Site icon IMLebanon

هل تسهّل “ورقة التفاهم” بين عون وجعجع الاتفاق على انتخاب رئيس توافقي؟

اذا كان من المهم توصل العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع الى اتفاق على “اعلان مبادئ” أو “اعلان نيات”، فإن الأهم هو اتفاقهما على انتخاب رئيس للجمهورية قبل أن يدخل هذا الانتخاب بازار التفاهمات بين الولايات لامتحدة الاميركية وايران.

ومعلوم أن كل اتفاق كان له فريق يسهر على تنفيذه، من “ميثاق 43” الى “اتفاق القاهرة” الى “اتفاق الطائف”، ومن الطبيعي أن يكون للاتفاق الذي يتم التوصل اليه بين عون وجعجع ويحظى بموافقة الشريك الآخر فريق يحكم ليتولى تنفيذه وإلا ظلّ حبراً على ورق، خصوصاً أن في مسودة الاتفاق بين “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية” بنوداً مهمة اذا ما نفّذت من شأنها أن تعيد الى المسيحيين دورهم وأن تعزز العيش المشترك، بحيث لا يبقى في ظل هذا العيش غالب ومغلوب ولا من يشعر بالغبن والخوف والاحباط. وأهم ما في هذه البنود إخراج لبنان من دائرة التجاذبات والصراعات بين المحاور والتزامه سياسة الابتعاد عنها حرصاً على الوحدة الداخلية والسلم الأهلي، وهذا معناه ان لا “التيار الوطني الحر” يلتزم الانحياز الى المحور الايراني، ولا “القوات اللبنانية” تنحاز الى السياسة المناهضة لهذا المحور، حتى إذا ما صار تأييد مرشح للرئاسة الأولى لا يكون محسوباً على أي محور. وهذه خطوة أولى مهمة على طريق التفاهم على المرشح الذي يلتزم تنفيذ البرنامج الذي يكون قد تم التوافق عليه، ليس بين عون وجعجع فقط بل بين القوى السياسية الاساسية في البلاد.

إلا أن ما يشغل بال اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم ليس التوصل الى اتفاق على برنامج عمل الرئيس العتيد، انما الاتفاق على انتخاب هذا الرئيس وعدم انتظار نتائج المحادثات حول الملف النووي الايراني، ولا نتائج المساعي المبذولة لانهاء الحرب في سوريا لئلا يكون لها انعكاسات على لبنان اذا كان تم ادخاله في صفقة توزيع الحصص والنفوذ في المنطقة، وكان لبنان من حصة هذه الدولة أو تلك.

لذلك فإن “لبننة” الاستحقاق الرئاسي باتت شيئاً مهماً جداً وضرورياً، خصوصاً عندما يتم التوصل الى اتفاق على “ورقة المبادئ”، ليس بين عون وجعجع فقط انما بين كل القوى السياسية الاساسية في البلاد، حتى اذا ما تعذّر الاتفاق على تسمية مرشح لرئاسة الجمهورية، فإن الاتفاق يكون قد تم على البرنامج المطلوب من أي رئيس يتم انتخابه والتزام تنفيذه كاملاً. وعندها لا يعود الشخص هو المهم انما البرنامج. فهل يتم التوصل الى اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية بعد الاتفاق على البرنامج، أم يظل متعذراً التوصل الى ذلك فيستمر الشغور الرئاسي ويفقد البرنامج الذي صار الاتفاق عليه معناه واهميته، ويصبح رئيس الجمهورية صنع الخارج حتماً، وتحديداً الخارج الاقليمي اي ايران كما كانت سوريا من قبل؟

والسؤال الذي يثير قلق اللبنانيين هو: هل تسلّم الولايات المتحدة الاميركية بنفوذ لايران في العراق واليمن وسوريا ولبنان اذا ما اتفقت معها حول الملف النووي؟ أم تبقي لبنان خارج أي نفوذ للمحافظة على وحدته الوطنية وعيشه المشترك، وما الذي يحصل في المنطقة، ولا سيما في لبنان، اذا لم يتم التوصل الى اتفاق حول الملف النووي؟ هل يدرك اقطاب مسيحيون عندئذ خطورة الوضع ويعملون على انتخاب رئيس للجمهورية بمعزل عن نتائج المحادثات حول الملف النووي وعما يحل بسوريا؟

في المعلومات أن الولايات المتحدة الاميركية تحرص على إقامة توازن بين الدول المعنية في المنطقة بحيث لا يكون بينها غالب ومغلوب بل توافق من أجل مكافحة الارهاب، إذ من دون هذا التوافق يكون انقسام حاد داخل كل دولة سياسياً، وبالاخص مذهبياً، من شأنه أن يفشل كل الخطط لمكافحة الارهاب، ولا يعود عندئذ سبيل للخروج من خطره إلا بالتقسيم عند الخلاف على التقاسم. وهذا ما تريده إسرائيل لتصبح الدولة الأقوى في المنطقة بعد إزالة السلاح الكيميائي السوري والنووي الإيراني.