختراق في الملف اللبناني. وفصله عن أزمات المنطقة، لكن هناك «بارقة أمل» يتداول بها سفراء لدول كبرى، وهي انه من خلال تفاقم العمليات الارهابية الانتحارية في العالم والمنطقة.
وتعاظم الارهاب ووصوله الى الخطوط الحمر، قد تكون هناك محاولات لتبريد المناطق والملفات التي من السهل تبريدها والمعني بذلك لبنان كونه أسهل للأزمات، والأسهل في التبريد، واللجوء الى تحريك الملف في إطار رغبة من اللاعبين الدوليين والإقليميين في التفاهم على حصول حلحلة ما، إنه احتمال وارد، فالارهاب وفقاً للمصادر، بات عابراً للحدود ويشكل خطراً على العالم كله، وقد طال في الآونة الأخيرة أكثر من بلد عربي وآسيوي وغربي، وثمة جهود لتطويقه، مع العلم انه لم ينشأ من فراغ، بل كانت وراءه أجهزة مخابراتية كبرى، وكانت لديها مصالح في استعماله كمنظومة محددة، وعندما جاءت لتلغيها لم تتمكن من ذلك. هذا الواقع قد يجعل هناك تقاطع مصالح لإنهاء ملفات حيث أمكن مثل الملف اللبناني.
وتفيد المصادر أيضاً، انه خلال الفترة السابقة كلها لم يسجل الملف اللبناني أولوية لدى كل الأطراف لا سيما لدى الأميركيين والروس.. لكن ثمة أملاً محدوداً بأن يشكل خطر الارهاب ضغطاً ينعكس ايجاباً على تسهيل انتخاب رئيس في لبنان. مع الاشارة الى أن المصالح لدى الدول العظمى أكبر بكثير من حجم مشاكل لبنان. فهناك سوريا، والعراق واليمن، وأي فريق ليس مضطراً مهما كانت أهمية لبنان بالنسبة اليه، أن يضغط لتسهيل ملفه، وتغيير المواقف منه، لأن أي فريق ليس في حاجة الى ذلك.
ليس هناك من دولة في منأى عن الارهاب، وهذا الوضع لا يقتصر فقط على لبنان. ولا يمكن استبعاد عمليات ارهابية محدودة، لكنها لا تشكل خطراً على الاستقرار العام.
وهذا يتزامن مع عدم وجود قرار داخلي بالتفجير، بل على العكس، فإن كل الأفرقاء لديهم قاسم مشترك هو الحفاظ على الأمن والاستقرار، وهو الجانب الايجابي الوحيد، ويأتي في اطار المناخ الأوسع دولياً وإقليمياً بالنسبة الى الموقف من لبنان، حيث التوافق غير المباشر على تحييد لبنان عن الصراعات والحفاظ على حد مقبول من الاستقرار.
وليس لدى ايران مصلحة بتسليف ولاية أو سلطة منتهية في واشنطن وليست مستعجلة في التعاون مع الاتحاد الأوروبي حول ملفات المنطقة وهي تعتقد أن تأثير روسيا والولايات المتحدة يبقى أكبر، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يؤثر لناحية محدودية الدور الأوروبي. وإذا استطاعت الدول ايجاد قاسم مشترك لحلحلة الملف اللبناني الأقل تعقيداً من غيره بسبب موضوع الارهاب، يكون الأمر انجازاً، لكن الأمل بذلك يبقى محدوداً من دون أن يكون هناك شيء مستحيل.