أقفلت الأبواب أمام أي تسوية سياسية شاملة في الافق المنظور نتيجة تمسك الاطراف السياسية كل بموقفه وطروحاته، ما دفع الى تأجيل جلسات مجلس الوزراء الى مطلع الشهر المقبل على الاقل، بالتزامن مع استمرار تعطيل مجلس النواب، وتعذّر انتخاب رئيس للجمهورية، بينما بعض الطروحات ومن كلا الفريقين صعبة التنفيذ حاليا ان لم تكن مستحيلة، لا سيما ما يتطلب تعديل الدستور منها، ما دفع احد الوزراء الى التأكيد انه لو كان بالامكان تعديل الدستور، لكان اولى بالمجلس النيابي النيابي ان ينتخب رئيسا للجمهورية.
ويبدو ان من بين الطروحات الاقرب الى العقل والمنطق والممكن تحقيقها في اقصر وقت، هو التوافق على قانون للانتخابات على اساس النسبية والدوائر الموسعة، واجراء الانتخابات النيابية على اساسه في اقرب وقت ممكن لانتاج مجلس نيابي جديد اكثر تمثيلا للشرائح السياسية والاجتماعية، ينتخب من ثم رئيسا للجمهورية وتنبثق عنه حكومة جديدة، ما يعني اعادة انتاج السلطة بشكل جديد نسبيا، واستيعاب حركة الشارع المعترض.
وتؤكد مصادر وزارية في هذا السياق، ان استمرار تعطيل المؤسسات وتغييب الحياة السياسية السليمة، ووضع القوى الامنية بمواجهة مع الناس وعدم تحقيق أي مطلب شعبي، خاصة المحق منها، من شأن كل ذلك ان يزيد احتقان الشارع وبالتالي زيادة منسوب الفوضى وتفاقم التعطيل على كل المستويات وتفاقم حالة الفساد والترهل في مفاصل مؤسسات الدولة، ما يطرح السؤال عن المدى الممكن ان يبلغه «صبر الرئيس تمام سلام»؛
ولا تنفي المصادر الوزارية «اهمية وضرورة» الاتفاق على قانون للانتخابات عادل ومتوازن، وتتمنى لو انه يكون المدخل الى بداية حل الازمات المتراكمة، ما دام انه من المتعذر التوافق اليوم على اعادة تفعيل مجلسَي النواب والوزراء، ومن المتعذر اكثر ربما التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية.
الا ان مصادر وزارية اخرى «وسطية» ترى ان الامور ما زالت عالقة بحيث انه لا يمكن التفكير بإقدام القوى السياسية على أية خطوة ايجابية في المدى المنظور، لا تفعيل مجلس النواب ولا تفعيل مجلس الوزراء، ولا حتى بمحاولة التوافق على قانون انتخابي، «لأن الكل متمترس خلف متاريسه، وكل ما يطلبه الرئيس تمام سلام اليوم هو تغطية سياسية من كل القوى لقرار الحكومة بمعالجة مشكلة النفايات، كونها ازمة طارئة لا يفترض ان تدخل في الحسابات السياسية والمصلحية والكيدية الشخصية».
وتعتقد المصادر ان طاولة الحوار بين القوى السياسية في المجلس النيابي، ليست الا محاولة لتنفيس الاحتقان وكسب المزيد من الوقت ولا يتوقع منها ان تنتج حلولا، خاصة بعد المواقف الرافضة لتعديل الدستور، لا سيما من الرئيس نبيه بري و«كتلة المستقبل»، ما يعني ان لا افق واضحا لمسار الازمة، سوى مزيد من التوتر في الشارع الذي قد تسيل فيه دماء بريئة.