أسئلة وتساؤلات كثيرة تُطرح في حال قرّر رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع تأييد ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة منافساً المرشح النائب سليمان فرنجيه بعد لقاء يعقد لهذه الغاية. ومن هذه الأسئلة والتساؤلات:
1 – هل ينسحب المرشّح فرنجيه لمنافسه المرشح عون إذا ظل مصرّاً على الترشّح خصوصاً بتأييد جعجع له حرصاً على وحدة قوى 8 آذار بحيث لا تتعرّض للانقسام عند مواجهة مرشّحين اثنين منها؟
2 – أي موقف ستتخذه قوى 14 آذار إذا أصبح عون وحده مرشّح 8 آذار، ومن هو المرشّح الذي سينافسه، تنافسه عندئذ بالمرشّح جعجع، وماذا يحل إذذاك بورقة “اعلان النيات” المعقودة بينهما؟
3 – أي موقف سيكون لـ”حزب الله” إذا انحصرت المنافسة على الرئاسة بين عون وفرنجيه، هل يوزّع أصوات نوابه بينهما بالتساوي وليفز من يفوز منهما لأنه سيكون فوزاً لـ 8 آذار وخطّها السياسي؟ ومن يكون “بيضة القبان” في تأمين هذا الفوز، هل يكون رئيس “القوات” سمير جعجع، أم أن أيّاً من المرشّحين عون وفرنجيه لن يستطيعا الحصول على 65 صوتاً وهي الأكثرية النيابية المطلوبة للفوز؟
المهم أن ترشيح عون وفرنجيه للرئاسة، إذا ما تقرّر، من شأنه أن يؤمّن نصاب جلسة الانتخابات الرئاسية ويُعيد إلى اللعبة الديموقراطية دورها والى الدستور احترامه. وفي حال عدم فوز أي من المرشّحين عون وفرنجيه بالرئاسة، فإن حصر الترشّح بالأقطاب الموارنة الأربعة يكون قد انتهى وأصبح الباب مفتوحاً أمام المرشّحين المستقلّين ومن خارج هؤلاء الأقطاب. وعند الانتقال الى مرحلة ترشيح المستقلين، هل يرفع الرئيس نبيه بري الجلسة عندما لا يفوز أي من عون وفرنجيه استعداداً لجلسة انتخاب أحد المرشّحين المستقلّين إفساحاً في المجال للتشاور بين الأحزاب والكتل حول أي من هؤلاء المرشّحين يمكن الاتفاق والتوافق عليه ليفوز بالتزكية، أو ترك اللعبة الديموقراطية تأخذ مداها ما بين المرشحين ليفوز منهم من ينال الأصوات النيابية المطلوبة؟
ثمة من يرى أن الدكتور جعجع إذا ما قرّر بعد لقائه العماد عون تأييد ترشيح الأخير، فإن الأحزاب والكتل سوف تتلاقى وتتشاور لاتخاذ موقف إما بتأييد أحدهما، وإما الاتفاق على مرشّح ثالث إذا لم يتوصّل أي من عون وفرنجيه إلى نيل أصوات الأكثرية النيابية المطلوبة للفوز. إلا أنه يخشى إذا انتهت جلسة المنافسة بين عون وفرنجيه بفوز أحدهما ورفعت الجلسة استعداداً لانتخاب مرشّح ثالث أن يعود بعض الأحزاب والكتل إلى ممارسة سياسة تعطيل النصاب فتعود أزمة الانتخابات الرئاسية عندئذ إلى نقطة البداية.
لذلك ينبغي أن يكون النواب من مختلف الأحزاب والكتل على استعداد لانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة تبقى مفتوحة الى أن يتم هذا الانتخاب ومن خلال إجراء دورات اقتراع عدة، حتى إذا لم يفز أي من المرشحين عون وفرنجيه وفقاً للآلية التي ينص عليها الدستور، ولا انسحب أحدهما للآخر لتصبح المنافسة حادة بين 8 و14 آذار في تأييد مرشحّين مستقلّين مُعلنين وغير مُعلنين، فتختلط الأوراق داخل 8 و14 آذار نظراً إلى علاقة كل نائب بالمرشّح المستقل، الشخصيّة أو السياسية. لذا يمكن القول إن أهمية خوض الانتخابات الرئاسية بمرشّح واحد أو أكثر هي أن لعبة تعطيل النصاب تكون قد انتهت وعاد العمل بآلية الدستور في انتخاب رئيس للجمهورية. هذا إذا كانت ارادة كل القادة في لبنان مصمّمة على انتخاب رئيس قبل أن تتدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد إذا ظل كل طرف يُراهن على التطوّرات في المنطقة ويظن أن نتائج قد تصب في مصلحته، فتلتقي عندئذ إرادة بعض الداخل في لبنان وبعض الخارج على استمرار الشغور الرئاسي.
ويرى رئيس حكومة سابق أن المبادرة التي تحظى بتأييد داخلي وخارجي، وسمَّى لها طرف النائب فرنجيه مرشحاً للرئاسة وطرف آخر عارض ذلك لأن له مرشحاً آخر، فانها تبقى مبادرة جدية أخرجت الانتخابات الرئاسية من جمودها ومن لعبة التعطيل ووضعت مجلس النواب بكل مكوّناته أمام مسؤولياته إمّا بالاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، وإمّا بجعل المنافسة بين المرشّحين تقرّر بالاقتراع السري من يكون رئيساً للبنان لأن الاستمرار في تعطيل نصاب الجلسات لأي سبب هو تعطيل لمصالح الوطن والمواطن يتحمّل المستمرّون به من دون جدوى المسؤولية الكبرى أمام الله والوطن والتاريخ.