IMLebanon

هل تنجح فرنسا في فصل الأزمة اللبنانية إذا استمرّ التباعد بين إيران والسعودية؟

لا تزال أوساط رسمية وسياسية تأمل في التوصل إلى اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية خلال شهر آذار أو نيسان لأن المسعى الفرنسي يكون قد اقترب من النجاح بجعل إيران والسعودية تقتربان من الاتفاق على إجراء هذا الانتخاب حتى وإن لم يحصل اتفاق على اسم مرشح توافقي.

تقول مصادر مطلعة إن المفاوضات حول الملف النووي حتى ذاك الوقت تكون قد ظهرت ولو أولى نتائجها وبات في إمكان إيران أن تتساهل في لبنان وتساعد على انتخاب رئيس للجمهورية، كما تكون المساعي الروسية لحل الأزمة السورية قد ظهرت نتائجها أيضاً، وكذلك الوضع في العراق الذي يتقدم في مكافحة “داعش” وأخواتها، وانجلت صورة الوضع في ليبيا واليمن، وبات في الإمكان البحث في تقاسم النفوذ.

لكن ما يخشى منه هو اشتداد التجاذب السياسي بين الرئيس باراك أوباما والكونغرس بحيث تكون له انعكاسات على الانتخابات في اسرائيل وعلى الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، وربما حتى على سير المفاوضات حول الملف النووي الإيراني. فإيران تريد أن ترفع عنها كل العقوبات فور توقيع الاتفاق على هذا الملف، في حين أن مسؤولين أميركيين متشددين يرفضون رفع هذه العقوبات إلا بعد التفاهم مع إيران ليس على الملف النووي فقط إنما على الأوضاع في العراق وفي اليمن وفي سوريا ولبنان، إذ يخشى هؤلاء إذا ما ارتاحت إيران اقتصادياً ومالياً أن تتشدّد سياسياً في مواقفها عند البحث في هذه الاوضاع ولا سيما في اليمن وسوريا.

وفي المعلومات أن فرنسا تحاول فصل معالجة أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان عن أزمات دول في المنطقة لأن طبيعة حل الأزمة في لبنان تختلف عن طبيعة حل الأزمات في دول أخرى حيث الفوضى والاقتتال الداخلي، في حين ليس في لبنان سوى أزمة سياسية هادئة حول انتخاب رئيس للجمهورية، وانه بمجرد التوصل الى اتفاق اقليمي – دولي على شخص الرئيس المناسب للمرحلة، او يتم التوصل الى تأمين نصاب جلسة انتخابه إذا ما تعذر الاتفاق على شخص الرئيس، هو ما يعلّق الرئيس نبيه بري الآمال عليه في الحوار الجاري بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، والذي تنعكس نتائجه على الحوار المرتقب بين “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع. فعندما يوافق “تيار المستقبل” و”حزب الله” وحركة “أمل” على آلية انتخاب رئيس للجمهورية لتأمين النصاب، فلا يعقل أن يكون للعماد عون موقف مخالف وهو القائل في حديث صحافي رداً على سؤال: “لا تسألني عمن سيأتي رئيساً للجمهورية، فقد يأتي الوحي وأقول سأرشحك أنت. علينا أن نتفق أولاً على المبادئ التي تقوم عليها الجمهورية”…

لذلك ينبغي من الآن حتى شهر آذار أو نيسان مراقبة سير المفاوضات حول الملف النووي ومتى يتم رفع العقوبات بالتقسيط او بالجملة، حتى إذا ما تعثر التوصل الى هذا الاتفاق فإن المساعي الفرنسية تواجه عندئذ عقدة فصل حل أزمة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان عن أزمات دول في المنطقة، ويكون نجاح هذه المساعي أول مؤشر لجعل لبنان خارج صراعات المحاور في المنطقة وخارجها.

ويعتقد متابعو سير التطورات في المنطقة ان سنة 2015 قد تكون سنة بداية الانفراج عند الاتفاق على الملف النووي الايراني، أو بداية سنة الانفجار إذا تعذر التوصل الى هذا الاتفاق. والأرجح أن تخرج دول المنطقة من أزماتها، فالحروب في زمن أسلحة الدمار الشامل لن يخرج منها أحد منتصراً، إنما المنتصر الوحيد يكون الخراب والدمار للجميع، وان السلاح الاقتصادي الذي بدأ استخدامه ضد كل عاص على الحلول، هو السلاح الفاعل الذي يجعل كل المتضررين منه يقبلون بالحلول عندما لا يجدون امامهم خيارا آخر. وايران قد تكون اول دولة تعطي اشارة الانفراج في المنطقة قبل ان تواجه تعنت المتشددين في الكونغرس الاميركي منتصف السنة الجارية. فإذا كانت الحروب تنتهي بالجلوس الى الطاولة لعقد اتفاق صلح، فلماذا لا يتم عقد هذا الاتفاق تجنباً لويلات الحروب؟!