IMLebanon

هيل ساهم في «تعبيد طريق» جنبلاط الى السعودية

لافتة كانت، بالشكل والمضمون والتوقيت، زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب الممدد وليد جنبلاط، ونجله تيمور، ووزير الصحة اللبناني، «المعاون السياسي» لتيمور جنبلاط، إلى المملكة العربية السعودية، الزيارة الأولى من نوعها منذ أكثر من أربع سنوات، علما أن زيارات «إجتماعية» من نوع التعازي خرقت فترة «الإنقطاع» بين المختارة و«أرض الحرمين».

بالتوقيت تقول مصادر متابعة، تزامنت الزيارة مع عدة مفاصل سياسية محلية وإقليمية ودولية، محليا، أتت بعد الزيارة «الرئاسية» لرئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، «الخارقة للتقليد الملكي السعودي»، إقليميا، تزامنت مع حدث مفصلي أو نقطة تحول «turning Point» في الحرب السورية، تمثلت بدخول القوات الجوية الروسية الحرب من الباب العريض، ومعها حلفاؤها الإيرانيون والصينيون وحتى الكوريين والكوبيين، ما يمثل إستعادة لذكريات غابرة عن «النشاط الثوري». درزيا داخليا، أتت الزيارة بعد زيارة وصفت بالتاريخية للسفير الروسي الكسندر زاسبكين إلى الجاهلية، لحضور حفل التكريم الذي أقامه رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، تكريما لروسيا، التي وصف جنبلاط قائدها في وقت سابق بالغباء لتدخله في سوريا.

في المضمون، نقلت مصادر إشتراكية أن طابعا «عائليا» بشكل من الأشكال طبع الزيارة، رغم وجود عدد كبير من المسؤولين السعوديين فيها، منها شخصيات ذات دلالة، كرئيس الإستخبارات السعودية، علما أن مشاركة تيمور جنبلاط فيها كانت لافتة أيضا، ما يؤشر إلى إمكانية الإحتضان السعودي للـ «بيك العتيد»، واستكمال «الحلف التاريخي» الذي يجمع المختارة بقصر اليمامة.

«الجلسة الأخوية» بين خادم الحرمين وجنبلاط والوفد المرافق «لم تشبه» مطلقا جلسات «البيك» مع ديبلوماسيين سعوديين في «فترة القطيعة»، تقول المصادر الاشتراكية، تلك الفترة التي كان فيها جنبلاط يصطحب الخرائط، ليؤشر إلى مناطق النزاع والحروب في سوريا، إلا أن غياب «النظارات المناسبة» كانت تعيق «مشاهدة» الساحات الساخنة، كذلك تذرع الديبلوماسيين بعدم «الخبرة» في قراءة الخرائط. بينما في الجلسة الأخيرة، حضرت «الخريطة السياسية» كاملة، مع نسخ سعودية لمفتاح الخرائط بالألوان، الأحمر منها والأسود والبرتقالي والأصفر والأبيض، مترافقة مع «كتيب إرشادات» لقراءة الخرائط، ومعاجم وقواميس سياسية، بعضها مكتوب بالحبر الأسود، وبعضها بالحبر السري، الذي أتقن جنبلاط قراءته وكتابته.

لماذا الآن، تقول مصادر مقربة من الحزب الاشتراكي إن دورا بارزا لسفير الولايات المتحدة الأميركية إلى لبنان السابق السيد دايفيد هايل ساهم في «تعبيد» طريق «قصر اليمامة» أمام جنبلاط، بعدما علمت الخارجية الأميركية أن هناك «تململا» جنبلاطيا من استمرار الخناق السعودي عليه، ومع إستمرار الغياب الكارثي لرئيس كتلة المستقبل الرئيس سعد الحريري، ما يهدد بتراجع الدور السعودي الفاعل من لبنان. بالنتيجة، ودائما حسب المصادر، أوعزت الخارجية الأميركية إلى نظيرتها السعودية بأن تعيد تفعيل العلاقات المباشرة مع المسؤولين اللبنانيين، لأنه لا مبرر لاستقالة السعودية من دورها التاريخي بوصفها عرابة الطائف، ومن منطلق أنها لا تزال «تمون» على الكثير في لبنان، وبالتالي، عليها ألا تكتفي بتسليم الملف اللبناني إلى سفيرها «الفوق العادة»، ولا أن تكتفي بإرسال «الرطب» إلى السياسيين اللبنانيين، بل المطلوب «تسييل» الإيجابية نحو «تيسير» أي خرق ممكن في جدار الأزمة السياسية المستفحلة، التي تهدد المضمون الوجودي لوثيقة الطائف.

هل «قطف»جنبلاط ثمرة الهجوم على روسيا البوتينية «دورا إضافيا في «الساحة اللبنانية»؟ تجيب المصادر نفسها، مع حليف الحليف، أي إيران، حافظ جنبلاط على الحد الأدنى من «تنظيم الخلاف» من خلال المحافظة على العلاقة الإيجابية مع حزب الله، وتجنب الخضات السياسية في الداخل، عبر التحول من «بيضة القبان» إلى «الإطفائي»، وربما «الناظر» الذي يتولى مهمة «تربية المشاغب»، نال السنيورة حصة الأسد من «التعنيف الجنبلاطي»، بعدما تجرأ على حمل لواء نقض التسوية، كما سوط «التهذيب» للحراك على مبدأ «leading by example». بالمقابل، يرى جنبلاط نفسه مع شريكه «اللدود» رئيس المجلس الأوفق والأصلح لتمرير «تسوية ما» على طريقة تسوية الدوحة، ولكن بنكهة لبنانية، وبتداعيات أقل، بعدما استطاع «تليين» موقف الجنرال، وانتزاع اعتراف من سيد الرابية بأن دوره «إيجابي»، علما أن العلاقة مع «سيد المستقبل» أكثر من إيجابية.

«تمرير التسوية يحتاج أكثر من الدعاء»، يقول سياسي عريق، برع جنبلاط في «تدوير الزوايا»، كما برع الرئيس بري في استخراج أرانب الحل في الساعة صفر. إيجابية قصر اليمامة لم تعن حتما أن الحل «على الأبواب»، ولكنها لا تستبعده. الأهم إدراك الأطراف أن أي حل لا يبنى على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب» سيكون مصيره الإفشال. فلا رهان على إيجابية أو فوق-إيجابية، حتى لو استنسخت زيارة جنبلاط الرياضية بنظير لها طهراني، بات الهمس فيها قائما، «إستكمالا» لمشروع تسوية تطبخ على نار لا تشبه بحماوتها محاور القتال في المحيط المتفجر.

ماذا حمل جنبلاط من «المملكة» إلى «هدية التمور» المعهودة؟ للأيام القادمة أن تبرهن، إلا أنه دون التسويات عقبات، ليس أولها «نضوج الطبخة» وليس آخرها مطبات وعثرات وحفر لن يألو كل من له مصلحة باستمرار الستاتيكو جهدا في وضعها في وجهه، الأهم أن تحمل الأيام الباقية جديدا، على الرغم من أن تغريدة جنبلاط الأولى بعد «العودة» كانت صورة مركبة لوجه الرئيس فلاديمير بوتين مع رأس الرئيس الراحل حافظ الأسد، مرفقة بتعليق «إنتخبوا الرئيس المحبوب حافظ فلاديمير»، فهل هذا مؤشر للمواصفات الحقيقية للرئيس العتيد للجمهورية اللبنانية؟