محاولات لإعادة لبنان على أجندة الاهتمام الدولي
هل يتم انتخاب رئيس الجمهورية أواسط الصيف؟
تقيم انتخابات رئاسة الجمهورية بين مدّ وجزر الحراك السياسي الداخلي والخارجي، فيما ترفع الأمواج أسهم العماد ميشال عون حيناً وتسقطه حيناً آخر. إلا أن موجة الرئيس فؤاد السنيورة جاءت عاتية لتعلن غرق حظوظ العماد ميشال عون الرئاسية.
توحي بعض الأوساط في «التيار الوطني الحر» انها لا تتوقف كثيراً عند كلام السنيورة. تراهن على انه «لا يملك الكلمة الفصل» وأن «الامور في خواتيمها»، وأن الرجل «يعبِّرعن أمانيه وليس عن وقائع ومعطيات».
لكن سياسياً مخضرماً، ممن يكنون الود للعماد عون، يشير الى انه لفت انتباهه ان «في كلام حليفه السيد حسن نصرالله ما يقطع عليه طريق الرئاسة». يوضح مقاصده باقتضاب متسائلا «كيف يمكن للسيد ان يستفيض في خطابه في التهجم على المملكة العربية السعودية ويتهمها بأفظع التهم والارتكابات، وينهي ذلك الخطاب نفسه بتأكيد تمسكه وفريقه السياسي بالعماد ميشال عون؟». كيف يمكنه أن يعلن أن «المسؤول عن تعطيل الاستحقاق الرئاسي يقع على عاتق السعودية ووزير خارجيتها سعود الفيصل اللذين يضعان فيتو على صاحب الحيثية المسيحية الأكبر، ويعتبر بعد ذلك أن ترشيحه العماد عون يمكن ان يحظى بتوافق لبناني؟».
يتلاقى كلام بعض أصدقاء عون مع خصومه في التشكيك برغبة «حزب الله» الحقيقية في الإتيان به رئيساً. ومع ذلك، يتجاوزون هذا الاعتبار، ويفترضون «التسليم بتمسك الحزب به»، إلا أن «حزب الله» سيبقى، برأيهم، «عاجزاً عن الإتيان برئيس جمهورية وحده ، شأنه في ذلك شأن مختلف القوى السياسية. فالتوافق على الرئيس يفترض ان يكون عنواناً وانعكاساً للمرحلة المقبلة، وفيها إعادة ترتيب جدية للبيت اللبناني».
وفيما يعتبر كثر من السياسيين ان التكهن بموعد إنجاز الاستحقاق الدستوري «في علم الغيب»، يبدي قلة تفاؤلا، له برأيهم ما يستند اليه. يقول أحد هؤلاء، من القلة المتفائلين، إن محاولات حثيثة تجري لوضع لبنان على جدول الاهتمامات الدولية.
تتواصل المساعي السياسية في هذا المجال. وتندرج في إطارها لقاءات الرئيس سعد الحريري من السعودية الى الولايات المتحدة وغيرها. وهذا ما تترجمه زيارة البطريرك بشارة الراعي لفرنسا ولقاؤه الرئيس فرنسوا هولاند. وهو ما تعكسه ايضاً الزيارة المرتقبة مطلع الشهر المقبل لموفد فاتيكاني. لبنان ليس متروكاً وستظهر نتائج هذه التطورات في الأشهر القليلة المقبلة.
في مقابل الاهتمام الخارجي المتزايد، لأسباب لها علاقة بضرورة الحفاظ على استقرار الوضع في لبنان، ثمة تقاطعات داخلية مصلحية. فبعض الاستحقاقات لا بد من ان يأخذها جميع الأطراف بالحسبان، كلٌ لمصلحة اجندته.
العماد عون على سبيل المثال، الذي تفترض الواقعية السياسية أن يقر بأن حظوظه تكاد تكون معدومة بالرئاسة، سيراعي في اللحظات الأخيرة كثيراً من الحسابات الوطنية والسياسية والشخصية ويقبل بالجلوس والتفاوض على اسم رئيس يتم التوافق عليه، في مقابل تسمية العميد شامل روكز لقيادة الجيش. وهنا المدة الزمنية أقصر من أيلول اذا تم الأخذ بعين الاعتبار بالإجازات والمستحقات للعميد روكز.
و «المستقبل» بدوره له مصلحة في رئيس يعيد لمّ السلطة وتسيير عمل المؤسسات، خصوصاً على المستوى الإنمائي والاقتصادي. فهذا الجزء يتحول مقتلاً في البيئة السنية الفقيرة التي يتبين أن التطرف يستغل بؤس اوضاعها. وليس تفصيلاً صغيراً أن يعترف أحد الذين وضعوا متفجرة بأنه تقاضى مقابل ذلك 25 الف ليرة لبنانية.
«حزب الله» أيضاً له مصلحة بانتخاب رئيس توافقي. فبعد فترة لن يجد الحزب مظلة يمكنها ان تحميه اثناء عودته من سوريا والعراق و «تورطه العاطفي» في اليمن، سوى رئاسة الجمهورية.
هذه الرئاسة التي هي في بداهة الأمور مصلحة مسيحية تعيد التوازن ليس فقط الى المؤسسات وتوزيع السلطة، انما خصوصاً الى فكرة لبنان وتكوينه.
وعليه يراهن على إمكان ان ترافق حرارة الصيف برودة في الملف الرئاسي توصل رئيساً يحسن الجمع بين الصفتين حيث يجب.