IMLebanon

هل يُقرّب الحريري بين موسكو والرياض؟

لا شكّ في أنّ زيارة الرئيس سعد الحريري إلى موسكو بعد انقطاع دامَ نحو 5 سنوات تحمل دلالات عدّة، خصوصاً أنّها تأتي بالتزامن مع مشاورات جنيف في شأن سوريا، والحراك الدولي على خط اليمن.

يزور زعيم تيار «المستقبل» موسكو مطلعَ الأسبوع المقبل، بعد سلسلة لقاءات مع المسؤولين الكبار في عواصم فاعلة في ملفّات الشرق الأوسط . فبعدَ القاهرة والدوحة وأنقرة توجَّه الحريري الى واشنطن فالرياض، حيث التقى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عشية توجّهِه إلى موسكو، الأمرُ الذي يُدرجه مراقبون في إطار حَقنِ الدعم الغربي عموماً، والفرنسي خصوصاً، لِما يسمّى «محور الاعتدال» في المنطقة.

لذلك فإنّ المناخات المحيطة بزيارة الحريري تدلّ على أنّ الرجل يراهن على إحداث خَرقٍ في المواقف الروسية أو انتزاع تعديل بسيط على الأقلّ في نهج موسكو السياسي تجاه الأزمتين السوريّة واليمنية، خصوصاً أنّ الحديث يدور حول مقترحات محدّدة يحملها الحريري في جعبته في ما يتعلق بالأزمة السوريّة.

لكنّ مروحة مواقف موسكو لا توحي بأنّ الكرملين في صدد إعادة قراءة مواقفِه المعلنة، وبالتالي فإنّ لقاءات الحريري في موسكو، إنْ حقّقت شيئاً، فإنّها لن تتعدّى إنهاءَ مرحلة الجَفاء التي سيطرَت على العلاقة معها منذ سنوات.

لكن في المقابل فإنّ برنامج لقاءاته في موسكو الذي يشمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف وعدداً من المسؤولين الكبار في إدارات الدولة، يدلّ إلى أنّ موسكو تدرك جيّداً تعقيدات الخريطة السياسية اللبنانية ودورَ الحريري فيها وتأثيرَه على عوامل عربية عدّة.

إذاً تحمل هذه الزيارة أبعاداً مختلفة وأهدافاً غيرَ معلنة لكِلا لطرفين، لكن بغَضّ النظر عن طموحات كلّ طرف منهما، فإنّ عودة التقارب بين الحريري والجانب الروسي ستؤدّي حتماً إلى انفراجات محلّية، من شأنها أن تفتحَ أبواباً إيجابية جديدة أمام حوار «المستقبل» – حزب الله ، وأن تدفع موسكو إلى بذل جهود أكبر لحَلحلة عقدٍ إقليمية لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.

وتفيد معلومات أنّ الحريري سيَضع خلال زيارته اللمساتِ الأخيرة على صفقة الأسلحة الروسية للجيش اللبناني المموّلة سعودياً والتي تسمَح له الإشرافَ على شراء أسلحة بمبلغ مليار دولار من أصل أربعة، وذلك وفق ما يراه مناسباً بالتنسيق مع قيادة الجيش.

أمّا على المستوى الإقليمي فإنّ الحريري سيشدّد على أهمّية دور موسكو في تحييد لبنان عن نيران الأزمة السوريّة، خصوصاً في ظلّ المؤشرات الميدانية التي تدل إلى اقتراب الساعة صفر من بَدء حزب الله معركة تحرير القلمون.

وعلى الرغم من أنّ أوساط الحريري تشير إلى أنّ الظروف الدولية باتت أكثر نضوجاً لفتح مسارات جديدة في العلاقة مع موسكو، مستندةً بذلك إلى بعض متغيّرات السياسة الروسية، وخصوصاً عدم استخدامها حقّ النقض («الفيتو») في وجه التحالف العربي لدى التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي في شأن اليمن.

إلّا أنّ الديبلوماسية الروسية لم تُظهر أيّ ليونة في مواقفها إزاء النظام السوري المتمثّل بالرئيس بشّار الأسد واعتباره لاعباً أساسياً في أيّ حلّ سياسي للأزمة، ما يتعارَض كلّياً مع أجندة محور الاعتدال ورؤية الحريري نفسِه.

لكن يبدو أنّ العقدتين السورية واليمنية ليستا مؤشّراً كافياً إلى عدم دخول الكرملين، في اعتبار أنّ التقارب المصري ـ الروسي يمكن أن يشكّل عاملاً مهمّاً في تحرّك الحريري للتقريب في وجهات النظر بين الرياض وموسكو، ما قد يؤدّي في المحصّلة إلى إمكانية فتح قنوات تفاهُم حول ملفّات كثيرة في المنطقة، وإلى بداية حراك سياسي على خط موسكو – الرياض وحلفائهما.