مع تصعيد اسرائيل حملتها لنيل دعم الاكثرية في الكونغرس الاميركي لرفض الاتفاق مع ايران ، تخوض تل ابيب معركتها تلك عبر فروع متشعبة ووسائل عدة. اعلاميا ، مختارة الافلام المصورة مظهرة مواقف الاطراف والتركيز على الهتافات الداعية الى الموت لاميركا واسرائيل ، وابراز ايران وحزب الله كشبكة ارهابية تغطي اكثر من ثلاثين دولة في القارات الخمس بما فيها اوروبا، وميدانيا عبر تفعيل عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية على طول الجبهة الشمالية وصولا الى الداخل الايراني، وتنفيذ عمليات استباقية سواء عبر اغتيالات او تهديدات مستجدة بتصفية علماء ايرانيين.
وتشكل التطورات الميدانية الدراماتيكية والمتلاحقة على جبهة الجولان ، احد ابرز التحديات التي تفرض نفسها على صناع القرار في اسرائيل ،لاعتبارين اساسيين، الاول خوض حزب الله المعارك على الارض بشكل علني في تلك المنطقة الى جانب النظام، اما الثاني فيكمن في قرار تل ابيب بعدم السماح بتحويل جبهة الجولان إلى جبهة قتالية نشطة ضدها بإشراف إيراني ومن خلال الحزب، الامر الذي يعد خطا أحمر لن يسمح بتجاوزه.
عليه فقد فرض الواقع الجديد على الجيش الإسرائيلي دراسة تغييرات استراتيجية في خطة عمله لأن ذلك سيكون له تداعيات إقليمية بعيدة المدى، خاصة بعد سقوط فكرة إقامة حزام أمني، والاتجاه نحو الرد على كل خرق بهجومٍ موضعي نحو مصادر النيران، من جهة، وتنفيذ عمليات استباقية عبر تصفية قيادات «المقاومة» الناشطة على تلك الجبهة، وهو ماحصل في غارتها الاولى التي ادت الى مقتل جهاد مغنية وضابط كبير في الحرس الثوري الايراني، وفي محاولتها الاخيرة لتصفية سمير القنطار المفترض بانه المسؤول العسكري لتلك المنطقة الجولان.
في هذا الاطار نقل عن مصادر أمنية وعسكرية إسرائيلية أن التقديرات الاستخبارية تشير إلى أن حزب الله سيرد على عملية الاغتيال التي نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية قبل أسابيع في القنيطرة السورية. وأوضح التلفزيون الإسرائيلي ان قوات الجيش الإسرائيلي أعلنت حالة التأهب على الحدود الشمالية تحسبا لأي هجوم محتمل من قبل الحزب.ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر أمنية قولها إن من يعتقد ان انشغال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في القتال الدائر في سورية، سيمنعه من شن ردود بحجم المخاطرة في شن حرب شاملة، فهو واهم وعليه أن يعيد حساباته.
في تلك المعركة ، يعتبر الكثيرون ان المعركة ستطول ، وان محكها الاساسي سيكون جبهة الجولان تحديدا ، التي جرى تفعيلها اسرائيليا عمليا منذ لحظة اغتيال «القادة الستة»، حيث المعادلة الصعبة التي تلامس فتح الباب على مصراعيه أمام شبح حرب شاملة،بين الخط الأحمر الذي يعني التدخل عسكريا، أو غض الطرف حاليا، ما يعني خطا أخضر لزيادة جغرافية عمل حزب الله، حيث ينشط حزب الله على بعد 8 كيلومترات فقط من السياج الأمني في الجولان، فإن الأمر لا ينذر بالنسبة لإسرائيل بانهيار قدرة ردعها فقط، وإنما يرسم سيناريو « الكابوس» بنظرها، مع التوحيد الفعلي لجبهتي لبنان وسوريا في جبهة قتالية واحدة تبدأ من الناقورة اللبنانية وتمر من شبعا لتصل إلى درعا جنوبا حتى الحدود الأردنية.
بغض النظر عن الرسالة الإسرائيلية وأبعادها وتوقيتها ، يقول رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي في معرض تقييمه للتطورات «لا شك لدي بأننا سنعود للقتال قريبا على الجبهة الشمالية»، ومن تساءل عن ماهية تحركات الحزب في هذه المرحلة في تلك المنطقة انما ليدرك جيدا محاولات تحويل الجولان إلى منطلق لهجمات وردود على أي غارة إسرائيلية في العمق السوري تستهدف شحنات أسلحة في طريقها لحزب الله، أي خلق جبهة رادعة من جهة يمكنها أن تكون بديلا عن الجبهة اللبنانية، وسط قلق إسرائيلي من الحاصل يتمثل باستنفار مقاتلات سلاح الجو التي تنفذ طلعات يومية ليلا ونهارا فوق الجبهة المتحركة، إلى جانب طائرات الاستطلاع واستنفار القوات البرية أيضاً، بالتوازي مع تدريبات عسكرية تحاكي مختلف السيناريوهات، حيث لفت خلال المناورة الاخيرة التي وصفت بالاكبر ، منذ ايام، تسريب خبر تفكيك الجيش الاسرائيلي لمئات حقول الالغام (من اصل 5000) الممتدة على طول تلك الجبهة من دون ان تعرف الاسباب.
مصادر مقربة من الحزب التي اكتفت بالتاكيد ان القنطار بخير ، اكدت أن السؤال الذي يؤرق الاسرائيليين هو أين وكيف ومتى سيكون الرد على محاولة اغتيال القنطار الفاشلة، مشيرة في هذا الاطار الى أن الرد قد يكون في الجولان، مع تاكيدها أن كل الاحتمالات الأخرى لها نفس قوة احتمال الجولان، وأن القرار يؤخذ بسرية تامة على مستوى القيادة العليا في المقاومة، مضيفة الى ان الحزب يدرك جيدا سعي تل ابيب لجره لرد في الجولان يؤدي إلى إشعال حرب يحتاج إليها اليمين الإسرائيلي في مواجهته للاتفاق النووي الغربي- الايراني، مشيرة الى ان حزب الله ذهب إلى الجولان «لحماية الداخل اللبناني من اختراق الجماعات المسلحة وليس لفتح جبهة ضد إسرائيل بداية».