Site icon IMLebanon

هل ينفجر الصراع الاقليمي في لبنان؟

في ظل الصراع الملتهب على مستوى المنطقة، بين كافة اللاعبين الإقليميين والدوليين، تحول لبنان إلى احدى أبرز الساحات الملتهبة في الشرق الأوسط، على الأقل سياسياً حتى الساعة، من دون أن يلغي ذلك المخاوف من إنفجار الأوضاع على المستوى الأمني، نظراً إلى أن التوقيفات الأخيرة تؤكد أن الجماعات الإرهابية المتطرفة، لا سيما تنظيم «داعش» وجبهة «النصرة»، لا تستثني بلاد الأرز من قائمة أهدافها المتعددة، حيث من الممكن أن تكون بديلاً عن البلدان التي تعمل بها في الوقت الراهن، نظراً إلى الضغوطات التي تواجهها على أكثر من صعيد، لا سيما مع دخول الجانب الروسي بشكل جدي على خط محاربتها.

في هذا الاطار، كانت لافتة حالة التأزيم المتصاعد على المستوى السياسي، بين تيار المستقبل وحزب الله، منذ خطاب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في ذكرى اللواء وسام الحسن على الأقل، من دون أن تنجح كافة الإتصالات والوساطات في وضع حد لها، بالرغم من إصرار الطرفين على تأكيد الالتزام بسياسة الإنفتاح والحوار لمعالجة الملفات العالقة، وكأن المطلوب، على المستوى الإقليمي والدولي، بقاء الأوضاع على ما هي عليه في المرحلة الحالية.

في السياق نفسه، تعرب مصادر سياسية مطلعة، عن قلقها من التطورات الأخيرة في البلاد، خصوصاً في ظل تكاثر عوامل الإنفجار على المستوى الداخلي على نحو كبير، بسبب تراكم الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، التي تضاعف من خطورتها أعداد النازحين السوريين الضخمة، بالإضافة إلى أعداد اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في البلاد منذ سنوات طويلة، وتشير إلى أن بروز ظاهرة عصابات تهريب البشر، عبر البحر نحو البلدان الأوروبية، أمر بالغ الخطورة ينبغي التوقف عنده مطولاً، لا سيما أن هناك أعداداً ضخمة من اللبنانيين الذين يعملون على خوض غمار هذه المغامرة الخطيرة.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لا تقوم الحروب على أسس أمنية أو سياسية، في أغلب الأحيان، بل تلعب الظروف الإجتماعية والإقتصادية الدور الأبرز فيها، حيث تكون الباب الذي تدخل من خلاله القوى الكبرى من أجل تحقيق مصالحها، فتعمل على إستغلال الأزمات المتعاقبة بهدف تفجيرها في وجه القوى المحلية، التي لا تكون قادرة على السيطرة على الأمور بسبب إرتباطاتها الخارجية، بالإضافة إلى عجزها نتيجة الفساد المستشري في كافة المؤسسات الرسمية.

وتلفت المصادر نفسها إلى أنه خلال مؤتمر عن إنتشار الجماعات الإرهابية في البلدان العربية، الذي عقد في الآونة الأخيرة، طرحت الكثير من الأسئلة حول العوامل المرتبطة بالتعليم والصحة والبطالة والغذاء، ودورها في لعب دور سلبي على هذا الصعيد، لتشير إلى أن النتيجة كانت بأن لبنان يتمتع بكل مقومات جذب الإرهاب والتطرف إليه، لا سيما على المستوى الإجتماعي، حيث فشلت القوى السياسية، منذ الحرب اليمنية، في التخفيف من حدة الإحتقان المذهبي، لا بل عملت على رفع منسوبه من خلال الخطابات التحريضية.

من وجهة نظر هذه المصادر، الأمور في الأيام المقبلة لن تتوقف عند هذه النقطة، بل من المرجح أن تمتد إلى ما هو أخطر منها، لا سيما أن القوى المحلية مرتبطة بأخرى إقليمية تخوض فيما بينها حرباً قاسية، وتلفت إلى أن جميع المؤشرات توحي بأن البلاد ذاهبة نحو أزمة مفتوحة على كافة المستويات، لا سيما السياسية والدستورية، لا سيما بعد أن أصبح واضحاً أن لبنان متروك لمواجهة مصيره، وليس هناك من مؤشرات لمساع قد تقوده إلى مؤتمر دوحة جديد، كما تتحدث بعض الأوساط السياسية، في ظل إنشغال جميع اللاعبين في الصراع السوري.

من هذا المنطلق، تعدد مصادر أمنية مطلعة، جملة من المعطيات التي لا ترى أنها تبشر بالخير، بسبب تزامنها مع بعضها البعض، وهي تبدأ من حالة التشنج السياسي القائمة بين كافة الأفرقاء على خلفيات مختلفة، ولا تتوقف على الأوضاع الداخلية بل ترتكز على أخرى ذات أبعاد إقليمية ومذهبية، ولا تنتهي بالحراك القائم في الشارع الذي لا أحد يعرف حتى الآن مدى قدرته في أي تحرك مستقبلي على الحشد، في ظل عجز الحكومة عن معالجة أزمة النفايات، التي باتت تشكل خطراً بيئياً وصحياً كبيراً.

وتشير هذه المصادر إلى أن هناك وقائع ينبغي التعامل معها بشكل سريع، وتستغرب كيف أن الأفرقاء السياسيين لم يدركوا حتى الساحة حجم المخاطر التي تهدد البلاد، بالرغم من أن الأجهزة الأمنية تعرض بشكل علني كافة المعطيات التي تتوفر عندها، وتشدد على أن تلك الأجهزة تلقي القبض يومياً على عنصر أو أكثر أعلن مبايعة التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وتضيف: «هذا الأمر خطير جداً لا يمكن التعامل معه من منطلق زيادة الإحتقان المذهبي في الشارع، بل يجب أن يكون المنطلق الذي يفرض على الجميع تقديم التنازلات من أجل المصلحة الوطنية العليا».

وفي حين تؤكد المصادر نفسها أن المعركة في لبنان لن تكون نتيجتها في نهاية المطاف لمصلحة الجماعات الإرهابية المتطرفة، تشدد على أنها ستكون مكلفة جداً، لكنها تراهن على قدرة الأجهزة الأمنية على خوض حرب إستخباراتية تقوم على إكتشاف العمليات الإرهابية قبل حصولها، لكنها في الوقت نفسه تسأل: «ماذا لو نجح الإرهابيون في تنفيذ عملية ضخمة؟ هل تساعد الأوضاع المتشنجة على معالجة تداعياتها؟»، وتضيف: «في الأيام الأخيرة تم توقيف خلية إرهابية كانت تعمل على الإعداد لتنفيذ عملية خلال احياء مراسم عاشوراء، إلا أن أحداً لم يسأل عن اللحظات التالية فيما لو لم تنجح الأجهزة الأمنية في توقيف المخططين قبل تنفيذهم جريمتهم».