IMLebanon

هل ينجَح الفيصل في ترتيب العلاقة مع موسكو؟

يصل وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في زيارة رسمية اليوم الى العاصمة الروسية موسكو، حيث يَلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف وسط أنباء عن لقاء آخر يجمَعه بالرئيس فلاديمير بوتين.

تأتي زيارة وزير الخارجية السعودي في ظروف استثنائية على المستويَين العربي والدولي، إذ إنّ تباعد الرؤى بين موسكو والرياض في الأزمة السورية على مدى أكثر من ثلاثة أعوام، وضَع العلاقات بينهما على المحكّ، على رغم محاولات تقريب وجهات النظر التي قام بها سابقاً رئيس جهاز الاستخبارات السعودية العامة السابق الأمير بندر بن سلطان، خلال زيارتين متتاليتين الى روسيا.

لكنَّ مستجدّات الحراك الديبلوماسي الروسي الأخير على خطّ جمَع ممثلي الائتلاف السوري المعارض مع أركان النظام في موسكو قبل انعقاد جولة جنيف الثالثة، استَدعت تحرّكاً سعودياً لمزيد من الاطلاع على مكوّنات الطبخة التي يُعدّها أركان الخارجية في الشأن السوري.

وبما أنّ غياب الدور السعودي عن أيّ تحرك في اتّجاه حلّ الأزمة سيؤدي الى تراجع دور المملكة عربياً وإقليمياً، فإنّ زيارة الفيصل لن تنحصر في الاطلاع على الجهود الروسية، بل ستتناول أدقّ التفاصيل لوضع تصوّر في شأن آليات الخروج من الأزمة.

بدورها، تدرك موسكو أهمية الرعاية السعودية لأيّ اتفاق في اعتبارها تشكل الغطاء العربي الأكبر، نظراً إلى تأثيرها السياسي والاقتصادي عربياً وإقليمياً. لذا، تكتسب لقاءات الأمير السعودي مع سيّد الكرَملين ووزير خارجيته أهميّة كبرى في مسار جهود تسوية الأزمة السورية، وستُساهم في تبريد الاجواء بين الممكلة وروسيا، خصوصاً بعد انخفاض أسعار النفط في الاسواق العالمية التي أدّت الى تراجع صرف أسعار الروبل الروسي أمام الدولار الاميركي بنسبة تصل الى ستين في المئة، الامر الذي يمكن أن يُشكّل عجزاً في ميزانية البلاد، في اعتبار أنّ القطاع النفطي يُعتبر العصب الأساس للاقتصاد الروسي.

وبما أنّ السعودية تُعتبر لاعباً أساسياً في بورصة الأسعار النفطية، فإنّ ذلك يُخوّلها الدخول في مقايضة للمواقف مع روسيا، خصوصاً أنّ الرياض هي بمثابة الأب الروحي للمعارضة السورية، وهي تسعى منذ بدء الازمة السورية ليس الى إسقاط الرئيس بشار الاسد عن كرسي الرئاسة فحسب، بل الى إخراجه من المعادلة السورية كلياً.

والظروف الحالية تسمح لها بالطلب من موسكو رَفع الغطاء عن النظام السوري في مقابل وقف تدَهور أسعار النفط، في اعتبار أنّ ذلك يريح روسيا من أعباء لعبة العملات في ظلّ تعرّضها لحملة العقوبات الأميركية والاوروبية.

لكن وفي قراءة معمّقة للمواقف الروسية المتعلقة بالأزمة السورية، من المستبعَد أن تُقدّم موسكو تنازلات في هذا الشأن، ولا سيما أنّ ما تشهده منطقة الشرق الاوسط من تنامٍ لنشاط الحركات الارهابية المتطرّفة كان محور تحذير دائم على لسان كبار مسؤوليها، ويبدو أنّ المناخات الدولية أثبَثت صحّة النهج الروسي، وهذا ما تجلّى في دعوة مجلس الامن الدولي في جلسته الاخيرة الى تجفيف منابع تمويل وتغذية تنظيم الدولة الاسلامية والتنظيمات الارهابية المتطرّفة الاخرى، وهذا ما نادت به موسكو مراراً وتكراراً في وقت سابق.

كما يؤكّد إعلان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أنّ اعداد المقاتلين الاجانب في سوريا والعراق بلغ 15 الفاً جاؤوا من ثمانين دولة، صحة التحذيرات التي أطلقها الروس قبل بدء الحرب التي يشنّها التحالف الدولي على «داعش».

وعلى رغم تكتّم الخارجية الروسية عن مضمون زيارة الفيصل وبرنامجها، إلّا أنّ أوساطها تؤكد أنّ كل الموضوعات مطروحة للبحث مع المملكة بلا تحفّظ، وأنّها تُعوّل على تحقيق تقدم في كلّ الملفات، في مقدّمها الأزمة السورية.