Site icon IMLebanon

هل سيُطالبون حزب الله بالإنسحاب من لبنان؟

ما جرى في جرود بريتال عند الحدود اللبنانية السورية، من مواجهة خاضها مقاتلو «حزب الله» ضد القوى الارهابية التي نفذت «غزوتها» على جرود بلدة بريتال، لم يكن سوى مناورة بالذخيرة الحية نفذها مقاتلو «حزب الله» ضد «داعش» تقول اوساط في 8 آذار، مناورة اسقطت البروباغندا الاعلامية التي بنت «داعش» قوتها على اساسها، فسقطت الاسطورة الدامية التي تُرعِب ولا تُرعَب، وفاجأت المراقبين، وتركت انطباعا اراح الداخل اللبناني من الكثير من الهواجس الامنية التي يعيشها اللبنانيون على اختلاف انتماءاتهم واهوائهم.

وترى الاوساط، بعد المواجهة التي خاضتها مجموعات «حزب الله» في جرود بريتال، باتت مطالبة «حزب الله» بالانسحاب من سوريا، نكتة سمجة، تُرمى من حين الى آخر في السوق الاعلامية والسياسية، من دون ان تلقى اي اثر او صدى، لان الواقع تجاوز مثل هذه الدعوات، بل تصح هنا دعوة الجيش اللبناني وما تيسر من متطوعين واحزاب وهيئات لبنانية والاستفادة من جهوزية «حزب الله» وقدراته العسكرية والقتالية، ابعاد مخاطر القوى الارهابية عن الداخل اللبناني، من خلال تنظيف جرود القرى والبلدات اللبنانية الواقعة على خط الحدود مع سوريا، انطلاقا من جرود عرسال.

فمعركة بريتال وما تركته من تداعيات على مستوى الضربة العسكرية والمعنوية التي اصابت القوى الارهابية، تزامنت بحسب الاوساط، مع التعقيدات الحاصلة في ملف العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى المنظمات الارهابية في جرود عرسال، هذه التعقيدات، ستدفع بالازمة الامنية التي يعيشها لبنان، نحو المزيد من التأزم، وسط مساع حثيثة تقوم بها «داعش» لتفجير الاوضاع الامنية، ولعل اخطرها ما جرى في جرود بريتال، بهدف توجيه ضربة امنية وعسكرية ومعنوية لـ «حزب الله»، لاحراجه في موقفه الذي اعتبر ان مشاركة مقاتليه في سوريا، جاء كعملية استباقية لاي هجوم ارهابي على الاراضي اللبنانية، انطلاقا من الحدود الشمالية.

وتوقفت الاوساط عند الموقف الذي اعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، قوله ان انسحاب «حزب الله» في سوريا يؤدي الى تحرير العسكريين المخطوفين، واستغربت التبريرات التي تعطى لهجوم «جبهة النصرة» على جرود بريتال، على انه رد طبيعي على وجود مقاتلين لـ «حزب الله» في سوريا، وبسخرية، ولا تستبعد الاوساط، ان تتصاعد الحملات على «حزب الله»، وصولا الى دعوته ربما.. للانسحاب من لبنان (!)، على الرغم من التهديدات «الداعشية» بفتح جبهات رديفة لجبهة عرسال، قد تطال في المقبل من الايام قرى وبلدات ذات اغلبية مسيحية.

وسط اجواء التأزم، عادت المخاوف من محاولات حثيثة للقوى الارهابية للقيام بتفجيرات امنية، كتلك التي حصلت في الاشهر الماضية، بالتعاون مع خلايا موجودة في الداخل اللبناني، بعد ان نجحت وحدات الجيش اللبناني من فرض حصار محكم على تحركات القوى الارهابية انطلاقا من عرسال وجرودها، ولفتت الاوساط الى ان اكتشاف الجيش للعديد من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة بكميات كبيرة، التي كانت معدة للانفجار، او ان تلجأ القوى الارهابية الى شن هجمات مباغتة في عدد من النقاط العسكرية التابعة للجيش اللبناني، وقالت المصادر ان اللجوء الى مثل هذه التفجيرات تهدف منه القوى الارهابية الى احداث خروقات امنية تريحها، بعد التضييق الامني والعسكري عليها في جبهة جرود عرسال وبريتال. فالمشهد بات اشبه بسباق بين هجمات «داعش» و «النصرة» لتحقيق خروقات في جبهتي عرسال وبريتال.. وبين المفاوضات المتأزمة، في ظل الابتزاز الداعشي المتصاعد للبنان.

التأزم في ملف العسكريين والتصعيد الامني من قبل «داعش» على جبهتي جرود عرسال وبريتال، اضيف اليه التأزم الذي عكسته المواقف السياسية لبعض قوى الرابع عشر من آذار، ترى الاوساط، ان في حسابات بعض القوى والاطراف السياسية في الداخل اللبناني، من يطمح لاستدعاء الطائرات الاميركية «الشغّالة» على خط ضرب داعش، انطلاقا من الاستفادة من السطوة العسكرية الاميركية في المنطقة، علها تحظى بما لم يحظ به خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز العام 2006، واهمها ضرب بنية «حزب الله» العسكرية المتمثلة بالترسانة العسكرية التي يمتلكها، وبانتشار قوة متعددة الجنسية تكون الولايات المتحدة الاميركية قوتها الرئيسة فيها، وهذا ما كان يؤمن لها اضعاف «حزب الله» وتراجع تأثيره السياسي وابعاده عن الخط العسكري المفتوح بين لبنان وسوريا، الخط الذي يؤمن مشاركته العسكرية في الداخل السوري الى جانب نظام الرئيس بشار الاسد، وقد فات هذه القوى، ان «حزب الله» الذي انخرط في قتال المجموعات الارهابية في سوريا، ينطلق من كونه يواجه ملحقا للعدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006، والذي حقق عليه انتصارا معالمه ما تزال واضحة على الداخل اللبناني.

وتلفت الاوساط الى ان قوى 14 آذار، عادت لتبني رهاناتها الخاطئة لتحسين وضعها الداخلي، مع علمها اليقين من ان لا حياة للقوى الارهابية المتمثلة بـ «دعاش» في لبنان، ولا مصلحة حقيقية لها في انشاء جبهات امنية في الداخل اللبناني، وتسأل لماذا «يذهبون الى الحج فيما الناس راجعة منه»، ونراهم متحمسون لقيام تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية وبمشاركة دول «صديقة» لهم، لمحاربة الارهاب، ويريدون منع «حزب الله» من محاربة الارهاب في المنطقة المتاخمة لحدود لبنان داخل سوريا، لا بل يتبنى البعض مطالب «داعش» التي تشترطها لاطلاق العسكريين اللبنانيين المخطوفين في جرود عرسال، ومنها سحب «حزب الله» من سوريا، او اطلاق ارهابيين تورطوا في عمليات تفجير طالت المئات من المواطنين، من دون ان يتوقفوا للالتفات الى تمركز القوى الارهابية الممثلة بـ« داعش» و«النصرة» في جرود عرسال اللبنانية.