IMLebanon

هل تُعطى شارة التصعيد ضدّ حزب الله في لبنان؟!!

لو لم تقم القوى الارهابية الممثلة بـ «داعش» و«النصرة» وتوابعهما، بخطف العسكريين اللبنانيين، والامساك بملف المخطوفين والتأثير عل عوائلهم، لفرض واقع امني ضاغط، لكانت فتشت عن اسلوب ارهابي آخر، تقول مصادر مقربة من 8 آذار، لفرض ارهابها على الواقع اللبناني، وتوفير شروط الحرب الامنية والاعلامية، لصناعة بروباغندا تُسوّق لفكرها ومخططاتها في السوق اللبنانية وتحاكي البيئات اللبنانية «المتعاطفة».

والقول ان القوى الارهابية تريد ابتزاز الحكومة باطلاق موقوفين مناصرين لها اوقفوا بعمليات ارهابية، هو كلام فيه من البراءة ما يكفي، ليخفي الاهداف الحقيقية التي اُريد من هذه العملية، وترى المصادر، ان عملية اختطاف العسكريين بعد الهجوم على مواقع الجيش اللبناني، كانت الباب الذي منه دخلت القوى الارهابية الى الساحة، لتنفيذ عمليات ارهابية تستهدف لبنان برمته، وان كان غلب على اجندتها عنوان استهداف «حزب الله» الذي يشكل الطرف الاقوى الذي يقف في مواجهتها ، الى جانب الجيش اللبناني، وهي عمليات تحاكي في كثير من جوانبها المعركة القائمة اصلا من قبل قوى الرابع عشر من آذار، التي تُصر على اتهام «حزب الله» بأن مشاركته القتال في سوريا هي التي استدعت هذه القوى الى لبنان، وان كانت هذه المعركة تتراجع حينا وتشتد احيانا، وفق مقياس يرصد مزاج العلاقات السعودية ـ الايرانية.

وتشير المصادر، الى ان الحرب الامنية التي تشنها القوى الارهابية ضد الجيش اللبناني، تتناغم مع الاجندة الاسرائيلية في خلق جبهات بديلة عن جبهته المنهزمة من «العدو الاول لاسرائيل» الذي يمثله «حزب الله» لارباكه واستهدافه بما يؤثر على دور واداء وتنامي قدراته المسلحة في المقاومة، فالهجمات الارهابية بدأت بتفجيرات استهدفت مناطق نفوذ «حزب الله»، فضلا عن مؤسسات دبلوماسية ايرانية، مع ما يحمل ذلك من ابعاد اقليمية فسرها الايرانيون سريعا، وحددوا الجهة القادمة منها «الرسالة التفجيرية» في بئر حسن، وتدرّجت الهجمات لتطال الجيش اللبناني من خلال استهداف حواجزه ومراكزه وجنوده، انطلاقا من ان الجيش اللبناني ما زال يشكل الاداة العسكرية الوحيدة التي حاصرت دائرة الاستهدافات الامنية وصولا الى شل قدرات الارهابيين في التحرك والتنقل، بعد احكام السيطرة على المداخل المؤدية الى منطقة جرود عرسال وضيَق الخناق على جغرافية عملياتها الارهابية، فالجيش اللبناني نجح في تفكيك العديد من الشبكات الارهابية، غداة معركة عرسال، واحبط عمليات تفجيرية في مهدها، كما نجح في منع انتشار المربعات الامنية و«دويلات الخلافة» التي يعلنها «امراء» التي كان يُرسم لها، وصولا الى رسم جبهة عسكرية على خط الحدود بين جرود عرسال وبريتال، مع طموح بفتح جبهات اضافية في منطقة شبعا المتاخمة لمواقع الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب، وتنفيذ مخططها ـ الحلم، في السيطرة على منفذ بحري من خلال التمدد في عكار، وهو ما حذر منه قائد الجيش العماد جان قهوجي.

وبرأي الاوساط نفسها، فان استمرار العمليات الارهابية التي تستهدف اللبناني في طرابلس وبعض المناطق العكارية، رفع من منسوب المخاوف من تصاعد حدة المواجهات، سيما في المرحلة المقبلة، حيث لم يستطع ولم ينجح ما سُمي بـ «التحالف الدولي لمواجهة الارهاب» في ان يسجل اي انجاز عسكري واضح المعالم من شأنه ان يغير من موازين القوى ويوقف «الزحف الداعشي» في سوريا والعراق، وكأن الامر بات «فزاعة» تلوح بها الادارة الاميركية لتحقيق المزيد من اذعان وارتهان انظمة المنطقة للاميركيين، .. والا فالخطر «الداعشي» ما زال قائما، فـ «عين العرب» او «كوباني» الكردية في سوريا، خير مثال على هذه الحقيقة المرة، التي تؤكد ان من صنع «داعش» ينبري اليوم لمواجهتها، ومشهد الاستنفار العالمي والحرص الاميركي والدولي والاستماتة في الدفاع عن اربيل وجاراتها في العراق، هو مشهد مغاير في قضية اكراد سوريا المقيمين عند تخوم الاراضي التركية التي تنفذ اجندة موازية لاجندة «داعش» في ضرب حزب العمال الكردستاني، فيما تبارك تركيا التقدم «الداعشي»، ولو البطيء، على كوباني التي تعتبرها الاستانة انها بؤرة خطر مستقلبية على الامن القومي لبلاد سليمان باشا العثمانية.

وتضيف المصادر، ان الحديث الاميركي عن ان الحرب ضد الارهاب ستمتد لسنوات طويلة، ما هو الا مؤشر على ان الاميركيين اظهروا انهم ليسوا بعجلة من امرهم لازاحة هذا الخطر الذي صُنع من قبل «حلفاء الولايات المتحدة الاميركية»، وفق ما اعترف نائب الرئيس الاميركي جو بايدن،وهو اعتراف اثار عاصفة في العالم ..فتحركت دبلوماسية الدول المتهمة على خط الاستنكار والاستغراب والدهشة، لينتهي الامر باعتذار لم يُغيّر من الحقيقة شيئا لدى صنّاع القرار.

وتتخوف الاوساط من ان يكون الاتهام السعودي الجديد الذي اطلقه وزير الخارجية السعودية ضد ايران، ودعاها الى سحب «جيشها المحتل» من سوريا، مقدمة لاشارة قد تُعطى لتصعيد الحملات القائمة اصلا، ضد «حزب الله» في لبنان، سيما وان الرد الايراني بالطلب الى السعودية بسحب جيشها «الذي يتدخل في الشؤون الداخلية للبحرين جاء ملائما للاتهام السعودي. ما هو واضح في الساحة اللبنانية، تقول الاوساط نفسها، ان ايران تدرك جيدا حجم نفوذها وتأثيرها على الداخل اللبناني، والسعودية كذلك، لكن ما تجهله السعودية ان اطالة عمر الحملات التي تستهدف «حزب الله» ودوره في سوريا، قد يؤدي الى نتائج معاكسة لما هو متوقع، فالتحريض المذهبي، وهو السلاح الذي يؤذي «حزب الله»، اكثر مما يؤذيه اي سلاح آخر، لن يحصد سوى المزيد من الانقسام المذهبي بين اللبنانيين، والاخطر من ذلك توفير مناخات حاضنة للقوى الارهابية ، وبالتالي، فان «حزب الله» سيجد نفسه عاجزا عن امساك الساحة لمنعها من مواجهة الفتن والغرائز المتفلتة من اي اعتبار، هذا في حال استنفذت كل الوسائل لتهدئة الرؤوس الحامية، وقد يجد الجميع انه امام عملية قيصرية تُخرج الفتنة من رحمها اين منها احداث السابع من ايار 2008.