Site icon IMLebanon

هل «التحرّش» بالقوات يؤمّن تشكيل الحكومة؟!

اطفأ التيار الوطني الحر، وحزب الله، محركاتهما المعنية بتشكيل الحكومة، بعد سقوط مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون، وتحوّلت باتجاه ترميم ورقة تفاهم كنيسة مار مخايل، التي تصدّعت بعد تعرّضها للعديد من نكسات سوء التفاهم بين الجانبين، كان آخرها فشل تفاهمهما على من له الحق بجلد الوزير الذي كان يفترض ان يمثل النواب السنّة الستة الذين افرزهم قانون الانتخابات العجيب ليكونوا دمّلا في خاصرة الرئيس المكلّف سعد الحريري، في الحكومة، وفي الطائفة السنّية.

 

التيار والحزب، وجدا أن افضل حلّ لمشكلتهما هو الابتعاد عنها، والتصويب على حزب القوات اللبنانية، فكان ان لجأ التيار الى مهاجمة القوات في مقدّمة نشرات تلفزيونية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، و«تبرّع» اعلاميون محسوبون على حزب الله، بفتح النار على القوات واتهامه بأنه «مرتاح» لخلاف التيار والحزب، ويعبّر عن هذا الارتياح في وسائل التواصل الاجتماعي.

 

كان مستغرباً جداً ان يعمد التيار الى فتح معركة مع القوات، في حين ان رئيس الحزب سمير جعجع، صائم عن الكلام منذ فترة طويلة، تاركاً لمساعي تذليل العقبات امام تشكيل الحكومة، أن تنجح، وبسرعة، قبل الوصول الى الهاوية، كما ان وزراء الحزب ونوابه، منصرفون الى اعمالهم، وبالكاد يصدر عنهم تصريح عن الحكومة، أو غير الحكومة، ووضع قريبون من القوات، هذه الهجمة المفاجئة عليهم، في خانة استكمال حملة «الاحراج للاخراج» ما استدعى ردّاً مختصراً من وزير الاعلام ملحم رياشي، وآخر من قيادي في حزب القوات ريشار قيومجيان، واستياء من مرجعية روحية لعودة التوتر بين الحزبين.

 

* * * * *

 

في خضّم متغيرات متسارعة في سوريا ودول عربية اخرى، لا يمكن للبنان ان يواكب هذه المتغيرات، من دون حكومة، وبأجواء داخلية متشنجة، بمعزل عمّا تعني مقررات مؤتمر «سيدر» من فرصة كبيرة امام لبنان، للنهوض مجدداً عربياً ودولياً، ولذلك لا وقت للدلع، والاهتمام بالمصالح الخاصة، والطموحات المستقبلية، والتفتيش بالسراج والفتيلة عن ثلث ضامن، غير قابل للتحقيق، لأن جميع الكتل النيابية ترفضه، والرئيس المكلّف سعد الحريري اول الرافضين، لذلك فان العمل المجدي اليوم، هو كيف يمكن وقف «تزعزع» الجمهورية، على ما قال البطريرك الراعي، وعلى ما أشار اليه المطران الياس عوده في خطبة الميلاد.

 

كل لبنان في ازمة، واذا كان متعذراً تشكيل حكومة فضفاضة من ثلاثين وزيراً واكثر، لتعالج هذه الازمة، فلماذا الهرب من حكومة مصغّرة او متوسطة، تأخذ على عاتقها الافادة من الفرص المتوفرة دولياً وعربياً واقليميا، وليس بالضرورة ان تبقى الى نهاية العهد، الاّ اذا نجحت وتجرّدت من الدخول في بازارات السياسة.

 

واذا لم يتم تشكيل الحكومة في خلال ايام قليلة ولم «تعجب» الحكومات المصغّرة او المتوسطة، تجّار الحكومات، فلماذا لا تفعّل الحكومة الحالية، بانتظار صفاء النيّات، وانفتاح طريق تشكيل الحكومة، بدلاً من السلبيات التي لا نهاية لها سوى نهاية هذا الشعب «المعترّ» بحكّامه.