Site icon IMLebanon

هل يعيد الاتفاق المصري ـ السعودي خلط الاوراق اللبنانية؟

في الداخل، جمود سياسي وحكومي، يتحرك على وقع تداعيات ملفات النفايات ورائحها والفساد وحشراته ، على وقع الخوف من تلاحق الأزمات المحلية واستمرار الشغور الرئاسي، والقلق على الوضع الاقتصادي، في مقابل أجندة دبلوماسية كثيفة بمحطاتها، اقليميا وداخليا، الأربعاء، مع سفر الرئيس تمام سلام إلى تركيا ومشاركته في القمة الاسلامية ومشاوراته مع رؤساء عدد من الوفود ولقائه العاهل السعودي، والجمعة، زيارة وفد نيابي فرنسي للبنان، في مهمة تهدف إلى حماية الأقليات في المنطقة، ليتوج السبت والأحد، بزيارة الرئيس الفرنسي لبيروت، في برنامج حافل باللقاءات مع المراجع الرسمية والقيادات السياسية، والهدف انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.

في هذا الاطار اشارت مصادر دبلوماسية عربية الى ان مجموعة من التطورات دفعت بالرياض الى مراجعة جزئية لقرارها بمقاطعة الحكومة اللبنانية، معددة في هذا الاطار:

– نجاح المسعى المصري في احداث خرق اساسي، مع اعتبار المملكة انها حققت تفوقا اقليميا كبيرا في نجاحها بضم القاهرة تحت جناحها.

– الضغوط الفرنسية والاميركية، مع قرب دخول العقوبات الاميركية حيز التنفيذ ،ما يحقق للقاهرة جزءا مما تطالب به.

– الحكم الذي أصدرته محكمة التمييز العسكرية بحق الوزير السابق ميشال سماحة، الذي كان حين توقيفه العام 2012 مستشاراً للرئيس السوري بشار الأسد، وقضى بسجنه 13 عاماً مخفِّفاً عقوبة الإعدام مع الأشغال الشاقة وتجريده من حقوقه المدنية.

– مبادرة وزارة الخارجية اللبنانية الى اصدار بيان لقي ترحيبا سعوديا عقب زيارة سفير المملكة الى قصر بسترس ولقائه الوزير جبران باسيل.

هذه «التطرية» السعودية تجاه لبنان تأتي في وقت له ابعاد اقليمية ذات دلالات مهمة تضيف المصادر، تبدأ من القاهرة ولا تنتهي في انقرة مرورا ببيروت، حيث ترى المصادر ان تلك الحركة المستجدة تاتي عشية انطلاق جولة جديدة من مفاوضات جنيف، وقد سبقتها أيضا مشاركة وزير الخارجية الاميركية جون كيري في اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي في المنامة ووصوله المفاجئ الى العراق وزيارة للمبعوث الاممي ستيفان دي ميستورا الى روسيا لافتة في المقابل، الى ان الانسحاب الروسي من سوريا زخّم الانتشار الايراني فيها مجددا، فعاودت ارسال قوات نظامية الى الميدان وليس فقط مستشارين، حيث تكثف عملياتها لا سيما في حلب، الى جانب النظام لتحسين مواقعه على الارض، وهدف طهران حجز موقع لها في التسوية المنتظرة، بعد أن أبعدت عن دائرة القرار بدخول موسكو الى المنطقة بقوة من باب الازمة السورية، ما حتم تغييرا في الاستراتيجية السعودية وتفعيلا لاتصالاتها.

رؤية تتقاطع مع ما اوردته المصادر الدبلوماسية عن سعي ملكي لجعل القمة الاسلامية في اسطنبول ، قمة المصالحات،بين لبنان والمملكة، وبين تركيا ومصر،حيث تبدي الرياض حرصا كبيرا على ان تكون العلاقة بين هذه الدول الثلاث، السعودية ومصر وتركيا، على أحسن ما يرام، اذ ان ثمة تحديات كبيرة سيتعين عليها مواجهتها في المرحلة المقبلة حين تسلك التسوية السورية طريقها، أبرزها مواجهة الارهاب وتنظيم «داعش». من هنا، فان قنوات التواصل بين الرياض والقاهرة وأنقرة يجب ان تبقى مفتوحة، حتى اذا حلّت ساعة الصفر لانتقال قوات الحلف الى الميدان السوري، كانت جاهزة وعلى مستوى متقدم من التنسيق، علما ان أزمات المنطقة وملفي مواجهة الارهاب والحلف الاسلامي، ستحضر كلها في مباحثات القمة الاسلامية العتيدة.

في كل الاحوال، تقول مصادر وزارية ان مهمة الرئيس سلام لن تكون سهلة اذ سيبذل جهدا كبيرا من اجل شرح حقيقة موقف لبنان الذي ترجم خطأ ازاء المملكة وضرورة اعادة العلاقات الى سابق عهدها من الاخوة والصداقة، مشيرة الى ان سلام سيؤكد في كلمته التي سيلقيها في مؤتمر القمة الإسلامية التزام لبنان بالإجماع العربي وحرصه على أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة وتحديداً دول مجلس التعاون الخليجي التي وقفت دائماً إلى جانب لبنان وساعدته على تجاوز أزماته، ولذلك فإن لبنان لا يمكنه أن يفرط بهذه العلاقات، متمنيا على القيادات الخليجية إعادة النظر في قراراتها تجاه لبنان، وتحديداً على صعيد إعادة الاعتبار للهبة المالية التي أقرتها المملكة العربية السعودية للبنان والبالغة 4 مليارات دولار، مشيرة إلى أن لبنان يعول كذلك على زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى بيروت الأحد المقبل، بالنظر إلى الدور المميز الذي بإمكان باريس أن تلعبه دفاعاً عن مصالح لبنان، خاصة على صعيد إعادة العلاقات اللبنانية ـ الخليجية إلى سابق عهدها، في ظل ما تكنه دول الخليج وتحديداً المملكة العربية السعودية، من احترام وتقدير لفرنسا ورئيسها، وهذا ما يعطي الفرنسيين دفعاً قوياً للعب دور أساسي وهام في إصلاح العلاقات اللبنانية ـ الخليجية.

الواضح ان الخريطة السياسية للمنطقة تشهد تغييرات كبيرة وسريعة،تعيد رسم تحالفات مفرزة واقعا جديدا قد يغير المعادلات التي ظن الكثيرون ان الاتفاق النووي الدولي-الايراني قد ارساها.ومن ضمن تلك الخريطة بالتأكيد لبنان الذي يقع في قلب تلك الدوامة وعلى نقاط تقاطعها.