Site icon IMLebanon

هل يعاد بالفعل  الاعتبار الى السياسة ؟

لبنان ينتقل من التحصن وراء جدران الخصوصيات في الانتخابات البلدية الى الدوران حول العموميات في الانتخابات الرئاسية والنيابية الضائعة. فما طغى على السجال في الموسم البلدي كان شعار الخوف على الانماء من السياسة. وما يسيطر حالياً على الخطاب هو التسليم بأن ما حدث في الانتخابات البلدية أعاد الاعتبار الى السياسة. وليس صدفة أن يتحدث نواب عن شيء من الجدية في النقاش الذي جرى أمس في اللجان المشتركة حول قانون الانتخاب بعد أربع سنوات من تمارين في العبث.

لكن اللافت، اذا أخذنا بما سمعناه، هو أن الجدية بدأت بعد نهاية الدورة العادية للمجلس النيابي التي كان يمكن خلالها التصويت على مشروع قانون متفق عليه أو على أكثر من مشروع للموافقة على واحد منها. ومعنى ذلك، على افتراض أن اللجان توصلت الى خيار ما، أنه لا مجال لعرض شيء على جلسة عامة قبل الدورة العادية في الخريف. والموعد الممكن لاجراء انتخابات نيابية هو ربيع العام المقبل. والسؤال هو: ماذا لو كان المطلوب، وسط الجدل خلافاً للدستور حول أي انتخاب له الأولوية، هو استمرار الشغور الرئاسي والوصول بالاضطرار الى انتخابات نيابية على أساس قانون الستين المرفوض أو التمديد الثالث للمجلس؟

التجربة طرية. فلا حياء في التمسك بالسلطة. ولا عجز لدى التركيبة السياسية عن اختراع الفتاوى والمبررات لفعل أي شيء: من التمديد للمجلس النيابي بمبررات أمنية مضحكة هي القرب من حرب سوريا التي أجرت انتخابات رئاسية ونيابية في ظل الحرب أو بفتاوى ميثاقية وسط انتهاك الدستور وتجاهل الميثاق الى ابقاء الجمهورية بلا رأس منذ ربيع العام ٢٠١٤ من دون أي مبرر مقبول. والأفظع، وسط تعطيل المجلس النيابي وتفشيل مجلس الوزراء، هو البحث عن بدائل من وجود رئيس للجمهورية تضمن الحد الأدنى من تحريك آلة السلطة، بدل المسارعة الى انتخاب رئيس واعادة تكوين السلطة.

ولا نهاية للمفارقات. فالقيادات والشخصيات التي تتصرف في الداخل كأنها أنصاف آلهة تقف في الصف، مع استثناءات محددة، أمام الخارج وتعلن من دون اعتبار لمعيار الوطنية أن مفتاح الرئاسة في طهران، وقفل الباب في الرياض، واستخدام المفتاح ينتظر التطورات في دمشق والتفاهم بين واشنطن وموسكو. وأحاديث الأدوار والرهانات على التأثير في الألعاب الجيوسياسية الدائرة إقليمياً ودولياً ترافقها أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية مصحوبة بأزمة وطنية وسياسية، بحيث لا يسمع الذين فوق صراخ الذين تحت.

والأرباح والخسائر في الانتخابات البلدية تفاصيل في حسابات البلد المدفوع في طريق انحداري.