زوار السويداء من المشايخ والفاعليات الدرزية في لبنان يعودون بقناعة تامة ان السويداء وجبل العرب تجاوزا قطوع اغتيال الشيخ وحيد البلعوس، في ظل هدوء تشهده المدينة رغم حالة القلق التي يعيشها كل ابناء الشعب السوري وليس ابناء الطائفة الدرزية فقط.
وينقل هؤلاء الزوار «عتباً» كبيراً على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط. ويصر مشايخ عقل الدروز الكبار على ان الصورة تنقل الى جنبلاط بشكل مغلوط، متمنين عليه ترك دروز سوريا يقررون مصيرهم، ويؤكد هؤلاء الزوار وان جنبلاط لم يتمكن من الوصول الى اي مكسب بعد الانفجار الذي اودى بحياة الشيخ البلعوس، ولم يحقق اي مكسب فعلي او استثمار رغم محاولاته المتكررة لتحويل المناسبة الى منبر ضد النظام وفرصة لاحداث تبدل في المزاج الدرزي في سوريا للانقلاب على النظام السوري، وبالتالي شد العصب الجنبلاطي باتهامات للنظام السوري بالوقوف وراء عملية الاغتيال ووصفه بأشد العبارات، وبالتالي لم يتمكن جنبلاط من شد عصب المشايخ الى موقفه ولم تأت الحسابات مطابقة للبيدر الجنبلاطي للاسباب التالية:
1- ان الاكثرية الساحقة من دروز السويداء تقرّ بالخطر التي يهدد وجودها في الشرق العربي كله من «النصرة» و«داعش»، وتعتبر وجود الجيش السوري في السويداء ضامنا للمحافظة رغم ان الشيخ وحيد البلعوس طرح بعض القضايا التفصيلية والمهمة التي تهم الناس. لكن الامر بالنسبة للدروز في سوريا اعمق من «سرقات ضابط» وشبيح من هنا وهناك، لان الخطر الذي يتهددهم وجودي ولا يعتبرون ممارسات «شرطي» او شبيح او موظف تستدعي انقلابا على النظام السوري والجيش السوري لذا بقيت حركة الشيخ البلعوس محدودة.
2- يتمتع النظام السوري في جبل العرب بقوة، والطرح العلماني للنظام هو الذي يحمي الاقليات، وآل الأسد في سوريا قدموا للدروز كل الاحتضان والرعاية، فيما كل الذين توالوا على سوريا قبل حكم حافظ وبشار الأسد لم يعاملوا الدروز الا معاملة غير لائقة، والشيشكلي جرد 5 حملات على جبل العرب، وبالتالي الطرح العلماني للنظام السوري يعتبرها الدروز ضمانة لهم وبالتالي البديل عن النظام «الذبح بالسيف او بأكل الاكباد» واول من ذبح في مطار الضهور العسكري كانوا من الدروز.
3- الى اي مائدة غداء يدعو جنبلاط دروز سوريا، الى مائدة «النصرة» و«داعش»، وهؤلاء يكفرون الآخرين، ويمارسون كل انواع القتل بحق كل الشعب السوري وينظرون الى الدروز نظرة فيها كل «التحقير» و«الكفر» والالحاد، وهذا ما يعرفه المعارضون حتى، في سوريا ولذلك الشباب الدرزي المعارض هو تحت سقف المعارضة الداخلية الذي تريد الحوار مع النظام وتحسين الاوضاع المعيشية وحرية الرأي وما شابه، وبالتالي اين المعارضة الحقيقية التي «تغري الدروز» 70 الف مرة النظام ولا مرة «داعش» او «النصرة»، الذين ما زالوا يمارسون كل انواع القتل بحق دروز ريف ادلب، رغم كل الضمانات المزعومة، واين هي الضمانات، وماذا فعلت اجتماعات تركيا بتأمين الحماية لدروز ادلب الذي لم يبق منهم سوى الفي شخص من كبار السن فقط.
3- يتمتع النظام بغطاء قوي في السويداء وجبل العرب، وهذا الغطاء قائم على مشايخ العقل الثلاثة، وفاعليات ووجهاء بارزين، كما له آلاف المقاتلين في احزاب القومي السوري والبعث والتوحيد العربي وحماة الديار، وجماعة الشيخ نزيه جربوع والدفاع الشعبي، وهذا الامر يجعل من المستحيل على اي قوة داخلية ان تقوم بمواجهة ضد النظام وحلفائه في السويداء، وفي الليلة الذي اغتيل فيها الشيخ البلعوس تحرك عشرات الشباب ضد مؤسسات الدولة واجهتهم قوى درزية ولم تتدخل القوى الامنية او الجيش السوري.
4- حصل قلق درزي عام بعد اغتيال الشيخ البلعوس جراء عمليات نهب في «سوق الصاغة» وتحطيم محلات وحرق سيارات، وهذا ما دفع الاهالي الى التحرك واعتبروا ان الفوضى مدبرة، وهي لضرب استقرار المحافظة من قبل «الزعران» وهذا ما ادى الى رد ايجابي من الاهالي عبر الالتفاف حول النظام وعدم انفلات الامور.
5- الذي حسم الامور في السويداء ومنع انجرارها الى الفتنة الموقف الحازم لمشايخ العقل ومعهم كل مشايخ سوريا وعدم التجاوب مع دعوة جنبلاط بالانقلاب على النظام او الوقوف على الحياد، وارسل مشايخ العقل الثلاثة في سوريا رسائل الى كبار المشايخ في لبنان شرحوا لهم الاوضاع بدقة، والمحنة التي يعيشونها، وهذا ما أدى الى تجاوب كبار المشايخ الدروز في لبنان مع مشايخ سوريا، حتى ان كبار المشايخ في لبنان لم يقتنعوا بتسجيلات نقلت لهم وادعت كلاما لحافظ بشار الاسد يتحدث فيها عن قتل البلعوس ويفاخر بذلك، حتى ان احد المشايخ الكبار سأل حامل الشريط، كم عمر حافظ بشار الاسد؟ وتبين ان عمره لا يتجاوز الـ10 سنوات وهذا ما زاد في عدم قناعة المشايخ؟
كما جاءت زيارات مشايخ السويداء الى منزل الشيخ البلعوس وكذلك زيارة رئيس تيار التوحيد العربي وئام وهاب الى منزل الشيخ البلعوس برفقة المرجع الابرز للدروز في سوريا الشيخ ركان الاطرش لتهدأ من الامور وتم النقاش بعمق في كل القضايا التي تهم ابناء الجبل.
وحسب ما ينقله الزوار من مشاهدات بأن الموقف السياسي للنائب جنبلاط ودعوته دروز سوريا للانقلاب على الرئيس بشار الاسد ليس له اي تعاطف في سوريا خصوصاً ان دروز سوريا يعرفون ايضا ان اي مواجهة غير محسوبة مع النظام ستكلفهم الكثير ويؤكدون بأنهم أدرى بأوضاعهم وانهم يعيشون ظروفا خطيرة وان «الورقة الدرزية» في السويداء ليست بيدهم. وان كلام بوتين للعاهل الاردني وصل لهم وعنوانه «سقوط السويداء خط احمر وكذلك جنوب سوريا» ويعرفون كل اسرار ما حصل في مطار «الثعلة» وادى الى هزيمة الارهابيين، ولذلك يتمنون على جنبلاط ودروز لبنان تركهم بشأنهم والدعاء لهم للخلاص من المحنة علهم يستطيعون تجاوز المحنة بحكمة ودراية كي لا يدفعوا ثمن اي دعسة ناقصة؟