وحده الحديث عن النفايات وخططتها يملأ الوقت الضائع، متنقلا بين اروقة المقار السياسية والاعتصامات الحزبية عند مداخل المطامر، بحثا عن حلول، يتصاعد جبل ازماتها، وسط انعدام «الحراك السياسي» على وقع اجازة ممدة على ما يبدو لرئاسة باتت في حكم النسيان، وحكومة عاجزة عن اتخاذ قرارات تتناسب وحجم المرحلة تحت وطأة رغبات وشروط القوى السياسية المشاركة التي تهدد بتفريغها وفرطها، ومجلس نيابي تخرق «قيلولته القسرية»جلسات اللجان النيابية لا قواسم مشتركة تجمع اعضاءها، رغم خطورة الأوضاع واستثنائيتها.
ففي غياب أي مؤشر واضح حول التفاصيل، نتيجة «التضليل والتشويش» العوني المقصود على حدّ قول مصادر في 14 آذار، للمرحلة الثانية من خطة التيار الوطني الحر في مواجهة قرار التمديد لقائد الجيش، وفق ما تبين التصريحات والتسريبات، تزداد علامات الاستفهام حول الخطوات التي قد تقدم عليها الرابية، بعدما «نجح» الثنائي الشيعي في احباط مفاعيل المقاطعة الحكومية، حيث الاستقالة غير واردة وميثاقيتها مؤمنة باقرار «استاذها»، وتسأل المصادر الى اي مدى يمكن ان يصل التصعيد بعدما وجدت نفسها وحيدة، مسيحيا وداخل الثامن من آذار، فيما تجربة «عرض العضلات» في الشارع غير مشجعة استنادا الى سيناريو التمديد الثاني ،في لحظة أمنية بالغة الدقة تستوجب الابتعاد عن المغامرات واللعب على وتر العصبيات والغرائز الطائفية.
فجلسة الثامن من ايلول التي ينتظر ان تكشف جزءا من اوراق التيار المستورة ، ما لم يكن قد فجر الحوار الوطني في الخامس منه، حيث حديث المصادر نفسها عن «اعتكاف» يخرج الجميع من احراجه ومخرجا لائقا بعدما بلغت السقوف حدها الاعلى، فتمرر التعيينات على ان يترك لوزراء التيار والطاشناق، توقيع المراسيم لاحقا، حيث هناك سابقة في هذا المجال، وحيث بدأ البحث جديا عن آلية تسمح لرئيس الاركان الجديد بتسلم منصبه ومباشرة مهامه الى حين «شرعنة» الامر بتوقيع الـ24 وزيراً.
واذا كان وزير الدفاع يفضل بت الملف في الاسبوع الاخير من شهر ايلول، عشية انتهاء مدة تأجيل التسريح في 30 ايلول، افساحا في المجال امام الاتصالات الجارية للمعالجة، فان امر واقع جدول زيارات رئيس الحكومة يفرض نفسه على الواقع السياسي، حيث تعتقد اوساط وزارية متابعة ،ان الاسبوع الذي يلي جلسة الثامن من ايلول لن يشهد انعقاد جلسة لمجلس الوزاء ولا الذي يليه، لوجود سلام في الخارج، مع مغادرته في 14 ايلول الى فنزويلا في زيارة رسمية تستغرق يومين ينتقل منها الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية والقاء كلمة لبنان، على ان يعود الى بيروت في 24 ايلول، بحيث يصبح ممكنا عقد جلسة لمجلس الوزراء في الايام الاخيرة منه.
وتكشف الأوساط في هذا المجال عن مسعى «خارجي» يقضي بتاجيل الخطوات الى ما بعد عودة رئيس الحكومة من مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، التي ينتظر ان تشهد على هامشها سلسلة اتصالات يشارك فيها وزير الخارجية ، قد تفضي الى حلول وسط، نتيجة الضغوط الدولية التي ستمارس من اكثر من جهة على محور عدم هز الاستقرار الحكومي او تعريضه للانهيار او التعطيل تحت اي عنوان كان، يسهل ذلك ميزان الجلسة السابقة مع اعتبار كل طرف نفسه منتصراً، فمن قاطع اعتبر خروج الجلسة دون قرارات يعكس صوابية أدائه ومَن شارك أكد أن الجلسات ليست خاضعة لمزاج هذا أو ذاك.
الى هذا المسعى المنتظر، تقول المعلومات ان حزب الله تحرك باتجاه الرابية، حيث نجحت اتصالات الساعات الاخيرة ولقاءاتها، في خفض لهجة التيار التصعيدية، انطلاقا من ان حارة حريك لا تريد في هذا الظرف تطيير الحكومة السلامية لاكثر من سبب واعتبار، وبتفضيله ابقاء «الستاتيكو» المحلي على حاله وعدم خربطته في انتظار اتضاح مسار الأمور في المنطقة.
وفي وقت يؤكد فيه التيار أنه يخوض معركة الحقوق المسيحية، بوصفه ممثلا شرعيا للمسيحيين، اشارت مصادر الرابية الى انه ليس هناك من سقف لتحركاتها، «ذلك أن كل شيء بات واردا لأن الأمر يتعلق بالميثاقية والشراكة الوطنية الحقيقية والكاملة»، متسائلة عن الاساس القانوني الذي تتصرف على اساسه الحكومة، معتبرة ان التهويل بالفراغ في المؤسسات الأمنية والعسكرية ليس إلا مجرد اختراع لتبرير التمديد، وهو لا يمت الى الحقيقة والواقع بصلة، ذلك انه بمجرد أن قدم وزير الدفاع أسماء إلى مجلس الوزراء، وإن من باب المسرحية، فهذا يعني أن لا عودة إلى النص القانوني الذي يجيز تأجيل التسريح، محذرة من الخطر جدا اختزال صلاحيات مجلس الوزراء بشخص وزير الدفاع لأن ذلك يعني أن سلطة التمديد تستطيع تقصير الولاية الممددة كما يريد، علما أن هذا أمر ميثاقي مرتبط بسلطة مجلس الوزراء.