IMLebanon

هل الجمهورية تتحلَّل

الأَرقام لا تتعَب لكنها تُتعِب… هذا الأسبوع كان رقمياً بامتياز، فالجلسة التي تلا فيها وزير المال علي حسن خليل الواقع المالي لخزينة الدولة، تسببت بالصداع للوزراء الذين نقلوا عدوى هذا الصداع إلى الرأي العام، من خلال التسريبات التي جرت، وهذا ما جعل العيون شاخصة إلى جلسة مجلس الوزراء الإثنين المقبل والتي ستُستَكَمَل فيها قراءة الأرقام وتحليلها، في محاولة ولو يائسة للتوصل إلى مخارج عملية وليس وعود.

***

من الأرقام التي تمَّ عرضها أنَّ خدمة الدين العام وصلت إلى أربعة مليارات و600 مليون دولار أي إلى 45 بالمئة من إيرادات الموازنة.

34 في المئة بدل رواتب و8 في المئة كلفة الكهرباء والإستثمار 4 في المئة، فيبقى فقط 9 في المئة.

وعليه فإن 91 في المئة من الموازنة نصفها لتسديد فوائد الدين العام، وأكثر من الثلث للرواتب، وعِشرها للكهرباء، فهل يُعقَل أن يُخصص للإستثمار 4 في المئة فقط؟

***

ماذا يُقال في هذه الأرقام غير أنها استنزاف للبنانيين ولخزينة الدولة؟

وأيُّ مستقبل منتَظَر في ظل هذه الكارثة المالية؟

يكفي أن يُدرِك اللبناني أنَّ الدولة اللبنانية صرفت على الكهرباء بين العامين 2010 و2015 نحو 10 مليارات دولار! فكم من معمل توليد كهرباء كان بالإمكان بناؤه؟

هل يجوز أن تكون كلفة الكهرباء عشرة مليارات دولار في وقتٍ يبلغ الدين العام قرابة السبعين مليار دولار؟

***

وتتوالى حكاية الأرقام المرعبة:

إنَّ كلفة أزمة النزوح السوري إلى لبنان بلغت 15 مليار دولار، وفيما طالب لبنان الدول المانحة والمجتمع الدولي بمبلغ مليار دولار لتمويل إنشاء مستلزمات للنازحين، فإنه لم يحصل سوى على نصف المبلغ الذي تم طلبه أي مليار دولار.

كيف ستعالج الحكومة هذه الأرقام المرعبة التي ليست وجهة نظر على الإطلاق؟

قد تأتي المعزوفة بالعودة إلى الحديث عن ضبط الإنفاق ومعالجة العجز والدين العام والبطالة، وزيادة نسبة النمو، وإيجاد واردات إضافية من دون فرض ضرائب ورسوم جديدة، كلامٌ رائع ولكن كيف يتم تسييله وأين يجري صرفه؟

لا أحد يعرف ولا أحد يجرؤ على القول إنه لا يعرف!

أليس هذا هو المأزق؟

***

في المقابل، وبدلاً من محاولة التفتيش عن مخرج للإنقاذ، يُصار إلى التلهي واللامبالاة وكأن البلد بألف خير، فجلسة اللجان النيابية المشتركة التي كان يُفتَرض أن تلتئم الأربعاء الماضي والتي كان يجب أن تبحث في قانون الإنتخابات النيابية، طارت بسبب عدم إكتمال النصاب، وها هي جلسة إنتخاب الرئيس ال42 طارت بدورها ليتمَّ تعيين الجلسة 43 في 8 آب المقبل.

هكذا يتم القفز فوق أرقام الروزنامة من موعد إلى موعد من دون طائل، فيما أرقام العجز في الخزينة تتصاعد بسرعة الصاروخ من دون قدرة على المعالجة.

هل الجمهورية تتحلَّل؟