يعتقد سياسيون أنّ الأيام الفاصلة عن موعد جلسات الحوار المتتالية بدءاً من السادس من الشهر الجاري وحتى الثامن منه ستشهد حراكاً يتحدّد في ضوئه مصير هذا الحوار، خصوصاً بعد تلويح رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون بالتوقّف عن المشاركة فيه.
هذا الموقف العوني أثار استياء رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو استياءٌ تزامنَ مع ردّ معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل على عون في ضوء ما شهدته جلسة لجنة الطاقة من نقاش في موضوع إنتاج الكهرباء لتصبح 24/ 24 خلال السنة الجارية، وذلك على خلفية تقصير وزارة الطاقة رغم الخطط التي وضِعت لهذه الغاية منذ أيام الوزير جبران باسيل ولم تنفّذ بالنحو المطلوب أيام الوزير الحالي آرتور نظريان.
ويرى سياسيون انّ الخلاف الذي تجدّد بين بري وعون، يطرح تساؤلات حول ما يمكن ان يتركه من انعكاسات على الحوار، وهل إنّ حزب الله سيبادر في اتجاه تطويقه وإعادة تطبيع العلاقة بين عين التينة والرابية، علماً انّ رئيس مجلس النواب الذي يدير الحوار بين قادة الكتل النيابية، كان أكد في بدايته أنّ تغيّبَ ايّ فريق سياسي عنه بعد عدم مشاركة «القوات اللبنانية» فيه، سيدفعه الى تأجيل هذا الحوار.
ويعتقد هؤلاء السياسيون انّ البعض إعتبرَ موقف عون للوهلة الأولى ردَّ فعل على ما حصل خلال جلسة لجنة الطاقة النيابية من سجال بين وزيري المال علي حسن خليل والطاقة آرتور نظريان حول التقصير في إنتاج الكهرباء، لكنّه في الواقع يتخطى هذا السجال الى رغبة عون في عدم الخوض مع بقيّة أطراف الحوار في البحث عن رئيس توافقي في هذه المرحلة التي تشهد فيها المنطقة تطوّرات ربّما تكون دراماتيكية، خصوصاً أنّ الجلسات الحوارية المتتالية المقرّرة بدءاً من السادس من الجاري ستناقش طويلاً في بند رئاسة الجمهورية الذي يتصدّر جدول اعمال المتحاورين.
فعون كان ولا يزال متمسكاً بترشيحه لرئاسة الجمهورية ولم يخطر له بعد الانتقال من موقع المرشّح الأقوى الى موقع الناخب الأكبر، فيما الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله قال في إطلالته التلفزيونية الأسبوع الماضي إنّ الحزب الى جانبه طالما هو مستمرّ في ترشيحه الرئاسي.
ولذلك فإنّ عون يَعتبر أنّه لم يستنفد بعد فرصته للوصول الى سدّة رئاسة الجمهورية، ولا يرى موجباً الآن للبحث مع الآخرين في خيار الرئيس التوافقي حتى ولو أنّه يَعتبر نفسه الناخب الأكبر في الاستحقاق الرئاسي.
ولذا قد يكون تلويحه بالتوقّف عن المشاركة في الحوار جدّياً، إذ إنّه يعتبر أنّ مجرّد قبوله بمبدأ البحث في الرئيس التوافقي سيكون تنازلاً عن ترشيحه، فيما هو ما يزال يتمسك بهذا الترشيح، ويتوسّم ان تأتي التطورات الإقليمية الجارية في مصلحته، ولا سيّما منها التحرّك الروسي على الساحة السورية.
ولكنّ السؤال الذي يطرحه السياسيون أنفسهم هو: هل إنّ برّي سيبادر الى تجميد الحوار أو تأجيله أو حتى إلغائه إذا توقّف عون عن المشاركة فيه، خصوصاً أنّه كان توافقَ وجميع المتحاورين في الجلسة الأخيرة على الجلسات المتتالية لثلاثة أيام متتالية الأسبوع المقبل؟
يقول هؤلاء السياسيون إنّ الجواب على هذا السؤال سيتبلور حتماً قبل موعد تلك الجلسات، فيما عون يشتبه في وجود رغبة لدى البعض بإبعاده عن السباق الرئاسي عبر «التسوية» التي يُحكى عنها في شأن ترقية بعض ضباط الجيش الى رتبة لواء وبينهم صهره قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، بما يفتح الباب أمام الأخير لتوَلّي قيادة الجيش في العهد الرئاسي المقبل، علماً أنّ بعض القيادات في تيار «المستقبل» و14 آذار تحدّثت في مناسبات عدة منذ أشهر عن أنّه لا يصحّ أن يكون رئيس الجمهورية وقائد الجيش من فريق سياسي واحد، ومن عائلة واحدة.
ولذا يرى السياسيون أنفسُهم أنّه يجب مراقبة ما يمكن ان يقوم به حزب الله من مبادرة على جبهة الخلاف المتجدّد بين حليفيه بري وعون، إذ في ضوء ذلك سيُعرف المصير الذي سيؤول إليه الحوار.