خمس ساعات ونيف استغرق اللقاء قبل أيام بين الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ووفد من حركة «حماس» برئاسة نائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري. والجلسة التي كانت مقرَّرة سابقاً، وفق جدول أعمال مُعَدّ سلفاً، «دهمه» حدثان طارئان: إعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
يؤكد المطلعون على مجريات الاجتماع الطويل بين نصرالله و«حماس» أنه كان ممتازاً واتخذ الطابع الاستراتيجي، ونوقشت خلاله قضايا المنطقة ولا سيما منها تلك المتصلة بالنزاع مع اسرائيل.
وتمّ التوافق بين الطرفين على ضرورة تكامل الجهود والقوى بين مكوّنات محور المقاومة لمواجهة الهجمة الأميركية – الإسرائيلية التي تشمل جميع أطراف هذا المحور بلا تمييز.
كذلك شدّدا على ضرورة تفعيل التعاون والتنسيق بين «الحزب» و«حماس» على كل المستويات وفي كل الساحات، بغية تحصين القدرات إزاء العدوان الاسرائيلي المتكرر على قطاع غزة، والمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية.
وتوقف الجانبان عند خطورة اعتراف ترامب بسيادة الاحتلال الاسرائيلي على الجولان، استكمالاً لقراره السابق بنقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس، «وغداً ربما يرتكب حماقات أخرى ويعترف باحتلال العدو للضفة الغربية ويغطي ضمها الى الكيان الاسرائيلي».
واعتبرا أنّ ما فعله ترامب «يشكل عدواناً ليس فقط على الجولان بل على فلسطين وكل العرب، الامر الذي يستدعي إعادة ترتيب أوراق محور المقاومة وحساباته في مقابل التكامل الاميركي – الاسرائيلي المكشوف على مستوى المصالح والأدوار».
ربطاً بهذه القاعدة، وتحت وطأة التحديات المفصلية والمخاطر الاستراتيجية، عُلم أنّ المكتب السياسي لحركة «حماس» يبحث في خيار الانفتاح مجدداً على دمشق وإعادة مدّ الجسور معها، بعد قطيعة طويلة إمتدت من تاريخ اندلاع الازمة السورية والتي رافقها اتهام «حماس» بالتورط في القتال ضد الجيش السوري والإنخراط في محاولة اسقاط النظام.
ويعتقد المتحمّسون في داخل «حماس» لخيار المراجعة انّ الوقت حان لفتح الابواب على سوريا واستئناف العلاقة السياسية معها، وذلك على اساس اولوية التصدي للخطر المشترك والمتمثل في السلوك العدواني لكل من واشنطن وتل ابيب، والذي يستهدف الفلسطينيين والسوريين على حدٍّ سواء الى جانب لبنان وإيران «وما التوقيت الواحد للهجوم الاسرائيلي على غزة والاعتراف الاميركي بضم الجولان الى اسرائيل سوى أحد الأدلّة على انّ المحور المعادي لا يميز بين أهدافه وبالتالي فإنّ المطلوب من محور المقاومة ان يواجه مُجتمِعاً هذا التحدي، بمعزل عن التمايزات أو الخلافات بين بعض مكوّناته».
وتراهن «حماس» على أن يتمكن «حزب الله» من توظيف رصيده الكبير لدى القيادة السورية من أجل تليين موقفها وإذابة الجليد المتراكم الذي يكسو العلاقة بين الحركة ودمشق، الى جانب التعويل أيضاً على دور لإيران في اقناع الرئيس بشار الاسد بفتح صفحة جديدة مع «حماس».
ويؤكد مصدر رفيع المستوى في «حماس» لـ«الجمهورية» أنّ هناك ضرورة في هذه المرحلة لرفع مستوى التواصل والتنسيق بين القوى والدول المنخرطة في محور المقاومة، لتحسين شروط المواجهة ضد الاحتلال الاسرائيلي وحليفه الاميركي، لافتاً الى «انّ الخيارات ليست كثيرة أمامنا، وبالتالي لا بد من إعادة لمّ الشمل وترميم الصف الواحد بغية التصدي للتحديات الداهمة، إذ وكما انّ العدو يرتّب أوراقه علينا نحن أن نرتب أوضاعنا ايضاً».
ويشير المصدر القيادي في «حماس» الى أنّ من الطبيعي «أن نضع ضمن أولوياتنا في هذه المرحلة السعي الى تعزيز التعاون مع كل الجهات المعنيّة في مواجهة التهديد المصيري الذي يُحدِق بالقضية الفلسطينية والحقوق العربية، ومن بين هذه الجهات سوريا، موضحاً أنّ «حزب الله» وإيران بذلا، ولا يزالان، جهداً في هذا الاتجاه».
ويعتبر المصدر انه «لا يجوز أن نبقى متفرّقين او متفرّجين فيما العدو يرصّ صفوفه ويستخدم كل أسلحته في معركته الموجهة ضدنا جميعاً»، مشدداً على «وجوب أن نضع خلافاتنا الثانوية جانباً وأن نحصّن جبهتنا خصوصا انّ كل المؤشرات تفيد انّ الانتخابات الاسرائيلية ستفرز حكومة حرب يمينية، لا بد من ان نكون مستعدين للتعامل مع تداعياتها».
ويكشف المصدر انّ الجانب الاسرائيلي حاول عبر الوسيط المصري وممثل الامم المتحدة في فلسطين أن يربط وقف اطلاق النار في غزة بتقييد مسيرات العودة، بحيث لا تقترب من السياج الحدودي ولا تطلق البالونات او ايّ مواد نارية، «إلّا اننا رفضنا هذا الطرح كلياً، وأكدنا اصرارنا على معادلة وقف العدوان في مقابل وقف الصواريخ حصراً، أما مسيرات العودة فهي مستمرة ونحن نحضّر لواحدة مليونية في ذكرى مرور عام على انطلاقتها ولمناسبة يوم الارض».
ويستبعد المصدر القيادي في «حماس» حصول هجوم اسرائيلي واسع على غزة، عشية الانتخابات الاسرائيلية، و«إلا فإنها ستتأجل إذا قرر نتنياهو الانزلاق الى مغامرة تصعيد كبير، وغير محسوب».