IMLebanon

هل يُشكّل أسر حزب الله لـ 6 من «النصرة» ورقة ضامنة لعودة العسكريين ؟!

تُشكّل المعركة الدائرة اليوم في جرود القلمون نقطة الفصل، أو بداية الحسم بالنسبة لبقاء عناصر التنظيمات الإسلامية المتطرّفة عند حدود المناطق اللبنانية وفي جرودها، وقيامهم بالتالي بتهديد اللبنانيين بالدخول الى مناطقهم، أو نقل الحرائق من سوريا اليها.

فالإنجازات التي يُحقّقها «حزب الله» اليوم دفاعاً عن الأراضي اللبنانية الحدودية مع سوريا، تجعل الأمور تسير في إطارها الصحيح، على ما تقول أوساط سياسية مواكبة لما يجري. وفي رأيها أنّه كان يجب أن يقوم الحزب بها منذ الإشتباكات الأولى التي حصلت في بلدة عرسال بين عناصر التنظيمات التكفيرية والجيش اللبناني، والتي وقع خلالها أسرى للقوى الأمنية اللبنانية في أيدي «داعش»، و«جبهة النصرة».

وإذا كانت المفاوضات مع هذين التنظيمين من أجل إطلاق سراح الجنود اللبنانيين المخطوفين منذ أكثر من ثمانية أشهر، لم تصل بعد الى خواتيمها السعيدة رغم كلّ محاولات اللواء عبّاس ابراهيم، والوسيط القطري، فإنّ ما حصل أخيراً من أسر لستة عناصر من «جبهة النصرة» من قبل «حزب الله» قد يحمل بارقة أمل، على ما ترى الأوساط، لانتهاء عملية اختطافهم على خير وعودة العسكريين سالمين الى ذويهم.

وتُذكّر بأنّه عندما حصلت هذه العملية بأسلوب ملتوٍ، وقام بها الشيخ مصطفى الحجيري الملقّب بأبو طاقية، إذ ادّعى أنّ العسكريين في ضيافته، ليعود فيسلّمهم الى «داعش» و«النصرة»، وليُسجّل هذان التنظيمان انتصارهما «المزيّف» على الجيش اللبناني، طلب الكثير من أهالي الجنود أن يقوم الجيش في المقابل بخطف عناصر من هذه التنظيمات بهدف المبادلة واستعادة أبنائهم. لكن لأنّ الجيش لا يمكنه أن يقوم بعمل مماثل، ويُفاوض مثل هذه الجماعات، قامت المفاوضات على أساس سياسي، وليس عسكري.

من هنا، تؤكّد الأوساط نفسها، أنّ ما قام به «حزب الله» كان يجب أن يحصل بعد أسر الجنود فوراً بطريقة أو بأخرى، وإذا كان هذا الأمر تأخّر، فحسناً فعل الحزب لأنّه أفضل من أن لا يحصل أبداً. وهكذا أصبح بالإمكان اليوم التفاوض مع «جبهة النصرة» ليس على إطلاق عدد من الموقوفين الإسلاميين، بل على أسرى «الجبهة» الذين وقعوا في معركة جرود عرسال الدائرة حالياً.

أمّا في حال لم تشأ «الجبهة» ربط موضوع الأسرى العسكريين بهؤلاء، لسبب أو لآخر، ورفضها ربما إجراء المفاوضات مع «حزب الله»، كون أسرى الجبهة هم حالياً بين يديه، فلا بدّ عندها من متابعة المفاوضات من حيث وصلت اليه سابقاً، وعادت لتتعثّر فيما بعد. ويعود السبب في ذلك، بحسب الأوساط، الى تمسّك العناصر الإرهابية بورقة العسكريين كونها ورقة رابحة تحمي وجودهم في جرود عرسال أولاً، كما تؤمّن لهم فرصة الدخول الى البلدة والمناطق المحاذية الأخرى طالما بقي المخطوفون في عهدتهم.

في المقابل، في حال تمكّن الحزب من تحرير كامل الجرود في عرسال وبريتال وسواهما، فإنّه عندها يكون قد حقّق إنجازاً كبيراً وانتصاراً للبنان على الإرهابيين الرابضين على حدوده. كما استطاع بالتالي أن يجعل من أسرى «الجبهة» الذين في حوزته، ورقة ضامنة لعودة العسكريين المخطوفين، أشاءت الجبهة التفاوض مع الحزب بشأنهم أو لم تشأ، إلاّ أنّها لن تفرّط بحياتهم، لا سيما وأنّ من بينهم أحد مسؤوليها في القلمون الملقّب بـ «العمدة».

المعارك في القلمون وفي الجرود الحدودية لا تزال في بدايتها، وقد تطول إذا ما اعتمدت عملية «الكرّ والفرّ»، غير أنّ الأوساط ذاتها تتوقّع تحقيق الإنتصار من قبل «حزب الله» كونه خبير أكثر من التنظيمات التكفيرية بالمنطقة الجغرافية وتضاريسها. كما أنّ قوّته البريّة مشهود لها دولياً، والإنتصار الذي حقّقه في حرب تموز 2006 على القوات الإسرائيلية هو خير دليل على ذلك. علماً أنّ «حزب الله» يواجه حالياً تنظيمات عدّة منضوية الى ما يُسمّى بـ «جيش الفتح». غير أنّ «الفتوحات» لن تكون من نصيبها هذه المرّة، بل «الإغلاقات»، لا سيما وأنّ الحزب مصرّ على إغلاق باب التهديدات الصادرة عن هذه التنظيمات تجاهه وتجاه لبنان وشعبه.

الأيام القليلة المقبلة سوف تُظهّر الصورة أكثر، وتسمح للجميع بالقيام بحسابات الربح والخسارة، على الأقلّ في هذه المعركة الواضحة المعالم أكثر من المعارك الجارية في الداخل السوري، خصوصاً وأنّه لا يتوقّع لها أن تطول لفترة طويلة بل أن يجري فيها الحسم. ومن المؤكّد عندها أنّه سيصبح بالإمكان التفاوض، بحزم وقوة أكثر من السابق، حول إعادة العسكريين المخطوفين سالمين لقاء إفراج «الحزب» عن أسر الجبهة.