لا تتهم أية دولة في العالم، باستثناء دول العالم الثالث او الدول النامية، اعداء الداخل بالوقوف وراء اضطرابات او احتجاجات قد تحصل لسبب او لآخر وما تشهده ايران اليوم من احداث، شهدته فرنسا ودول أخري، لكن الأخيرة لم توجه لا اتهام للخارج بالتحريض او مساعدة المحتجين، مع التأكيد على اختلاف أنظمة هذه الدول، ويُساق هذا الكلام بمناسبة اتهام السلطة الايرانية في أعلى الهرم على تفسير الاحتجاجات في ايران بأنها من صنع الخارج تحضيراً وتمويلاً وتنفيذاً، وهذا بطبيعة الحال خطأ بغض النظر عما اذا كان مقصودا أم لا.
قساوة الحملة
لا ينكر اثنان قساوة الهجمة التي تتعرض لها ايران ويعود تاريخها ربما الى زمن احتجاز الرهائن الأميركية في عهد الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر لكن هذه الهجمة هي عنصر مساعد لأية معارضة ايرانية مفترضة، اذ يبقى الأساس الداخل الذي يفسر ما حصل وما يحصل من أحداث داخل الجمهورية الاسلامية، فآيات الله الذين استلموا السلطة فور نجاح ثورة الامام الخميني فصلوا كأية سلطة حاكمة القوانين والتشريعات على قياسهم واستثمروا العامل المذهبي الديني الى أقصى حد ممكن وذلك لجذب أكبر عدد من الجمهور، وتأسس لحماية هذا الحشد بالحرس الثوري المدافع القوي والرئيسي عن ديمومة النظام.
موارد ضخمة
على رغم ان ايران مواردها ضخمة خاصة النفطية، فهي لم تنجح في معالجة غلاء الاسعار الذي فاق الحد المعقول خصوصاً في العاصمة طهران وفي المدن الكبرى ووصل عدد العاطلين من العمل وأغلبيتهم من الشباب الى رقم عالٍ جداً قياساً على عدد السكان، وهناك عدة أسباب منها نفقات التسلّح التي أخذت وامتصت مبالغ هائلة من الموازنة العامة، ومنها أيضاً اهتمام الحكم الايراني بتقديم مساعدات الى الخارج وتحديداً الى سوريا والعراق واليمن والمنظمات الفلسطينية وحزب الله في لبنان، ولم يكن هذا الامر خافياً على أحد، حيث طالب المحتجون علناً بالغائها.
الآن في ايران مشكلة خطيرة وكبيرة جداً، فقد تكونت عبر سنوات حكم آيات الله معارضة كسرت كل المحرمات وتجرأت حتى بانتقاد مرشد الثورة أية الله علي خامنئي، الذي كان يشكل خطاً أحمر.
تكون المعارضة
لقد تكونت منذ الثورة معارضة بدأت تنشط مع انتهاء الحرب مع العراق، وانضم اليها قسم من ايات الله الذين أطلق عليهم لقب اصلاحيين.
ولكن هل سيسقط النظام؟ على عكس ما يعتقد معارضوه، فهو لايزال يملك ما يمكن تسميته احتياطاً بشرياً واسعاً، ويستطيع تجنيد الملايين وانزالهم الى الشوارع دعماً له، وتلك هي الورقة الهامة التي سيلجأ اليها، في حال شعر بالخطر الفعلي والحقيقي للاحتجاجات، اضافة الى ان مؤسساته الحامية لاتزال فعالة ولم تنهار بعد بمعنى آخر، على ما يبدو فإن النظام يتحضر جيداً لانهاء التظاهرات مع احتمال اجراء بعض الاصلاحات التي لن تطاول على الارجح المساعدات الخارجية لحزب الله وغيره، حتى الآن على الأقل!!