IMLebanon

هل يعيد جعجع الحريري الى حجمه الطبيعي؟

تنظر الاوساط المواكبة للمجريات الى الآتي الاعظم على الساحة السورية بقلق كبير وعن التداعيات التي ستتلقاها الساحة المحلية الهشة نتيجة ذلك، لا سيما وانه وفق المعلومات استقدمت التيارات التكفيرية وفي طليعتها «داعش» آلاف المقاتلين من باكستان وافغانستان لتدعيم الجبهات التي انهارت واحدة تلو الاخرى في مدينة حلب عبر احدى الدول الخليجية، كما ان القيادة العسكرية السورية حشدت اكثر من 50 الف مقاتل اشرف على تدريبهم مدربون روس، تمهيداً للمعركة الفصل في اكثر من منطقة في سوريا بدءاً من دمشق ووصولاً الى الساحل السوري مروراً بارياف حمص وحلب وان جولة المفاوضات الثالثة بين القيادة السورية والمعارضة في جنيف ستنعقد على نتائج ما يحصل في الميدان الذي تعتبر الكلمة الفصل له اولاً واخيراً، وما يضفي على المرحلة الراهنة طابع الاستثنائية في الدقة انفجار الصراع الايراني ـ السعودي تقول اوساط متابعة، اثر اعدام الشيخ نمر النمر واحراق السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد ما دفع بالرئيس نبيه بري الى الاصرار على انعقاد طاولة الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» بمشاركته شخصياً لفصل ما يمكن فصله من تأثيريات الخلاف المذكور على الملف الداخلي البالغ الاحتقان.

وتضيف الاوساط ان الصراع الايراني ـ السعودي كان احد ابرز تجلياته الاطاحة بالمبادرة التي اطلقها الرئىس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية وبقيت في خانة «الجدي» دون انتقالها الى «الرسمي» وسط كلام عن اجتماع ثان حصل بين الرجلين في باريس اجمع الطرفان على نفيه ورب ضارة نافعة وفق مصادر «التيار الوطني الحر»، كون المبادرة قربت بين العماد ميشال عون الذي سيزور معراب في التوقيت الملائم، ورئىس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وربما قد يلعب الاخير ورقته الرابحة في ترشيح عون ليقلب الطاولة على الجميع وفي طليعتهم الحريري.

وتشير الاوساط البرتقالية الى ان مبادرة الحريري ان دلت على شيء فعلى ان الاخير لا يزال غز في السياسة ويحكم وفق عقلية الامراء في السعودية، واذا كان يصح ذلك في تعميم اوامره داخل «تيار المستقبل» فان الامر يختلف مع عون وجعجع وشتان ما بين الثرى والثريا، فالجنرال رجل دولة من الطراز الرفيع ويتعامل مع الجميع من حيث هو لا من حيث هم، وهو لن يغفر للحريري خديعته يوم احتفل بميلاد عون الثمانيني في بيت الوسط ومن ثم رشح فرنجية للايقاع بين فريق 8 اذار.

وتقول الاوساط البرتقالية ان الحريري ارتكب خطيئة حيال جعجع وطعنه في ظهره، علماً ان «الحكيم» يأمر ولا يؤمر في تاريخه السياسي وهو فضل السجن 11 عاماً تحت الارض على الرضوخ للوصاية السورية كما انه نجح في اقامة دولة من المدفون الى كفرشيما سقط جميع اخصامه السابقين ابان الحرب الاهلية على ابوابها، فمن يكون الحريري في ميزان السياسة ليسمي رئيساً من الموارنة، وسبق له في العام 2007 ان اعلن عن ترشيح الرئىس ميشال سليمان عبر بيان اصدره النائب عمار حوري وكذلك هي الحال بترشيحه فرنجية.

وتشير الاوساط البرتقالية الى انه في حال رشح جعجع عون فسيصيب سرب عصافير في حجر واحد ويأتي في طليعة ذلك اقتراب قواعد التيار الى حدود الالتصاق به سواء نجح عون في الوصول الى بعبدا ام لم يصل، اضافة الى انه بذلك يكرس مقولة الرئيس القوي فيكون الثاني بعد الجنرال في بعبدا، ناهيك بان عون كرئيس للجمهورية سيكون غيره كزعيم مسيحي او كرئيس لتيار سياسي فهو رجل دولة من الدرجة الاولى وخريج المؤسسة العسكرية التي يشهد لها في صهرها الجميع في بوتقة وطنية، وفي النتيجة يعيد جعجع بذلك الحريري الى حجمه الطبيعي، كما يكرس بذلك «اعلان النوايا» ويعطي هذه الورقة التي محت التاريخ السوداوي طابع الميثاق الماروني اذا جاز التعبير كون الجنرال و«الحكيم» يتقاسمان بندية الساحة المسيحية.