Site icon IMLebanon

هل يسلك دو ميستورا طريقاً سبقه إليها الدابّي وأنان؟

تخشى المراجع الدبلوماسية التي تراقب تطوّرات الأزمة السورية أن يسلك الموفد الأممي والعربي السيد ستيفان دوميستورا قريباً الطريق التي سلكها أسلافه منذ أن كلف اللواء مصطفى الدابّي مهمة الموفد العربي الى سوريا، والذي سلّم الأمانة بعد أشهر قليلة الى سلفه كوفي انان الذي جمع مهمتَي الموفد الأممي والعربي اليها. فالصعوبات التي تعوق طريق دوميستورا كبيرة فهل يتجاوزها؟

قليلة هي السيناريوهات التي تتحدّث عن إحتمال الوصول الى تفاهمات دَولية كبرى بشأن الأزمة السورية. فكلّ المعلومات الواردة من عواصم القرار لا توحي بإمكان وجود بدايات تفاهم اميركي – روسي على رغم بدايات الحوار بينهما حول تفسير جديد لـ «جنيف 1» خصوصاً في ما يتصل بتوحيد الموقف من مقتضيات المرحلة الإنتقالية وهل ستكون برعاية الرئيس السوري بشار الأسد أو على حسابه.

وعلى خطٍ موازٍ تتواصل المشاورات التركية – القطرية – السعودية لتوحيد ما يمكن توحيده من فصائل وقوى المعارضة السورية. فبعد تجربة «جيش الفتح» في شمال سوريا وما حقّقه من انتصارات في ادلب وجسر الشغور وصولاً الى سهل الغاب لتعزيز الحصار على الساحل السوري، انتقلت التجربة نفسها الى تعزيز الجبهة الجنوبية فولد «جيش حرمون» في خطوة مستنسَخة لعلّها تفضي الى الإمساك بالجبهة الجنوبية لتعزيز الحصار على العاصمة السورية.

وعلى هامش هذه المحاولات الجارية والخيارات المطروحة ظهر جلياً أنّ الموفد الأممي والعربي ستيفان دوميستورا بات في موقع اليائس من إمكان تحقيق أيّ خطوة تشجّعه على المضي في المبادرات التي يُطلقها من وقت لآخر مستنداً الى معطيات لا تلبث أن تتبخر بفعل فقدان الثقة بين أعداء الداخل ورعاتهم في الخارج.

كلّ ذلك يجري على وقع ما تسرّب من معلومات من فريق دوميستورا تتحدث عن احتمال أن يلحق بمَن سبقه الى هذه المهمة. فهو قرأ جيداً ما آلت اليه مساعي الموفدين السابقين المبعوث العربي خصوصاً السوداني اللواء محمد أحمد مصطفى الدابّي ومن بعده الموفد الأممي الدولي والعربي كوفي أنان وقد تفهّم حجم العوائق التي حالت دون أن يؤدّيا مهمتهما ولم يكن أكثر تفاؤلاً منهما.

يستذكر دوميستورا في أيامه الأخيرة تجربة اللواء الدابّي الذي عُين في 22 تشرين الثاني 2011 موفداً عربياً لمواكبة الأزمة السورية واستقال في 13 شباط 2012 من مهمته، رافضاً سلسلة الضغوطات التي تعرّض لها وحالت دون أن يحقق أيّاً من آماله رغم الخطوات التي كان يأمل تحقيقَها لو تجاوب النظام السوري معه لمنع انتقال الثورة الى مرحلة العسكرة التي حذّر منها قبل أن تتحوّل المعارضة الى اقتناء السلاح بعد مرحلة من الرفض السلمي الذي لم يُنتج أيّ تغيير في سياسة النظام.

ولا ينسى دوميستورا أيضاً تجربة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي انان الذي اختبر المهمة عينها ما بين تسلّمه مهامه في شباط 2012 واستقالته في 31 آب من السنة نفسها. وهو الذي ردّ إستقالته الى أنه لم يحصل على الدعم المطلوب من المجتمع الدولي، ملمِحاً الى «تصاعد العسكرة على الارض وانعدام الاجماع في مجلس الامن الدولي اللذين غيّرا دَوري بشكل جذري» وهو ما حال دون إقناع الاطراف السورية بإلقاء السلاح. كما أعرب عن اعتقاده بأنّ الرئيس السوري بشار الاسد سيُضطر للرحيل «عاجلاً ام آجلاً».

وعلى هذه الخلفيات قالت مصادر دبلوماسية تواكب جهود دوميستورا إنه بدأ يشعر بالتعب رغم ما يتمتع به من برودة أعصاب وقدرة على التحمّل دون أن تخفي خلافاته العميقة مع الرئيس السوري بشار الأسد الذي التقى به الأسبوع الماضي قبل أن يغادر دمشق عبر مطار بيروت بعد أيام من هذا اللقاء الذي وُصف بأنه عاصف، وبعد أن أمضى يومين في بيروت ليجول على أصدقاء له يستشيرهم من وقتٍ لآخر في ما يمكن أن يقوم به بالنظر الى علمهم بالكثير من الحقائق في الأزمة السورية.

على كلِّ حال تعترف المراجع الدبلوماسية التي تواكب هذه التطوّرات أنّ الجهود الحقيقية التي يمكن أن تحوّل الصراع السوري في الإتجاهات السياسية لا تقف عند مساعي المبعوث الدولي والأممي أيّاً كان قراره.

فمفتاح الحلول مفقود الى اليوم ولم تعثر عليه أية جهة دولية أو اقليمية في انتظار أن تسوّي القوى الكبرى ملفات أخرى تتقدم على الملف السوري، لا بل هي التي جعلته ساحة إختبار لكلّ القوى المتصارِعة فيها وعليها الى أمدٍ غير محدَّد.